"اِنسَ الدنيا وريّح بالك
واوْعَ تفكّر في اللي جرى لك"
كلمات أغنية من تأليف مأمون الشناوي عام 1944 هي ببساطة نتيجة أحدث دراسة علمية حول كتم الأسرار وتأثيرها الضار على الصحة.
لعله لا بد هنا من التذكير بمثل قديم يقول: "انسَ الهم ينساك".
أما جديد اليوم فهو دراسة علمية حديثة تؤكد أن الحفاظ على الأسرار قد يكون ضارا بالصحة، لأن العذاب الداخلي يزيد الإجهاد، مما يسبب مشاكل في النوم ويجلب التجاعيد والمرض.
ويقول العلماء إن 95% من الناس يحتفظون في كل مرة بمتوسط 13 سرا، من بينها 5 أسرار دفينة لا يمكن أن يتحدث بها المرء بصوت عال، وفقاً لصحيفة" ديلي ميل" البريطانية.
التفكير في الأسرار
وفي هذا السياق، أكد خبراء من جامعة كولومبيا في نيويورك أن مقدار الوقت الذي يستغرقه المرء في التفكير سرا في سر ما يمثل ضررا أكبر على الصحة من السر نفسه.
وخلص دكتور مايكل سليبيان، المؤلف الرئيسي للدراسة، إلى أن تواتر التفكير في الأسرار، وليس إخفاؤها كان السبب الرئيسي لزيادة مستويات التوتر.
وكان دكتور سليبيان يعتقد سابقا أن وزن السر، أو مدى "سوئه"، يعتبر مساويا لمستوى أقل من الصحة النفسية. إلا أنه وجد، في دراسته الجديدة، أن مقدار الوقت الذي يفكر فيه المرء في سر معين هو ما يؤدي إلى مشاكل على طول الخط.
الأسرار الشائعة والمتكررة
ويقول الباحثون إن أحد الأسرار الأكثر تكراراً هو الأوهام الجنسية عن غير شريك أو علاقات جنسية فعلية مع غير شريك.
ومن الأسرار الشائعة الأخرى التوجه الجنسي، وضعف الصورة الذاتية، والتمويل، وسوء الأداء الوظيفي، والإدمان، واللجوء إلى الإجهاض.
إن هذه الأفكار، التي لم يتم الكشف عنها، يمكن أن تسبب تدفق هرمونات التوتر، مثل مستويات الكورتيزول، التي يصعب كبح جماحها.
ويؤدي ارتفاع مستويات الكورتيزول إلى مشاكل الأمعاء، وارتفاع ضغط الدم، ومشاكل التمثيل الغذائي، ومشاكل جلدية عند المسنين، وضعف الجهاز المناعي.
السيطرة على التفكير
ووجد دكتور سليبيان أن هذه الأسرار يمكن أن تجعل حتى من الأنشطة اليومية الدنيوية عبئاً ضخماً.
ويوضح دكتور سليبيان في تصريح لموقع "أتلانتيك": "إن الأخبار السيئة أن كثرة التفكير في الأسرار يجعلها عبئاً يثقل على الإنسان. أما الخبر السار فهو أن السر الذي يصبح أكثر ضرراً بكثرة تفكيرك فيه، بإمكانك التفكير فيه بقدر أقل، أو تغيير كيفية تفكيرك فيه، وبالتالي يمكنك التخفيف من التأثير السلبي له".
رسائلك الإلكترونية تكشفك
وتؤثر الأسرار أيضا على الطريقة التي نتواصل بها مع الآخرين.
وقد وجدت جامعة ميريلاند من خلال دراسة، تم إعدادها في كوليج بارك عام 2016، أن الناس الذين لديهم أسرار مظلمة يميلون إلى تغيير لغتهم والسلوك عند مراسلة الأصدقاء.
وكشفت النتائج أن كاتمي الأسرار يميلون إلى أن يكونوا نشطين اجتماعيا بشكل أكبر، فضلا عن المبالغة في اليقظة.
وأثناء فترة الاحتفاظ بالسر، فإن هؤلاء الذين لديهم شيء يخفونه، يقومون بإرسال 1.14 رسالة إلكترونية شهريا إلى الأشخاص الذين كانوا يحاولون إخفاء السر عنهم مقارنة بعدد 0.67 رسالة إلكترونية شهريا قبل احتجاز الأسرار.
وكانت هناك أيضا زيادة طفيفة جدا في طول رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بهم.
كما يستجيب كاتمو الأسرار بسرعة أكبر لأولئك، الذين كانوا يحاولون إبقاء سر بشأنهم، وأصبحت سرعة الرد عليهم من 13.1 ساعة، قبل أن يكون لديهم سر، إلى 4.96 ساعة، بعد أن يصبح لديهم سر.
إلى ذلك يستخدمون ضمير المخاطب بشكل هامشي أكثر، ويلجؤون إلى المزيد من الأفعال المضارعة في رسائل البريد الإلكتروني لأصدقائهم.
نقلا عن العربية نت