الرئيسية / الأخبار / فلسطين
راوية الشوا: حياة متميزة ومواهب متعددة بقلم بسام الكعبي
تاريخ النشر: الأربعاء 05/07/2017 09:26
راوية الشوا: حياة متميزة ومواهب متعددة  بقلم بسام الكعبي
راوية الشوا: حياة متميزة ومواهب متعددة بقلم بسام الكعبي

قبل مرضها ورحيلها مساء الثالث من تموز 2017 بسنوات طويلة، نجحَ هذا البروفايل بتوثيق أبرز محطات تجربة النائب راوية الشوا وحياتها الكفاحية اعتماداً على روايتها الشخصية، وقد سجلها الزميل الصحفي حسن جبر مطلع 2006 في غزة. للأسف لم نتمكن من تجديد النص، وظل البروفايل عاجزاً عن الارتفاع لقامة الأحداث الحيوية التي عاشتها النائب الشوا خلال العقد الأخير من حياتها، وبخاصة أنها فازت في الدورة الثانية لانتخابات المجلس التشريعي أواخر كانون ثاني 2006. للمناضلة الراحلة الرحمة، ولشعبنا التحرر والانتصار والعودة.

مساء ليلة باردة انطلقت سيارتنا باتجاه الشرق الى حي الشجاعية بمدينة غزة، بحثا عن منزل راوية رشاد الشوا عضو المجلس التشريعي التي انتخبت للمرة الثانية، اخترقنا شوارع مكتظة في حي من أقدم أحياء غزة التي يعود جذور بنائها الى القرن الخامس عشر قبل الميلاد.
الوصول إلى المنزل لا يحتاج إلى معاناة فقد أشار أهل الحي بسهولة الى بيت الشوا، إحدى العائلات العريقة التي تربعت سنوات طويلة على سدة بلدية غزة وشكلت قيادة سياسية واجتماعية في مراحل مختلفة من تاريخ المدينة.
على بعد 250 متراً من خط التحديد الفاصل بين قطاع غزة والأراضي المحتلة عام 1948م استقر منزل راوية الشوا، تحيطه الأشجار من جميع الجهات لتظلل قصراً وسط غابة كثيفة، كل شيء بدا هادئا في المسافة بين البوابة الحديدية والمدخل .
إستقبلتنا إحدى عاملات المنزل ودعتنا للجلوس في صالة إنبعثت منها أضواء خافتة أضفت على المكان هالة من الجمال متداخلة مع رونق المنزل المرتب بعناية تعلو جدرانه صور متميزة للعائلة توثق مراحل تاريخية مختلفة.
الحديث مع النائب راوية كشف جوانب متعددة في شخصيتها : مزارعة ومعلمة وكاتبة ومصممة أزياء وسياسية ، نشأت في بيت زاده اليومي الاحاديث السياسية، قالت وهي تسند رأسها الى المقعد :" في حياتي كثير من التنوع لا أعرف نمطاً واحداً فقد مارست الزراعة اليدوية والكتابة والتدريس والسياسة ، لو لم أنشط بحقل السياسة في هذه المرحلة ربما انخرط في مجال الإعلام" .
عندما يعمل المرء في الزراعة والتعليم والسياسة وينتقل إلى الكتابة من مقالة وشعر ونثر، ويتعلم إلى جانب ذلك تصميم أزياء فإن ذلك يعطي مدلولات على أن التجربة في بعدها الشخصي والمجتمعي عميقة.
أب غزي وأم لبنانية


أخذتْ بهدوء تقلّب أوراق ذكرياتها:" ولدت في حي الشجاعية بمدينة غزة قبل عام النكبة بقليل وتفتحت عيناي في منزل قاده والدي الحاج رشاد سعيد الشوا، ذلك الرجل الوطني الكبير الذي حاول خدمة شعبه بكل الطرق والأساليب وواجه في ذلك مشاق ومصاعب كبيرة، لكنه بقي مصمماً على مبادئه وأفكاره خدمة لشعبه. أمي سلمى عزت أدلبي سيدة لبنانية الأصل اختارت الزواج من أبي لأنها رأت فيه الثائر، فشاركته المقاومة ونقلت معه السلاح وأحبته كثيراً حتى وفاتها. أنا واحدة من ست أخوة أحتل بينهم الترتيب الرابع وهم زهير وليلى ومنصور وراوية وهمام وعلاء الدين، هذه هي عائلتنا التي ترعرعت معا لتشق طريقها بعد ذلك في دروب مختلفة. كنا أسرة سعيدة نعيش على ما تنتجه أرضنا من محاصيل، لكن عمل والدي في السياسة أثر على تفكير جميع أبنائه وجعلهم يعيشون تجارب غنية ومتعددة، كنت محظوظة بنشأتي في كنف رب أسرة يتمتع بشخصية متميزة، كنا نعتبره قدوتنا ونرى الدنيا تبدأ وتنتهي في ابتسامته التي تبعث الأمل والثقة فينا. مازلت أذكر بدايات طفولتي في سنواتي الأولى، كيف كان البيت معتماً عام 1948م بسبب العدوان على فلسطين عندما تحولت الغالبية الساحقة من شعبنا إلى لاجئين، في تلك الأيام كنت أشعر بشبح الحرب يخيم على