mildin og amning mildin creme mildin virker ikke">
أخرجت فيديو لدقائق تحدثت فيه عن حكم صوم الطلبة الذين يؤدون امتحانات الثانوية العامة وغيرها، هل لهم الفطر أم الصوم؟ وأجبت بالتالي:
هذا سؤال إجابته ليست حالة عامة، بل هي حالة خاصة، تختلف من شخص لآخر، حسب استعدادات كل شخص وقدرته، فهناك إنسان لا يفقده الصيام أي تركيز ولا قدرة على استعادة المعلومات، وهناك إنسان يؤثر الصيام عليه جدا في قدرته على التركيز والاستعادة والتحصيل العلمي، فالصوم مرهون هنا بالقدرة على الجمع بين الصيام والامتحان، فمن يقدر على الصوم ويستطيع فقد وجب عليه الصوم، ومن لم يستطع فعلا، ويجد مشقة في الجمع بين الصوم والامتحان، ويؤثر على تحصيله العلمي، واستدعاء المعلومة، والتركيز الذهني، فله رخصة الفطر، فقد قال تعالى: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) البقرة: 185.
فقد عقب الله على أحكام الصوم بالتيسير، والشريعة الإسلامية قائمة على رفع الحرج، والتيسير على الناس، ومن القواعد الفقهية المهمة هنا: المشقة تجلب التيسير، وقاعدة: الضرورة تقدر بقدرها. فمن يحتاج لهذه الرخصة تكون لأيام الامتحانات فقط ثم يقضي هذه الأيام بعد شهر رمضان إن شاء الله. ذلك مجمل فتواي.
وقد كتب أخي الدكتور وصفي عاشور أبو زيد، يرفض الفتوى، لاعتبارات غير مقنعة بالنسبة لي، وللأسف ابتعد فيما كتب عن روح المقاصد التي تخصص فيها، وكتب ما يتعارض مع المقاصد تماما. ولست أبغي بتعقيبي هنا، الرد على ما كتب، بقدر توضيح الفتوى وأصولها الفقهية والمقاصدية، فهنا عدة أمور أتناولها بالتوضيح اختصارا بما يتناسب مع مساحة الكتابة، مبتعدا قدر الإمكان عن الإطالة.
فأما من حيث النصوص فقد ذكرتها إجمالا في مقدمة المقال، بقي التفصيل لما أوجزت، وهنا ينبغي أن نناقش عدة أمور، هل الأجر على قدر النصب؟ وهل كل تشريع في الإسلام يرتبط بمشقة ونصب؟ وما المشقة التي تجلب التيسير، وما ضابطها؟ وهل التعليم حاجة من حاجات الناس المهمة، أم ضرورة من ضرورات الحياة؟ وهل أطلقت في فتواي الأمر، أم قيدته بفئة محددة يتوافق معها حكم الرخصة؟ وهل الأفضل للإنسان الأخذ بالرخصة أم بالعزيمة؟
هل الأجر على قدر المشقة؟
وهو سؤال عني به الأصوليون، وأسهب في شرحه بعضهم، فالمشقة ليست مقصدا شرعيا يتغياه الشرع في أحكامه، بل إن كثيرا من الأحكام لا تشتمل على مشقة، والأجر فيها كبير جدا، كبعض الأذكار التي يذكر بها الإنسان ربه، وينال أجرا كبيرا من ورائها، وهذه لا مشقة فيها مطلقا، وهو ما أسهب في توضيحه: أن الأجر ليس دائما على قدر المشقة، كل من: العز بن عبد السلام في القواعد الكبرى (1/43-46)، وابن تيمية في مجموع الفتاوى (25/277-284)، والشاطبي في الموافقات (1/105-122)، والدكتور يعقوب الباحسين في (قاعدة المشقة تجلب التيسير) ص: 257-271. و(رفع الحرج) ص: 135-140.
