الرئيسية / مقالات
ذوي الإعاقة والركض في الهواء مسؤولية من ؟
تاريخ النشر: الأحد 16/10/2016 09:36
ذوي الإعاقة والركض في الهواء مسؤولية من ؟
ذوي الإعاقة والركض في الهواء مسؤولية من ؟

 بقلم – سامر عبده عقروق

أدعي، ونتيجة للعلاقة اليومية مع ذوي الإعاقة في فلسطين من خلال المتابعة الإعلامية والعلاقة اليومية الفعلية  من خلال العمل والتعاون الفعلي واليومي مع عدد من المؤسسات التي تعمل مع هذه الشريحة في المجتمع الفلسطيني، والاطلاع المتواصل على مشاكلهم، همومهم، انجازاتهم، طموحهم وإبداعاتهم، انه لا بد من طرح النقاط التالية عن هذه الفئة ، وللأهمية لا بد ان نشير الى انها تشكل ما نسبته 7% من المجتمع الفلسطيني اي ما يزيد عن 320 الف انسان,

 

وبناء على على ما هو متوفر لهم ، اليا ، من خدمات وحقوق يستطيعون الوصول لها بحرية وأمان ، وتوفر هذه الخدمات ، فأنني اشعر بالأسف والحزن لان جهود هذه الشريحة لم تحقق إلا النذر اليسير من الحقوق، وأتخيلهم كمن يركض في الهواء، ولعل الصورة واضحة حول من يستطيع الركض في الهواء، وهذه عملية صعبة ومن يتقنها يستطيع القفز لخطوة واحدة ومن ثم يهوي إلى الأرض.

 

ما أريد أن أطرحة في هذه العجالة هو مجموعة من الحقائق الفعلية والعلمية التي تراكمت لدى نتيجة للقراءة لعدد كبير من الأبحاث والدراسات حول الموضوع، وكذلك للمتابعة اليومية مع مختلف القطاعات الرسمية، الأهلية وحتى مع القطاع الخاص حول هذه الشريحة، وأود أن لا يعتب علي احد ممن يتولون مسؤولية إدارة اتحادات وجمعيات ذوي الإعاقة في مختلف المناطق الفلسطينية، وكذلك المؤسسات والوزارات ذات العلاقة، ولكي نكون موضوعين لا بد من القول أن أوضاع ذوي الإعاقة في فلسطين لا تختلف كثيرا عن أوضاعهم في مختلف الدول العربية، باستثناء بعض الدول الخليجية.

 

أما عن أوضاع ذوي الإعاقة في فلسطين فأننا لا بد أن نشير إلى التالية:

 

-    أن هناك قصور واضح في أداء مؤسسات وأجهزة  السلطة الوطنية الفلسطينية، الوزارات والمؤسسات، مع هذه الشريحة ولعل أولها هو عدم تطبيق ما ورد في قانون المعاقين رقم 4 للعام 1999 على الرغم من بنوده الرائعة في بعض الأحيان، أو التي تحتاج إلى تعديل في بعضه الأخر، واذكر في هذا الصدد يوم 3/12/2009 ما قاله دولة رئيس الوزراء انذاك الدكتور سلام فياض( وتعهد به في حينه) بالعمل على توظيف ما نسبته 5% في مختلف الوظائف العامة للسلطة، وكان ذلك في الاحتفال المركزي الذي نظمه الاتحاد الفلسطيني العام لذوي الإعاقة في قاعة كلية هشام حجاوي التكنولوجية، جامعة النجاح الوطنية، ولست اعرف الرقم الفعلي لعدد العاملين في السلطة والذي اعتقد انه يتراوح ما بين 190 – 200 ألف موظف، و5% من هؤلاء يتراوح ما بين 9500 – 10000 موظف من ذوي الإعاقة القادرين على العمل، والقادرين على العمل بعد التأهيل البسيط أو التعديل البيئي، الرقم الحقيقي للموظفين في السلطة من ذوي الإعاقة القادرين على العمل بشهاداتهم وقدراتهم المهنية اقل بكثير، بل هامشي، مقارنة بهذا الرقم.

 

ولكن ورغم مرور كل هذه السنوات نجد ان هذه القضية ما زالت تراوح مكانها على الرغم من الرسائل المتلاحقة لرؤساء الوزراء اللاحقين عن الموضوع ، والمشكلة تتفاقم ذلك ان هناك عدد كبير من ذوي الاعاقة قد انهوا دراستهم الجامعة ، ومنهم من حصل على شهادات عليا ، وعلى الرغم من ذلك ما زالوا يواجهون بعبارة غير لائق ، وما زال قانون الخدمة المدنية يوصم بعبارة عاهه لوصف ذوي الاعاقة.