المكان، وبدأت أشعر بحجم المصيبة التي حلت بفلسطين من خلال أحاديث أبي وأمي عن النكبة، عرفت تلك الأيام قصصاً عن أبناء شعبي الذين فقدوا منازلهم وأراضيهم جراء استيلاء جيش الاحتلال عليها عقب حرب 1948 ، وتزايد حزني عندما بدأت أرى جموع اللاجئين يجولون شوارع مدينة غزة تائهين يبحثون عن أي شيء يؤويهم، أذكر أن والدي إستضاف أسرتين مهجرتين في ديوان العائلة المتواضع عشت على مقربة منهما فترة طويلة وتعلمت الكثير، كبرت في هذه الأجواء وحين ذهبت إلى المدرسة التي كانت تتكون من مجموعة خيام - تسمى الآن مدرسة مصطفى حافظ –بدأت معارفي تزداد بفضل عدد من المدرسات المتميزات : رائدة الدجاني انتصار الحسيني والمعلمة " نجية " ومديرة المدرسة بهادر صوان التي تركت آثاراًَ ايجابية عميقة عاشت حتى الان في داخلي، كانت المدرسة ورغم بساطتها تعيش أجواءً ثقافية مميزة ترتقي بالتلاميذ إلى مستوى عال من الثقافة والتجارب الأمر الذي جعلني أشكل قطباً مميزاً في فصلي وبدأت أظهر كزعيمة للصف، وتجمع حولي زميلاتي المهتمات بنشاطات فريق كرة الطائرة أو المسابقات الثقافية. لا زلت أذكر وصول مقاتلين إلى المدرسة لجمع التبرعات بهدف تسليح الجيش المصري، في ذلك اليوم تبرعت باسوارة ذهبية تلقيت على أثرها رسالة شكر من الرئيس جمال عبد الناصر" .
تبلورتْ شخصية راوية أكثر بسبب مستوى أسرتها المعيشي الجيد ، إلى جانب الرعاية الخاصة التي كانت تقوم بها المدرسة، الأمر الذي جعلها تسابق سنها وتفكر في تنفيذ نشاطات تفوق قدرة جيلها، حاولت اقامة عالم خاص بها وفكرت مع شقيقها منصور وبعض الصديقات في إنشاء مدرسة وتعليم التلاميذ: "أحضر أخي منصور قنبلة نحاسية من مخلفات الحرب العالمية الأولى، كانت مهملة في ساحة المنزل وتمكنت إحدى الصديقات من بيعها لعائلة مكافحة كانت تجمع الحديد وتعتاش من العمل فيه، وكونت ثروة عندما باع الجيش البريطاني ممتلكاته من الحديد، بعنا القذيفة بستين قرشاً شكلت ثروة كبيرة لنا ، افتتحنا المدرسة بتسجيل عشرة أولاد صغار، وعندما عرف أبي بقصة القذيفة زجرنا رغم تفهمه لتصرفنا الذي لم نكن نقدم عليه لو عرفنا خطورة ما حدث".
إعترفت أنها لم تكن متفوقة في المدرسة وكانت في المتوسط العادي، إلا أنها إمتلكت مهارات كثيرة ومارست أنشطة متعددة :" عندما كنت صغيرة فكرت في تعلم تصميم الأزياء ولهذا جمعت قطعاً من القماش وبدأت في قصها وحياكتها على طريقتي الخاصة،كنت أحصل على الأشياء التي أريدها بسهولة".
إنقسام حول الادارة المصرية
أثناء دراستها الثانوية ظهرت الاحتكاكات بين عائلتها والإدارة المصرية التي حكمت قطاع غزة منذ عام 1948م وحتى عام 1967م، كان القطاع موزعا على فريقين: مناصر للإدارة ومختلف معها: " أبي كان من أبرز المعترضين على أداء الإدارة المصرية التي لعبت فيها المخابرات دوراً كبيراً ومؤثراً، كان أبي يعتبر جمال عبد الناصر رمزاً وبطلاً لكنه كان يرفض ممارسات الإدارة المصرية في غزة لدرجة أنه قال في ذلك الوقت للصحفي المصري الكبير محمد حسنين هيكل : يعيش قطاع غزة تحت إنتداب مصري. وأعترف أن تأثير ارتباط الأب بالسياسة جرنا جميعاً إلى الميدان في وقت مبكر وكانت حياتنا عبارة عن حالة جدل سياسي متواصل، ولم يبق أحد من زعماء فلسطين أو شخصياتها السياسية إلا وجاء بيتنا، إعتبر كثيرون والدي بمثابة زعيم غزة، وعلى هذا الأساس إستقبله زعماء ورؤساء دول كثيرة، ورغم المناخ السياسي للبيت ساعدتنا الأجواء المنفتحة فيه على تعلم أشياء كثيرة، كان والدي مهتماً بأن نمارس هوايات عديدة لنواجه الحياة بثقة، ولم يكن مفاجئاً لنا أن يدفعنا لاكتساب خبرة الرماية والسباحة وقيادة السيارات وكذلك متابعة التعليم العالي، فقد كان إنساناً تقدمياً بكل ما في الكلمة من معنى، واصلت المواظبة على التعلم وبعد النجاح بالثانوية العامة التحقت ب"الأمريكان كولج " في القاهرة وهناك تعلمت مساقات في الأدب والسياسة".