المشقة المعتبرة شرعا:
فالشرع راعى المشقة التي يقع فيها الإنسان في العبادات، ونماذجها كثيرة جدا، ومنها: جواز تأخير الصلاة بحضرة الطعام، وجواز جمع الصلاة للخباز والطباخ الذي يخشى على الطعام من فساده، لاجتماع مشقة العمل، وإفتاء العلماء بجواز الفطر لمن عمله في أفران الخبز، أو أفران الحديد في الحر، ولم يطالبه الفقهاء بالبحث عن عمل آخر، أو المحكوم عليه بالأشغال الشاقة أن يفطر، وقد كانت العقوبة تقضى بتكسير الحجارة في الجبال، وكل هذه مشقة قد يتحملها البعض، ولا يتحملها البعض الآخر، وقد رخص الفقهاء في حالات في الفطر في رمضان، راعوا فيها جانب المشقة التي يلقاها الصائم، بما يقترب جدا من مشقة الامتحانات، فنجد كلاما للفقهاء في المرأة التي أجرت نفسها للرضاع، بأن ترضع طفلا باتفاق مع أسرته على مال، فهل لها أن تفطر إن وجدت مشقة مع الصوم بأن ينقص من لبنها، أو يتغير طعم اللبن؟ فقد نقل الإمام ابن القيم عن أئمة من الحنابلة جواز فطرها، فكان مما نقله: (يجوز لها أن تؤجر نفسها للرضاع لولدها ولغير ولدها، سواء وجد غيرها أم لم يوجد، فإذا أدركها الصوم الفرض فإن كان لا يلحقها المشقة ولا يلحق الصبي الضرر لم يجز لها الفطر، وإن لحقها المشقة في خاصتها دون الصبي جاز لها الفطر، وتقضي ولا فدية عليها). بدائع الفوائد (4/1356).
وقال ابن قدامة: (وحكي عن بعض السلف أنه أباح الفطر بكل مرض حتى من وجع الإصبع والضرس لعموم الآية فيه ولأن المسافر يباح له الفطر وإن لم يحتج إليه فكذلك المريض، ولنا : أنه شاهدٌ للشهر لا يؤذيه الصوم فلزمه كالصحيح، والآيه مخصوصةٌ في المسافر والمريض جميعاً بدليل أن المسافر لا يباح له الفطر في السفر القصير والفرق بين المسافر والمريض أن السفر اعتبرت فيه المظنة، وهو السفر الطويل حيث لم يمكن اعتبار الحكمة بنفسها، فإن قليل المشقة لا يبيح وكثيرها لا ضابط له في نفسه فاعتبرت بمظنتها وهو السفر الطويل، فدار الحكم مع المظنة وجوداً وعدماً والمرض لا ضابط له، فإن الأمراض تختلف منها ما يضر صاحبه الصوم، ومنها ما لا أثر للصوم فيه كوجع الضرس وجرح الاصبع والدُّمل والقرحة اليسيرة والجرب، وأشباه ذلك، فلم يصلح المرض ضابطاً، وأمكن اعتبار الحكمة، وهو: ما يخاف منه الضرر فوجب اعتباره بذلك). المغني (4/404).
والعز بن عبد السلام الذي وضع مستويات للمشقة، وفصل فيها، في كتابه (القواعد الكبرى) قال عن مشقة الصوم: (وأما المرض المبيح للفطر فينبغي أن تعتبر مشقته بمشقة الصيام في السفر، فإذا شق الصوم مشقة تُربي على مشقة الصوم في السفر، فليُجْز الإفطار بذلك) القواعد الكبرى (2/20).
وقال عن ضابط التوسط في المشقة، وعن اختلاف مراتب المشقة: (وكل هذه تقريبات يرجع في أمثالها إلى ظنون المكلفين) القواعد (2/21).
وقد بين معظم الأصوليين الذين تحدثوا عن المشقة، ولمن يرجع في تحديدها، كي نفتي بالفطر للصائم أم لا، فقد تركوا ذلك للنظر والاجتهاد المبني على العرف. انظر: الوسيط في شرح القواعد الفقهية الكبرى للدكتور أحسن لحساسنة ص: 228،227.
