الخرطوم/ نازك شمام/ الأناضول
تتضاءل فرص الجنيه السوداني في الحصول على استقرار امام بقية العملات الأجنبية الأخرى، بعد قرار الإدارة الأمريكية تأجيل رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان لمدة ثلاثة أشهر.
ومنذ إعلان القرار نهاية الأسبوع الماضي، واصل الجنيه السوداني هبوطه أمام الدولار الأمريكي في السوق غير الرسمية (الموازية)، ليبلغ سعر شراء الدولار في المتوسط 21.7 جنيها مقابل 19.4 جنيها قبل قرار التأجيل، بينما استقر سعر الدولار الرسمي ببنك السودان في حدود 6.9 جنيها.
وبدأ تراجع الجنيه السوداني منذ انفصال جنوب السودان في 2011، وفقدان ثلاثة أرباع آباره النفطية وتقدر بنحو 80 بالمائة من عوائد النقد الاجنبي و50 بالمائة من الإيرادات العامة.
وقال خبراء اقتصاد، في أحاديث مع "الأناضول" إن توقعاتهم ترجح استمرار ارتفاع اسعار الدولار أمام الجنيه السوداني في ظل المعطيات الاقتصادية الراهنة، مالم تتدخل الحكومة السودانية بإجراءات عاجلة.
أسباب نفسية
وقال هيثم محمد فتحي، الخبير الاقتصادي، إن ارتفاع أسعار الصرف في الأسواق الموازية لن يتوقف إذا لم تتوازن معدلات الصادرات والواردات بالبلاد.
وتدنت صادرات السودان العام الماضي إلى 4.7 مليار دولار، لأسباب تتعلق بانخفاض قيمتها في الأسواق العالمية فيما سجل حجم الواردات 8 مليارات دولار.
ويستورد السودان أغلب السلع الاستهلاكية، علاوة على الخدمات من الخارج بما يعمل على ارتفاع الطلب على العملات الاجنبية.
وأضاف فتحي، في حديثه مع "الأناضول"، أن الطلب على الدولار يتزايد من قبل المكتنزين له.
وأكد على أن قيمة الجنيه السوداني لن تهبط خلال هذه الايام، وفق اسباب نفسية مثل اعلان الولايات المتحدة الامريكية تأجيل رفع العقوبات حتى اكتوبر القادم.
وأمر الرئيس الامريكي باراك اوباما في يناير / كانون الثاني الماضي برفع العقوبات الاقتصادية، على ان يدخل القرار حيز التنفيذ في يوليو/ تموز الحالي كمهلة تهدف لــ "تشجيع حكومة السودان على المحافظة على جهودها المبذولة بشأن حقوق الانسان ومكافحة الارهاب"
لكن مكتب مراقبة الاصول الاجنبية (أوفاك)، أصدر رخصة عامة تتيح استئناف المعاملات المالية والتجارية خلال هذه المهلة.
غير أن الادارة الامريكية الحالية اصدرت قراراً الاسبوع الماضي أرجأت فيه البت في رفع العقوبات بشكل دائم على السودان في الثاني عشر من شهر أكتوبر/تشرين الاول القادم.
ارتفاع الأسعار
وقال مالك جعفر، رئيس غرفة المستوردين، إن حركة استيراد البضائع انحسرت خلال الست أشهر الاولى بنسبة 50 بالمائة من الفترة المماثلة للعام الماضي.
وانتقد مالك، في حديثه مع "الاناضول" استمرار ارتفاع اسعار الصرف دون وجود تدخل ملموس من قبل الحكومة السودانية، الامر الذي ادى الى انحسار حركة الصادر والوارد بالبلاد.
ودعا الى اهمية اتخاذ اجراءات عاجلة من قبل بنك السودان، عبر ضخ كميات من النقد الاجنبي الى المصارف، لمجابهة الطلب العالي على الدولار ومحاولة ايقاف ارتفاع الاسعار.
وبنهاية العام الماضي اتخذت الحكومة السودانية عدة اجراءات، كان من بينها تعويم جزئي للدولار مقابل الجنيه بهدف تقليل الفجوة بين الأسعار الموازية والاسعار الرسمية.
وأكد حازم عبدالقادر، محافظ البنك المركزي، في تصريحات صحفية الاسبوع الماضي استمرار توفير النقد الاجنبي لتغطية الالتزامات المتعلقة باستيراد السلع الاستراتيجية مثل المواد البترولية والادوية والقمح.
طلب مرتفع
من جانبه، قال محمد الجاك استاذ الاقتصاد بجامعة الخرطوم، إن قرار الادارة الامريكية ليس سببا رئيسيا في ارتفاع اسعار الدولار مقابل الجنيه السوداني.
وأكد الجاك، في حديثه مع "الأناضول"، على وجود طلب مرتفع من جانب طالبي العلاج بالخارج على الدولار والذين لا يستطيع البنك المركزي الايفاء بكل التزاماتهم فيلجأون الى الاسواق الموازية مما يرفع الطلب على النقد الاجنبي.
ويعمل البنك المركزي على توفير مبالغ محددة لعدة اغراض من بينها العلاج بالخارج وتوفير رسوم الدراسة لطلاب السودانيين والتزامات حجاج بيت الله الحرام.