زواج وغربة
تذكر راوية:" أثناء سنوات الدراسة في القاهرة دق موعد الزواج باب منزلنا حين تقدم لخطبتي ابن عمي عون الذي يكبرني بنحو11 عاماً ، وربطتني به مشاعر مودة وحب وكنا نتطلع إلى الزواج ، فوافقت رغم فارق السن الذي لم يكن كبيراً، تملكتني مشاعر جياشة لإنشاء أسرة وشعرت أنها قضية ضرورية، وافقت العائلة على زواجنا لنبدأ معاً رحلة كفاح ونضال شاق، قمت خلالها بمواصلة تعليمي ثم انتقلت مع زوجي عون إلى الكويت حيث بدأنا تجربة مميزة. وصلت معه إلى الخفجي، المنطقة المحايدة بين الكويت والسعودية، عام 1964عندما تعاقد زوجي للعمل كمهندس مع شركة بترول كانت تملكها اليابان. في البداية واجهت مصاعب مختلفة ، كنا ضمن المجموعة الاولى للعائلات التي تصل إلى هذه المنطقة، تركت التجربة تأثيرات عميقة على حياتي ، كانت العادات تفرض على المرأة قيودا كثيرة ومعقدة ولم يكن يسمح لها بالخروج من المنزل أو فتح الباب ، إلا أنني لم أستسلم وعملت مع بعض السيدات على افتتاح المدرسة الأولى في الخفجي وأطلقنا عليها اسم مدرسة الزهور . بدأت علاقاتنا تتسع أكثر مع امتداد القرية التي عشنا بها ، ونشأت علاقة صداقة مع المدرسة اليابانية المجاورة لنا وتطورت العلاقة مع المجتمع الياباني، وفتحت أمامي نافذة على ثقافة مختلفة بأبعادها الإنسانية والروحية، الأمر الذي جعلني أنظر إلى الدنيا بمنظار مختلف،راقبت قيما جديدة لافراد مختلفين وتعلمت جديتهم في العمل واحترام الآخرين، كل هذه الثقافة انعكست على حياتنا المشتركة في الخفجي خاصة أن الله رزقنا بثلاث بنات : سلمى وهناء وندى، أمضينا في الكويت عشر سنوات كانت مليئة بالمغامرة وشكلت حياتي المثالية، تعلمت خلالها الاعتماد على النفس وتنفيذ ما أريد . لا بد من الأعترف بالدور الكبير الذي لعبه زوجي في حياتي، فقد إتاح الفرصة لأتعلم وأكتشف المزيد، لم يكن حجر عثرة أمام تطوري ومحاولة اكتشافي للدنيا وطلبي المستمر بمزيد من المعرفة، كان دائم الاطلاع ويمتلك شفافية كبيرة مازالت تشكل مرجعيتي، كان يخفي خلف سكينته ثقافة واسعة أدهشني".
لم تقتصر ثقافة وعمل راوية في منطقة الخفجي على التعليم والتعلم فقد تعدتها إلى مجال آخر لم تكن تحلم به من قبل .. حقل صيد السمك: " كانت تجربة مميزة وشعرت أنني صيادة ماهرة وأصبح الصيد من أهم هواياتي وكثيراً ما كنت أخذ الصنارة وأذهب إلى البحر لأصطاد وجبة من السمك وأعود إلى المنزل لطهيها وإعدادها، كان الصيد سهلاً وأحياناً كنا نخرج بشكل جماعي ونصطاد بالقرب من الميناء وفي أحيانا كثيرة كنا نتناول السمك على الشاطئ. هذه الهواية كانت تعني لي الكثير اضافة لعملي في المدرسة، كنت سعيدة في غربتي وتفاجأت حين أخبرني عون ذات يوم أننا سنعود الى غزة، وبدون سابق إنذار ودون سبب، عدنا وتركنا خلفنا عشر سنوات من الذكريات والتجارب المميزة التي مازلت أعيشها بكل تفاصيلها".
أمضت راوية وزوجها وبناتها الثلاث عشر سنوات في الخفجي، أقدمت خلالها إسرائيل على احتلال غزة والضفة الغربية وسيناء والجولان عام 1967، و بدأ الوضع يزداد سوءا مع شعور المغتربين أنهم قد لا يعودون إلى وطنهم فلسطين:" عندما احتلت إسرائيل قطاع غزة لم اصدق ما جرى وتخيلت أن الأمر لا يعدو كونه حدثاً عابراً سرعان ما يزول و لم أكن أدرك أن الاحتلال سيستمر 38عاماً".
