الانتخابات المحلية ما بين المنع القسري في القدس و الرفض الطوعي في غزة والخيار الصعب في الضفة .
بقلم سامر عنبتاوي
هل التقسيم و الانقسام قدر للشعب الفلسطيني ؟ هل نقسم بالعدوان و نقسم مختارين ؟ الى هذا الحد مساحة فلسطين كبيرة على مقاسنا حتى نقسمها في مربعات هندسية ؟ عندما غرف العدوان في اناء مساحتنا استطاع الحصول على 78% من الأرض و ترك 22% سميت ب(الضفة الغربية و قطاع غزة) ثم غرف ثانيا فحصل على ما تبقى و قسمه في أوان ثلاث ,, ( شرقي القدس المضموم بدون مواطنين ) و (الضفة المشوه وجهها بالاستيطان و الحواجز ) و ( قطاع غزة المعزول عن أي واقع ) تمهيدا لسكب الاواني في حلة الدولة المزعومة و ترك القطاع يسبح بالكثافة السكانية و العزلة المستدامة .
و بالتأكيد فان هذا الانقسام و التقسيم و يؤثر على بل و يطال كافة نواحي الحياة الفلسطينية حتى ان محاولات بناء الكيان السياسي أصبحت تصطدم بتقسيم المقسم و تجزئة المجزأ , و رغم الموقف من أوسلو و تبعاته الا ان الفلسطينيين اصروا خلاله على ان تبدأ مراحل تسليم المناطق بغزة - اريحا أولا , لربط الحل بوحدانية الضفة و القطاع في الحل النهائي و قد جرت حينها و بعدها الانتخابات على كافة المستويات النقابية و البلدية و التشريعية و الرئاسية في الضفة و القطاع مع استمرار الصراع و الإصرار على اجرائها في القدس و بعدة صيغ و حلول مختلفة .
و اليوم و بعد هذه السنوات الطويلة و التي يفترض فيها تطور المناخ الديمقراطي و الوحدوي للشعب الفلسطيني ,, و بالرغم من مطالب و إصرار المجتمع المحلي على ضرورة ان تجري الانتخابات في كافة المجالات فقد تم تعيين الثامن من تشرين اول الماضي موعدا لها ,, هذا التاريخ الذي سرعان ما اجل لأسباب مختلفة مردها و مرجعيتها الانقسام ,, ليعين الثالث عشر من شهر أيار القادم موعدا لها فينسحب قطاع غزة من حلبة الانتخابات و السبب أيضا الانقسام ,,و تبقى القدس رهينة التسلط و الفرض الاحتلالي ,, و النتيجة انتخابات محلية في الضفة دون القدس و قطاع غزة .
الاحتلال يمنع الانتخابات في القدس و الانقسام يمنعها في غزة و حال المؤسسات و القوى في الضفة في ارتباك مرده سؤال كبير و هام : هل نشارك في الانتخابات التي طالبنا بها مرارا و لو كانت ستجري في الضفة فقط و تساعد بل و تجذر الانقسام ؟؟ ام نقاطع هذه الانتخابات و نبقي مصالح المواطنين و خياراتهم الديمقراطية مرهونة بل مسجونة لحين انهاء الانقسام الذي لا تلوح بوادره في الأفق ؟!
و تم الخوض في نقاش هذه المسألة داخل المؤسسات و الأطر السياسية ليبرز تباين في وجهات النظر حول المشاركة ثم دخل عامل جديد اعقب استشهاد باسل الاعرج و ما تلاه من محاكمات و تظاهرات شبابية سلمية تم التعامل معها بالقمع و استعمال القوة الأمر الذي ارخى بظلاله على توجهات المجتمع المحلي و زيادة حالة الارباك و الحيرة في الموقف المناسب اتجاه ما يجري ,, و هذا ما وجه بعض القوى ( كالجبهة الشعبية ) للإعلان عن مقاطعة الانتخابات المحلية ,, و تعميق النقاش حول الموضوع في اطر مختلفة أخرى ,, لنجد انفسنا امام وضع ننقسم فيه بين الضفة و غزة , بل في الضفة نفسها بين مؤيد ومعارض للانتخابات الامر الذي سيدخل بيوتنا و مؤسساتنا .
ما الذي دهانا ؟! لجنة إدارة غزة و ( حكومة التوافق ) تعود لتصبح حكومة الضفة !! و نختلف على اجراء الانتخابات المحلية فكيف سنتفق على السياسية و التشريعية و الرئاسية و المجلس الوطني والبرنامج السياسي الموحد ؟ ان خطورة ما يجري لا تتعلق بنواحي الديمقراطية و الحريات فقط بل تنال مشروعنا الوطني و وحدة الشعب و الوطن ,, فمن المسؤول عما وصلنا اليه؟! ,, بالتأكيد طرفي الانقسام و ليس الشعب هما المسؤولان , فالشعب يريد الانتخابات و لكن يريد أيضا وحدة الأرض و تلاحم الجميع في وحدة وطنية .
و بعد فما العمل ؟ ان قرار الرفاق في الجبهة الشعبية - و الذي له ما يبرره - الا انه كان يجب ان يدخل ضمن الحوار و الموقف الجمعي و الربط الاستراتيجي بما هو قادم , و ان يبنى على جوهر الرفض بسبب تجزئة الوطن قبل ان يكون احتجاجا على مواضيع تغول السلطة و المحاكمات و القمع رغم أهميتها ,, و هنا لا أوجه النقد للرفاق لمعرفتي بالدوافع خلف القرار و انما ادعو لحوارات جدية تعطي مواقف جمعية تدرس الحالة التي نعيشها بشكل استراتيجي و تهيء لمواقف يلتف حولها الشعب .
الاحتلال يمنع في القدس ,, و حركة حماس ترفض في غزة ,, و المجتمع حيران و مرتبك في الضفة ,, اذا لنجلس نحن الفلسطينيون في الضفة و غزة و نعيد دراسة الموضوع و الخروج بحلول تواجه رفض الاحتلال و تهيء لانتخابات محلية تقود لانتخابات في كافة المستويات ,, او لنعلن للشعب و بصراحة اننا اصبحنا كوريا الشمالية و كوريا الجنوبية و ان مصالحنا الفئوية و الحزبية في الضفة و القطاع اهم من مصلحة الوطن و مستقبله في ظل المرحلة الخطيرة التي نواجهها جميعا ,, و لعل الدكتورة ريما الخطيب تعطينا درسا في المبدأية و نكران الذات لصالح المبدأ .