 

والمثير أن القطاع الخاص، وفي معرض رده على عدم توظيف أو استخدام ذوي الإعاقة في مؤسساته يقول، أن السلطة والتي أصدرت قانون وبنود أخرى واردة في مختلف القوانين لا تطبق نسبة 5% ،ولعل الأمر لا يتوقف على هذا الأمر بل ينسحب على كثير من القضايا الإشكالية الناتجة على عدم الجدية في التطبيق، والمتابعة التنفيذية لنصوص القانون المشار إليه.

 

ولعل اكثر المعيقات التي تواجه ذوي الاعاقة في حياتهم اليومية هو غياب مظاهر الموائمة اللازمة لتحقيق الدمج والاندماج في الحياة اليومية لهذه الفئة وتحقيق امكانية الوصول الآمن الى المرافق الحكومية والعامة والخاصة ، وهذه القضية تشكل مشكلة كبيرة ومعيق حقيقي لهم على الرغم من وجود نص واضح وصريح يحمل وزارة الحكم المحلي والبلديات ونقابة المهندسين بعدم ترخيص اي مبنى او مرفق عام الا اذا كان موائما لاستخدامات هذه الفئة ، ولعل الموائمة بمفهومها الاوسع لا بد ان تنعكس في موائمة بيئة العمل وكذلك على السلوك اليومي للافراد والمجتمع بشكل عام.

 

- ونورد مشكلة في غاية الأهمية، وتؤثر بشكل واضح على أوضاع هذه الشريحة وهي، ندرة مؤسسات التأهيل المهني، الوظيفي، والعلاجي بمختلف أشكاله ومحتوياته في الساحة الفلسطينية، ذلك أن عدد المؤسسات التاهيلية والعلاجية لا تتناسب مع عدد من يحتاجون إلى المتابعة من حيث التأهيل المهني أو من ممن يحتاجون إلى العلاجات بمختلف أشكالها، وهذه المؤسسات لا تتجاوز 10 في كل فلسطين، الحديث عن مؤسسات متكاملة.

 

-  ومن الأمور الأكثر تأثيرا على واقع ذوي الإعاقة، والتي اعتبرها أهم النقاط، هي تحول الاتحاد العام الفلسطيني لذوي الإعاقة؟ إلى مؤسسة خيرية تقدم الرز والسكر واللحم والمعونة المالية التي يتم الحصول عليها من المتصدقين والمحسنين في رمضان وأيام الأعياد، أي تحويل هذه الشريحة إلى مستجدين وشحاذين ولكن بأسلوب مؤسساتي، والأجدر بهذه الهيئة أن تعود إلى التالية:

 

1-  العمل على أنها مؤسسة نقابية تدافع، وتطالب وتعمل  لنيل، وتطبيق حقوق ذوي الإعاقة المنصوص عليها في قانون المعاقين، وحقوق أخرى واردة في القوانين الصادرة في فلسطين .

 

2-  تنفيذ حملات توعية لذوي الإعاقة وأسرهم وأهاليهم، والمجتمع بشكل عام، وذلك  للتعريف بقانون المعاقين، والبنود الواردة في القوانين  الأخرى التي تمكنهم من الحصول على حقوق أبنائهم المنصوص عليها في هذه القوانين.

 

3-  إصدار نشرات تحمل معلومات حول العناوين الدقيقة والصحيحة التي يتوجب على ذوي الإعاقة وأهاليهم التوجه إليها للحصول على هذه الخدمات، وذلك حتى لا يضيع جهدهم بين الدوائر والمؤسسات من غير ذوي العلاقة.

 

4-  تنفيذ حملات الحشد والمناصرة المجتمعية من خلال التشبيك العملي والفعلي، وعلى طول العام، وليس فقط قبل بأسبوع، وبعد بأسبوع، من موعد 3/12 من كل عام وهو اليوم العالمي لذوي الإعاقة أو 13/12 وهو اليوم العربي لذوي الإعاقة، والهدف من ذلك توفير الحشد المجتمعي للمشاركة في فعاليات هذه المؤسسات على مدار السنة، وتحويل قضية ذوي الإعاقة إلى قضية مجتمعية يومية يتم تناولها وتداولها بشكل مستمر مثلها مثل بقية القضايا المجتمعية الأخرى، كالأسرى ، والاستيطان وغيرها، ذلك أن عدد ذوي الإعاقة في المجتمع الفلسطيني حسب ما تشير بعض الدراسات يزيد عن 300 ألف، وهذا ليس هو الرقم المتداول والمسجل لدى المؤسسات العاملة في هذا القطاع الرسمية منها والأهلية.