بائعة ملابس
عادت مع أفراد عائلتها إلى غزة عام 1974م :"بدأ عون العمل في زراعة الخضروات على مساحة أرض واسعة تملكها العائلة ، فيما أفتتحت معرضاً لبيع الملابس في شارع عمر المختار الشهير وكانت أغلب الملابس من إنتاجي، عملي في المعرض كان مميزاً ووفر لي فرصة الاحتكاك مع المجتمع المحلي وشعرت أن عالمي يتسع أكثر، بعد عودتنا إلى غزة رزقنا الله بالابنة الرابعة نجلاء، وواصلت عملي في المعرض مترافقا مع كتابة المقالات الصحفية في "النهار" المقدسية حيث خصصت لي الصحيفة زاوية أسبوعية تحت عنوان "بداية المشوار" ثم انتقلت للكتابة في صحيفة "القدس" تحت عنوان " بداية الحوار " كنت أطرق هموم الناس وأنتقد الظواهر السلبية في مجتمعنا الأمر الذي أكسب مقالاتي أهمية، واصلت الكتابة حتى عام 1997م وعندما تزايدت العوائق أمامي توقفت، وحاولت مراسلة الصحف العربية خارج الوطن إلا أنني لم أشعر بأهمية نصوصي لرغبتي أن يقرأ أهلي وشعبي وجهة نظري، الكتابة شيء مقدس ويجب أن يتحمل الإنسان مسؤوليتها ، وإذا أردت أن تعبر عن رأيك عليك أن تنتقد مباشرة، أعترف أن الكتابة أكسبتني مهارة التعبير عن مشاعري الكامنه داخلي، وساعدني في دقة الصياغة والتعبير كثرة القراءة والمتابعة".
غياب الأب
عاشت سنوات طويلة محاطة برعاية والدها حتى وفاته عام 1988، هذا الغياب ألقى بظلاله على حياة راوية : "لا أستطيع وصف تجربتي مع أبي رشاد الشوا، فهي تجربة سنوات طويلة عمر كامل تعلمت منه أشياء كثيرة في حياته وحتى بعد وفاته، كنت أشعر أنه يدافع عن قضية عادلة ويمتلك الرؤية الثاقبة في كثير من الأمور، كان مدرسة متنقلة ويمتلك الحساسية والجرأة غير العادية متمتعا بروح المبادرة ولا يهزمه شيء ، حتى الآن برغم غيابه الطويل يعترف كثيرون بفضله ويذكرونه خيرا".
لا زالت تذكر كيف شاركت والدها بتنظيم أول تظاهرة احتجاجية سلمية في غزة عام 1982م والتي مهدت للعصيان المدن الذي عبد الطريق للانتفاضة الكبرى عام 1987م :" بدأت معظم أطراف الحركة السياسية وقيادات العمل الوطني نشاطا لمواجهة الإجراءات الإسرائيلية ، وبالفعل نجحنا باغلاق المحال والمؤسسات التجارية والأهلية الأمر الذي أغضب الاحتلال وجعله يخاف من هذه الحركة الموحدة، وبسبب هذه النشاطات تعرضت للتحقيق والاستجواب من رجال المخابرات الإسرائيلية التي اتخذت قرارا بحظر مغادرتي القطاع ومنعي من السفر ،تواصلت الأعمال الاحتجاجية حتى اندلاع الانتفاضة الكبرى عام 1987م ، وما زلت أذكر والدي حين وصفها بانها انقلاب أبيض من الشبان الصغار لأستلام مقاليد الحكم، أعترف أن رحيله ترك فراغاً كبيراً بالنسبة لي ولعائلتنا وللمجتمع المحلي لأنه شكل صمام أمان في مرحلة حالكة السواد، بعد رحيله شعرت باليتم رغم بقاء مبادئه التي كان يعتنقها، بعد غيابه واصلت الكتابة التي شكلت ملاذي في رحلة الحزن وكنت أجتر ذكرياتي على أمل بصيص نور قادم في المستقبل، ولاحت رياح التغيير السياسي والحلول الواقعية التي أطلقتها منظمة التحرير".
مجموعة غزة للثقافة
شكلت مع مجموعة من الشخصيات الأكاديمية والمثقفة من رجال ونساء منبرا حرا من أجل مناقشة القضايا الثقافية والاجتماعية والسياسية:" بدأنا العمل من أجل تشكيل "مجموعة غزة للثقافة " وهي أول مجموعة يتم تشكيلها في أواسط الثمانينيات من أجل العمل الثقافي، بادرت المجموعة لدعوة المجتمع للنهوض والتحرك وتهيئة منبر يساهم في حرية التعبير ويطرح مجمل القضايا التي كانت تثير اهتمامنا، أستضفنا العديد من المثقفين أبرزهم إبراهيم أبو لغد وهشام شرابي وادوارد سعيد حيث عقدت جلسات موسعة في أنحاء مختلفة من المدينة بهدف إفساح المجال أمام المواطنين للمشاركة والتعبير عن الذات خاصة ونحن نعيش احتلالاً أغلق علينا الأبواب ومنع طاقات التعبير الحر عن النفس، وإشراك الرجال والنساء جنباً إلى جنب في النقاش والجدل حول كافة القضايا، وحقيقة ساهم المنبر في إعادة ثقتنا باننا مجتمع متماسك رغم محاولات قهرنا خلال سنوات الاحتلال" .