هل التعليم حاجة؟
والسؤال الأهم هنا: هل التعليم في الشهادة الثانوية، وغيرها من الشهادات التي يبنى عليها مستقبل الإنسان، وكذلك معه أمته، هل هو حاجة؟ نعم هو حاجة، ويصل للضرورة كذلك، فما معنى أن نأمر طالبا بالصوم في أوربا، أو في بلد يجد مشقة في الجمع بين الصوم والامتحان، فنشدد عليه بالصوم، فنجد الطالب الملحد، وغير الملتزم، في عداد المتفوقين، بينما من شددنا عليه لأجل عبادة تتحمل التأجيل، والقضاء كما قال تعالى عنها: (فعدة من أيام أخر)، بينما المتدين الصائم، الذي وجد المشقة وخاف من سيف الترهيب من الأخذ بالرخصة في عداد المتأخرين في التفوق، أو الدرجات، في شهادة يعتمد عليها مستقبله العلمي، هل هذا مقبول؟ وكأن العبادة صارت عقوبة ومصادرة للمتدين وليست عونا له؟
الحاجة التي تنزل منزلة الضرورة:
فإذا كان التعليم حاجة مهمة من حاجات الإنسان، وتصل إلى الضرورة الحياتية، فالقاعدة التي استشهدت بها على جواز فطر من لا يتحمل الصوم مع الامتحان، بهذه القاعدة: الحاجة تنزل منزلة الضرورة، وهل هذا يمثل حاجة للطالب الممتحن؟ لقد رتب الفقهاء المصالح لخمس وهي: ضرورة، وحاجة، ومنفعة، وزينة، وفضول. وقالوا عن الحاجة: وصوله إلى حالة بحيث لو لم يأخذ الممنوع لم يهلك، كالجائع الذي لو لم يجد ما يأكله لم يهلك، غير أنه يكون في جهد ومشقة، وهذا لا يبيح الحرام، ويبيح الفطر في الصوم. انظر: القواعد الفقهية وتطبيقاتها في المذاهب الأربعة للدكتور محمد الزحيلي (1/285).
الاستشهاد بكلام الأطباء:
استدل الدكتور وصفي أبو زيد في رده على فتواي بكلام لأطباء كما ذكر للمخ والأعصاب والتغذية، وأنا أرى أن استدلاله ليس مرجعا معتمدا، فليست مواقع الإنترنت مراجع معتمدة للفقيه، يأخذ منها للفتوى، بل هي مصادر غير دقيقة، إذا تجاوزنا واعتبرناها مصادر، ولو صح ما ذكر عن تأثير الصوم الإيجابي على الإنسان، فهل هذا أمر عام في كل صائم، ولماذا يضيق خُلُق أشخاص من الصوم؟ ولماذا يقل أداء كثير من الناس في عمله بالصوم؟ ولماذا عند أوقات ذروة الصوم تحدث الشحناء بين الزوجين، والجيران؟ ليس في كلامي هنا ذما للصوم، بل ما أقصده اعتبار حالات الناس النفسية والصحية من الصوم، وعدم التعميم، ربما لم يتأثر كثير من الناس بالصوم، ولكن هذا لا يعني نفي التأثر عن البقية الباقية وإن كانت قليلة، وهل نزلت الرخص إلا للقلة؟ فالأصل في الفريضة يؤديها الكثرة الغالبة، ويستثنى من ذلك من يحتاج إلى الرخصة.
رسوب ابني أحب إلى من فطره!!
وأعجب تعليق قرأته هجوما لفتواي، من أم كتبت تقول: عندي ابني يرسب ولا يفطر، فإذا كانت حالة ابنها شرعا تجيز له الفطر، فهل تفتي هي في ابنها في أمر لا يحق لها، فالذي يقضي في نفسه هو الابن وليست الأم! وكأنها تزايد على الشرع الحنيف للأسف، وهو ما حدث على عهد النبوة، من الثلاثة رهط الذين تقالوا عبادته صلى الله عليه وسلم، فقال أحدهم: أصوم ولا أفطر، وقال الآخر، أقوم الليل ولا أنام، وقال الثالث: وأنا لا أتزوج النساء. فكان رده بأنه أتقاهم وأخشاهم لله، ومع ذلك، فهو يصوم ويفطر، ويقوم وينام، ويتزوج النساء. لينفي بذلك هذه النظرة، كما أن الفقهاء ناقشوا حكم الأخذ بالرخصة، هل هي أولى أم العزيمة؟ فمن الفقهاء من رجح الأخذ بالرخصة، ومنهم من رجح الأخذ بالعزيمة، والحكم في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: "إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يحب أن تؤتى عزائمه".
هذه نظرات سريعة على الفتوى التي أثارت البعض، وربما أساء بعض آخر بجهل منه بالشرع، فليس لصاحب الفتوى غرض شخصي، بقدر ما هو رأي علمي يوافق الصواب أو يخطئه، لكنه يظل رأيا انطلق من نصوص وقواعد شرعية معتبرة، وهي ليست ملزمة إلا لمن يقتنع بها وبأدلته
نقلا عن الجزيرة مباشر