 

5-  تنفيذ حملات التوعية الجماهيرية التي تهدف إلى تغيير توجهات المجتمع بشكل عام، والأهالي بشكل خاص، حول الإعاقة وطرق التعامل معها وطرق رفع مكانتها الاجتماعية بأسلوب علمي مدروس، وهذه يجب أن تبدأ في المنهاج الدراسي الفلسطيني، ويجب أن تساهم به بفعالية ضمن برامجها مؤسسات المجتمع المدني.

 

 

6-  تنظيم مستمر، وعلى مدار العام، للفعاليات الثقافية، والفنية، والرياضية والاجتماعية التي من شانها إظهار إبداعات ذوي الإعاقة وقدراتهم الفعلية على التفاعل والتعامل مع هذه الإبداعات، وهذه الفعاليات يجب أن تنفذ بالمشاركة والتفاعل مع غير ذوي الإعاقة وذلك لتحقيق عملية الدمج الاجتماعي، ذلك أن مثل هذه الفعاليات من شانها أحداث التغيير النوعي في التوجهات المجتمعية نحو هذه الشريحة حين يمكن أن تعرف الجمهور، وتشاهد قدراتها على ارض الواقع.

 

7-  احد أهم الفعاليات التي يجب أن تقوم بها المؤسسة الرسمية، ومؤسسات العمل المدني والعاملين مع قطاع ذوي الإعاقة هو تشكيل جسم موحد في فلسطين، مع وجود ممثلين لهذا الجسم، في كافة المحافظات وذلك من اجل:

 

-    متابعة ومراقبة المؤسسات ذات العلاقة من حيث تطبيق القوانين والأنظمة ذات العلاقة بهذه الشريحة.

 

-         رفع التقارير والتوصيات إلى الجهات الرسمية من رئاسة الوزراء والوزارات المعنية.

 

-    العمل على تفعيل وتطبيق قانون المعاقين والبنود الأخرى في مختلف القوانين ذات العلاقة بذوي الإعاقة.

 

-    العمل مع المؤسسة الرسمية والأهلية على توحيد المصطلحات التي يتم تداولها حول ذوي الإعاقة بمصطلحات وعبارات تحمل معنى الكرامة والإنسانية لهذه الشريحة.

 

-    التعاون مع مؤسسات السلطة لوضع إستراتيجية واضحة لكيفية النهوض وتغيير واقع هذه الشريحة.

 

-    توحيد الجهود ورص النشاطات والفعاليات وتنفيذها بشكل موحد، ذلك أن تعدد المؤسسات وتشرذم نشاطاتها وتبعثرها يؤدي إلى إضعاف النتائج المتحققة على ارض الواقع.

 

وأخيرا وليس أخرا فان هناك حاجة ماسة لان تعمل السلطة على استحداث وزارة، أو مؤسسة عليا لتنفرد بمتابعة قضايا ذوي الإعاقة ضمن منظور وخطة إستراتيجية شاملة، وان يتم تفعيل عضوية الاتحاد العام للاشخاص ذوي الاعاقة في مفوضية المنظمات الشعبية التابع لمنظمة التحرير والصادر به قرار موقع من السيد الرئيس الراحل ياسر عرفات ، وما ينتج عنه من حق هذه الفئة في وجود ممثلين لها في كافة الاطر الرسمية التابعة لمنظمة التحرير ( عضوية مجلس وطني ومركزي وتشريعي وبلديات وغيرها ) ،وكذلك تخصيص جزء من ميزانية السلطة، ووزاراتها المختلفة لتوظيف وتشغيل هذه الفئة من المجتمع، واعتقد أنهم كغيرهم من أفراد الشعب الفلسطيني كالأسرى والمبعدين واللاجئين الذين أفرزت لهم مؤسسات متخصصة يستحقون مثل هذه الخطوة، ذلك أن هناك عدد كبير من الشهداء، والجرحى، والمعتقلين من ذوي الإعاقة الذين كان لهم دور نضالي بارز.

 

اعتقادي جازم أن هناك الكثير من المؤسسات والأفراد من المعنيين بأحداث تغيير في واقع ذوي الإعاقة، وبالنتيجة إحداث تغيير على فرصهم في الحياة والاندماج مع مجتمعهم في التعليم أولا، والعمل ثانيا، والحياة الاجتماعية من زواج ومناسبات اجتماعية ثالثا والقائمة تطول، وكل ما يحتاجونه هو وقفة مؤازرة وفهم أعمق لواقعهم وطرق تغييره، ويد المجتمع بيدهم يمكن أن يركضوا في الهواء دون الوقوع.

mildin og amning graviditetogvit.site mildin virker ikke
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017