استمرت في نشاطها داخل مجموعة غزة الثقافية حتى عودة السلطة الوطنية وتبنت مع زميلاتها وزملائها فكرة محاورة الشخصيات الوطنية والسياسية الفلسطينية أمام الناس :" إعتقدنا أننا نجتاز مرحلة إستثنائية يلتقي خلالها المواطنون لأول مرة بقيادات شعبنا، دعونا العميد نصر يوسف الذي كان قائدا للقوات الفلسطينية في أول ندوة وطنية، بعد نجاح التجربة استضفنا الرئيس ياسر عرفات للحديث أمام فتية دون الثامنة عشرة ، رجوته عدم الظهور أمام الفتية بالسلاح الذي تعج به المدينة بكثرة مثيرا استياء الناس، وافق الرئيس على تقليص دخول المسلحين مؤكداً أنه لا يتدخل بهذا الأمر باعتباره قرارا لطاقم الحراسات، وقبل بداية الجلسة قلت له : يا سيادة الرئيس أرجوك مصارحة هؤلاء الفتية بالحقيقة فهم النواة والأمل ويحتاجون من زعيمهم المصارحة التامة، بعد ذلك دعونا الدكتور نبيل شعت عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، وتفاجئت بعدد من الحراس والمسلحين ينقلون مقاعد اضافية إلى مقدمة القاعة ليجلس عليها الوزراء وعلية القوم، إعترضت وقلت أننا نعامل الناس سواسية ومن يأتي أولا يجلس في أي مقعد يريده، وهذا النموذج لا نقبله في مجتمعنا، كررنا دعواتنا للعديد من المسؤولين ثم أصبح الاستمرار في نشاط المجموعة الثقافية أمرا صعبا فجمدنا عمل المجموعة".
رحيل الزوج
مع إغلاق ملف مجموعة غزة الثقافية فتحت صفحة جديدة بشأن ديمقراطية المجتمع المحلي عندما تم تكليف زوجها عون سعدي الشوا بتشكيل البلدية : "قبل عودة السلطة الوطنية عرض الرئيس عرفات على أخي منصور تشكيل مجلس بلدي لمدينة غزة وكنت من أشد المعارضين للمبدأ ، لأنني شعرت أن الوقت والمرحلة تتطلب إحياء الروح الديمقراطية والمطالبة بإجراء الانتخابات على مستوى المجالس البلدية والمحلية، وقبل فشل أخي في تشكيل المجلس البلدي. تلقى زوجي عون عرضا بتشكيله، رفضت قاطعياً وتمسكت بموقفي الداعي لإجراء الانتخابات، لكن مع بدء زوجي مشاوراته حصل سوء تفاهم بيننا، غادرت إلى القدس وبقيت ثلاثة أيام خاطبت خلالها زوجي بخطاب رسمي قلت له فيه أنني لن أدعمه طالما قبِلَ أن يكون رئيساً للبلدية دون إجراء الانتخابات، بعد أيام تعرض زوجي للتهديد اذا واصل اجراءات تشكيل المجلس الأمر الذي وضعني في موقف حرج وحاسم، عدت إلى غزة ودعمته بكل ما أملك شرط موافقة الرئيس ياسر عرفات على تشكيل المجلس من التكنوقراط وليس من السياسيين . وبالفعل كان من حسن حظ مدينة غزة أن يتولى رئاسة بلديتها شخص في مستوى مهنية وأمانة وكفاءة عون الذي استمر في رئاسة البلدية من عام 1996 حتى عام 2001 استطاع خلالها أن يجعل من غزة مدينة جميلة ، لكن الموت خطفه ليغيب عن المدينة التي عمل لأجلها، لم يشكو في حياته من أي مرض على الإطلاق ، لكنه صرخ في إحدى الليالي متألماً، وعندما حضر الطبيب ونقلناه إلى المستشفى، اكتشفنا أن السرطان انتشر بمرحلة متقدمة في جسده ، نقلناه للعلاج في الأردن فأخبرنا الأطباء أنه لن يعيش أكثر من عامين، عدنا إلى القدس وبدأ رحلة علاج تواصلت تسعة أشهر قضيت منها خمسة أشهر متتالية الى جواره لمتابعة علاجه ، واصل عون خلالها إدارة البلدية ومتابعة العمل وكأن الحياة ستسعفه في الأيام القادمة ، لم أكن أتصور حجم القوة التي تدفعه للتخطيط لمشاريع المدينة ، إلا أنه رحل قبل تحقيق حلمه بتطوير منطقة سوق فراس لتصبح منطقة تجارية وثقافية. أستعيد دائما ذكريات جميلة عن زواج دام 37 عاماً، ما زالت كلماته الأخيرة تلاحقني: أستطيع الأعتماد عليكِ في كل شيء خاصة رعاية الأسرة، وقد عهدتك مثابرة قوية ".
