( الإنتظار على بوابة الموت ) بقلم الأسير أ. باجس عمرو
حياة الأسير كلها معاناة وتعب من أولها إلى آخرها فظروف السجن وحال غرفه السيء سبب كاف لكي يسبب الأمراض للأسرى علاوة على سوء الطعام والشراب والأسير بحكم وجوده بالسجن تختلف قصته مع المرض عن غيره من البشر وسنحاول فيما يلي من سطور أن نسلط الضوء على تلك المعاناة .
حين يشعر الأسير الفلسطيني في السجون الإسرائيلية بالمرض فإن أول ما يخطر بباله هو تناول بعض الأطعمة أو المشروبات التي يظن أنها قد تخفف من مرضه أو تشفيه تماما ، وهذه الأطعمة أو المشروبات أو الوصفات قد يكون سمع بها الأسير من زملائه في السجن أو من خلال تجربته السابقة وتختلف الوصفات حسب اختلاف المرض فما أن يشكو الأسير من مرض ما حتى تبدأ النصائح ،فواحد يقول له عليك بالثوم مع الليمون ،وآخر يقول عليك بالبصل نيئا في كل صباح كما تأكل التفاح وثالث يقول عليك أن تدهن جسمك بالزيت،وتطول قائمة الوصفات وبعد رحلة طويلة مع تلك الوصفات بدون نتيجة يضطر الأسير التوجه الى المتحدث بإسم القسم أمام إدارة السجون المعروف "بالدوبير والذي يقوم بدوره بتسجيل اسمه في الدور إلى عيادة السجن وتبدأ رحلة الإنتظار يومان ، ثلاثة ،أسبوعان أقل أو أكثر ،وحين يأت اليوم المنتظر يتوجه الأسير إلى العيادة هناك يلتقي بالطبيب أو الممرض فيخبره بمرضه دون أن تمتد يد الطبيب إلى الأسير أو يفحصه وقبل أن يتم الأسير شكواه يكون الطبيب قد أحضر الدواء السحري ألا وهو" الأكامول أو أي مسكن آخر من نفس العائلة وبغض النظر عن المرض وموضعه في الجسد فالأكامول هو الخيار الاستراتيجي الأوحد لكل الأمراض ويعود الأسير إلى قسمه وبعد مرور فترة من الزمن وبعد تضاعف الحالة يعود الأسير إلى العيادة بنفس الطريقة سابقة الذكر فهناك يقوم الطبيب بتسجيل اسمه للذهاب إلى المستشفى وإذا كان الإنتظار لا للعيادة لا يستغرق أيام فالانتظار إلى الذهاب إلى المستشفى يستغرق شهورا أو سنوات حتى أن بعض الأسرى يفرج عنه ويعود إلى السجن ثانية ولم يأت موعد ذهابه إلى المستشفى ، أما إذا حالف الأسير الحظ وذهب إلى المستشفى فهذه حكاية أخرى ورحلة معاناة إضافية ينتقل الأسير المريض إلى المستشفى بواسطة البوسطة والتي هي عبارة عن شاحنة مزودة بمقاعد حديدية وتستغرق الرحلة ثلاثة أيام ذهابا وإيابا على الأقل والأسير السليم يصيبه المرض بسبب البوسطة فكيف بالأسير المريض ؟وهناك في المستشفى يتم فحص الأسير أما التقرير ونتائجه فممكن أن يحصل عليه الأسير بعد أيام أو أسابيع من عيادة السجن وفي الغالب تكون النتائج غير صحيحة فكم أسير أظهرت النتائج أنه من مرضى السرطان وهو منه سليم ومعافى وكم من أسير أعطي دواء ثم تبين أن الدواء غير مناسب لمرضه أصلا ،وكم من أسير أجريت له عمليه وهو ليس بحاجة لها .
رحلة طويلة للأسير المريض لا يعلمها إلا الله متى تنتهي ،ويهون عليك المشهد حين تسمع الدوبير وهو ينادي يوم الجمعة على من له دواء أسبوعي من أصحاب الأمراض المزمنة كالضغط والسكر وغيره ،فترى أكثر من ثلثي الأسرى يتوجهون للبوابة لأخذ ذاك الدواء وبعد كل هذا فالأسير الفلسطيني في السجون الإسرائيلية أمام أحد ثلاثة خيارات : أن يصبر على المرض ويتعايش مع الألم ، أو أن يشفى من تلقاء نفسه أو أن يستشهد بسبب المرض الذي يبدأ في كثير من الأحيان بسيطا ثم يتضاعف وتسوء الحالة بسبب طول الانتظار .
سجن النقب الصحراوي ..