الانتخابات التشريعية
عندما أعلنت السلطة الوطنية عام 1995 عن انتخابات تشريعية ورئاسية، بدأت مرحلة جديدة في حياتها:" وجدت نفسي قادرة على خوض غمار السياسة من أوسع الأبواب للتعبير عن إرادة المواطنين رغم معارضتي لاتفاقات أوسلو التي اعتقدت أنها تقودنا إلى طريق مسدودة، آمنت بقدراتي التي تؤهلني لخوض غمار الانتخابات وبالفعل خضت التجربة وحالفني الحظ وكنت إحدى خمس نساء فقط نجحن في الانتخابات الأولى التي عقدت أواخر كانون ثاني يناير عام 1996، اعتمدت بالدرجة الأولى على ثقة المواطن ، ومازلت أذكر قول د. رياض الزعنون الذي أصبح فيما بعد وزيراً للصحة : راوية الشوا نجحت لعملها وأخلاقها ودعم الناس لها. صحيح أن مكانة والدي وزوجي كان أمرا مهماً اسم زوجي، إلا أن العائلة لا يمكنها انجاح مرشح مهما كان عددها، المرشح يحتاج إلى أسس ثابتة وعميقة لاقناع الناخبين بقدرته على تحمل المسؤولية، بعد نجاحي تركزت أولوياتي على عدم التنازل عن القضايا التي أعلنتها في برنامجي الانتخابي وخاصة الحفاظ على سلطة القانون، وهو أمر اصطدمت به في اليوم الأول بأروقة المجلس عندما لم يطبق أعضاء التشريعي القانون الأول الذي سنه الأعضاء بمنع التدخين داخل القاعة، بالفعل شعرت أن المناخ العام داخل المجلس لا يبعث على التفاؤل لضمان إقامة دولة العدل والقانون ، وبدأ جليا بتعامل السلطة التنفيذية مع المجلس التشريعي برغم أن ثمانين بالمئة من وزراء الحكومة نواب، لكن للأسف خضعوا بشكل كامل للسلطة التنفيذية بكل ما تحمله الكلمة من أبعاد ، وجدنا أنفسنا أمام رئاسة مجلس تشريعي تشكل ذراعاً أميناً للسلطة التنفيذية بعكس ما يجب أن يكون".
معارضة برلمانية
آثرت راوية في البداية المشاركة بعضوية اللجنة السياسية للمجلس التشريعي طمعاً في أن تمارس اللجنة السياسية عملها وتقدم الرأي الجاد والمشورة من أجل تطوير الاتفاقات والمعاهدات الموقعة ،بمشاركتها اعتقدت أن مهمة اللجنة تقديم الأفكار والمشاريع لصناع القرار ليأخذوا بها بهدف تطبيقها :" وجدت عكس ذلك ولم يتعد التقرير الذي كانت تعده اللجنة السياسية أكثر من كونه مقالة في صحيفة مؤيدة للحزب الحاكم ، مما دفعني للاعتراض داخل اللجنة والاعلان أننا ندور في حلقة مفرغة وما نقدمه لا يؤخذ به ، وهذا دفعني في وقت لاحق إلى الانتقال إلى لجنة الرقابة وحقوق الإنسان والتي تميزت بأنها من اللجان المهمة وينشط المشارك بضمير، وبالفعل عملت اللجنة برئاسة كمال الشرافي وانخرط في عضويتها مجموعة من النواب " المشاغبين " الذين كانوا يأملون بالتغيير وخدمة الناس بشكل أفضل ومواجهة حالات الفساد والإفساد، فتحت لجنة الرقابة ملف الفساد وقضية الطحين الفاسد وأيضا ملفات الاحتكار، وشكل تقرير هيئة الرقابة العامة مفصلاً هاماً في عملنا حيث طلبنا محاسبة كل من وردت أسماءهم في التقرير الذي غطى ثمانية بالمئة فقط من مجمل مؤسسات الدولة، لكن السلطة التنفيذية أدركت أن التقرير سيضر بها أمام الدول المانحة فسارعت إلى إغلاق الملف إلى الأبد، في ذلك اليوم شعرت أن رئاسة المجلس اتفقت مع السلطة التنفيذية وأخضعت التقرير للتصويت حيث صوت فقط 29 نائباً ضد قرار إغلاق التقرير في حين صوت باقي الأعضاء للأسف مع إغلاقه، هذا القرار شرع الفساد ورسخ نهجه كمفهوم، على خلفية ذلك أعلنا تشكيل كتلة التحالف الديمقراطي من ستة نواب : راوية الشوا، حسن خريشة، معاوية المصري، فخري التركمان، رأفت النجار وعلي أبو الريش، كانت أول الكتل البرلمانية التي حاولت أن تشكل دفعة إلى الأمام، وحرصتُ على وحدة المجلس واحترامها لمختلف الآراء والاجتهادات والتزامها بالأصول والقواعد الديمقراطية، وطالبت أن يلعب المجلس التشريعي دوراً واضحاً وأساسياً بشأن توحيد التشريعات والقوانين والمرجعيات في الضفة الغربية وقطاع غزة، إضافة إلى المطالبة بالإسراع في اعتماد القانون الأساسي بما يضمن تحقيق فصل السلطات من حيث المبدأ، وتحديد الفواصل بين السلطات الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية على أساس ضمان استقلال القضاء ونزاهته بشكل يفضي إلى بناء جهاز قضائي ينسجم وتطلعاتنا المشروعة في إقرار سلطة القانون" .
لعبت كتلة التحالف الديمقراطي دوراً أساسياً وهاماً في اصدار بيان العشرين بتوقيع عشرين شخصية فلسطينية طالبت الرئيس ياسر عرفات بمحاربة الفساد وقالت رأيها في كثير من القضايا والمسائل الحساسة :" بعد صدور بيان العشرين الذي كان مفصلياً ثارت ثائرة السلطة وعاملونا كأننا خارجين عن الصف الوطني، تعرض معظم الموقعين للاعتقال، وصدر قرار باعتقال الموقعين من المجلس التشريعي، وكاد أن ينفذ لولا تدخل الرئيس الحالي محمود عباس، حين دخل صدفة إلى مكتب الرئيس الراحل ياسر عرفات، وسمعه يعطي أوامره إلة مدير الشرطة في تلك الفترة غازي الجبالي لاعتقالنا، واعترض قائلا أين أنتم ذاهبون؟ إن الذين تريدون اعتقالهم برلمانيون وحقوقيون فأوقفوا أوامر الاعتقال. حاول أحمد قريع رئيس المجلس التشريعي أن يثنينا عن توقيعنا على البيان فرفضنا، وحقيقة بلور بيان العشرين موقفي وأصبحت من رموز المعارضة المستقلة " .
ساهم العمل البرلماني في تنمية وتطوير قدراتها بل أصبحت تمثل النساء خير تمثيل دون اللجوء للانخراط بشكل مباشر في الترويج لحقوق المرأة :" مواقفي في المجلس التشريعي حملت مدلولات كثيرة على صعيد المرأة وحين يتحدث الجميع عن المرأة لا أنخرط بشكل مباشر في الترويج لحقوق النساء، لأنني كامرأة لعبت دوراً له قيمة كبيرة في العمل السياسي والمواقف المناهضة لكل ما هو خارج عن القانون، وفي النهاية أنا امرأة وأمثل هذا القطاع الحيوي المهم في المجتمع الفلسطيني".
أمضت راوية عشر سنوات متواصلة في العمل التشريعي وحاولت أن تصنع شيئاً للمستقبل بعيداً عن الشعارات والخطب الرنانة :" ساهم المجلس في مرحلته الأولى في التأسيس لتقاليد برلمانية وشكل أهم مؤسسه سياسية للمجتمع الفلسطيني بفعالية أعضائه حتى غير المرضي عنهم، نشطت خارج الوطن كانت أغلبها زيارات ايجابية شرحت خلالها أبعاد القضية العادلة، لكن غياب الأطياف السياسية الأخرى في المجلس قلص الرواية المغايرة مما ساهم في تقليص أفاق الحوار، إلى جانب احتكار رئيس المجلس بأسلوب دبلوماسي القرارات ليشكل رافعة للسلطة التنفيذية، وبرغم ذلك كله ومع محدودية أصواتنا تحدثنا في كل الجلسات، وسجلنا معارضتنا للعديد من القرارات".
لم تكن تمتلك راوية أية خبرة في العمل البرلماني، إلا أنها استطاعت تثقيف نفسها والتزود بالخبرات اللازمة من أجل خوض هذه المعركة : "كانت لدينا خلفية سياسية موسعة حول أداء برلمانات العالم ، إلا أن التجربة كانت مختلفة في بداية العمل لان معظم الحوارات والنقاشات لم تتجاوز مراجعة القوانين من حيث اللغة والصرف والنحو، كنت أشعر بالدهشة وأقول إن التصحيح اللغوي ليس من عمل المجلس، وطالبت أن يتم التدقيق في المحتوى القانوني. تركزت مداخلاتي في القضايا المهمة كالمطالبة بحقوق المواطن أو إعطاء مزيد من الحقوق وتصحيح أخطاء القانون، وهذا أكسبنا خبرة لا يستهان بها في القضايا الإجرائية للجلسات وصياغة القوانين والعمل على توضيح محتواها بلغة سلسة تعالج الواقع المعاش. هذا العمل تعزز أيضا مع إتاحة المجال لنا بالسفر إلى معظم برلمانات العالم والمكوث هناك عدة أسابيع من أجل تطوير التجربة الفلسطينية، ونقل تجارب البرلمانات الأخرى، كان يتخلل هذه الزيارات محاضرات مكثفة في سن القوانين والتشريعات وآلية التصويت عليها، الأعوام الأربعة الأولى كانت بحق سنوات التعلم والتكيف والفهم لدور برلمان محدود الصلاحيات، ذلك أن معالجة القضايا السياسية تركت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وخلق هذا إلتباس حقيقي في سير الجلسات؛ مما جعل كثير من اللجان تعمل بمعزل عن ولايتها خاصة في اللجنة السياسية" .
نشاطها في لجنة الرقابة وحقوق الإنسان كان حيويا، خاصة أن اللجنة جمعت داخلها ستة عناصر برلمانية من " فلول المعارضة " المتناثرة في المجلس، وتجمعت تحت اسم كتلة التحالف الديمقراطي: "لكن عدم وجود أطياف سياسية داخل المجلس التشريعي قلل من حيويته وقدرته على التأثير، شعرت أن المجلس سيكون محدود الصلاحيات أدركت بضرورة الاجتهاد وفتح أفاق جديدة لنفسي، فركزت على ثلاث قضايا مهمة، أولها إعلان موقفي السياسي عبر بيان صحافي اسبوعي حول القضايا الراهنة، أحتفظ حتى الآن بأرشيف كامل للبيانات الصحافية توثق الاحداث كافة، وثانيا ركزت على التواصل مع الجمهور عبر لجان الأحياء والدواوين العائلية والجمعيات الأهلية، وكذلك الزيارات الميدانية للمدارس، والاهتمام بالعمل التنموي داخل الأحياء عبر بناء عيادات ومدارس ومتنزهات، إلى جانب الاجتماع مع حلقة من القانونيين وأساتذة الجامعات المتخصصين في سن القوانين حيث ناقشنا القانون الأساسي للسلطة الوطنية الذي اعتبر دستوراً للشعب الفلسطيني" .
عرضتْ راوية نصيحة لزميلاتها المنتخبات في الدورة الثانية للمجلس التشريعي: "يجب العمل من أجل تعديل وتصحيح مفهوم من هو النائب، للأسف يعتبره المواطن مصدرا للوظيفة والرزق ومدخلا لضمان تحويلة للعلاج في الخارج، كذلك يجب التحلي بالصدق ومصارحة الجمهور بالحقيقة وعدم الادعاء بغير ما يستطيع النائب تقديمه، الأمر الذي يخفف من وطأة المسؤوليات التي ينوء بها كاهل النائب"


ودعتْ النائبات إلى ترتيب برنامج زيارات دورية للمناطق الحيوية مثل المدارس والمستشفيات والأحياء الفقيرة والمراكز الثقافية مع التركيز على قضية أو اثنتين لتكون محور النائب بعيداً عن التشتت في العموميات، اضافة الى التواصل مع العالم الخارجي ومد شبكة من الصداقات والمعارف مع البرلمانات العالمية واستغلال فرصة وجود الرؤساء والشخصيات ذات التأثير السياسي العالمي من أجل اعداد مذكرات تشرح أبعاد الأوضاع في المنطقة.
في الدورة الانتخابية الثانية للمجلس التشريعي التي عقدت في الخامس والعشرين من كانون ثاني 2006 فازت راوية بعضويته :"عندما بدأ الحديث عن إجراء الانتخابات التشريعية الثانية شعرت أنه يتوجب علىَّ اكمال المشوار خاصة وأنني أملك ما يمكن تقديمه للقضية، أعترف أن اتخاذ قرار خوض الانتخابات لم يكن سهلاً في ظل حالة الاستقطاب الحادة التي يشهدها المجتمع الفلسطيني خاصة للمستقلين، لذا حاولنا تشكيل تجمع ديمقراطي من شخصيات مركزية مستقلة، إلا أننا فشلنا فقررت خوض الانتخابات بشكل مستقل قبل عرض مصطفى البرغوثي الانضمام لقائمة فلسطين المستقلة، وافقت شريطة أن أضمن المقعد الثاني وهذا ما كان، وخضت الانتخابات ونجحت".
تعمل راوية بجهد من أجل تحقيق برنامجها الانتخابي الذي نالت عليه أصوات الجمهور وأعادها ثانية الى أروقة المجلس التشريعي .. هل تنجح في ظل الاستقطاب الحاد داخل المجلس الجديد ؟ هل تعتبر نفسها مستقلة تماما في ظل ظهور بوادر خلاف مع كتلة فلسطين المستقلة التي يقودها مصطفى البرغوثي ؟ أسئلة ستجيب عليها تفاعلات الاحداث التي تعصف في الوطن، لكن الثابت أن راوية نائب تمتلك تجربة برلمانية جيدة ولديها قدرة على خوض التجارب الجديدة رغم صعوبة الواقع.. امرأة عاشت حياة متميزة وأثبتت أنها تمتلك مواهب متعددة . (انتهى)
فصل من كتاب بعنوان (رائدات من بلدي) بروفايل رقم 2. المحرر بسام الكعبي. صدر عن طاقم شؤون المرأة (رام الله) الطبعة الأولى، نيسان 2006. تناولت النصوص مسيرة عضوات أول مجلس تشريعي منتخب مطلع 1996 في الضفة الغربية وقطاع غزة: انتصار الوزير، جميلة صيدم، حنان عشراوي، دلال سلامة وراوية الشوا.
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017