كنت طالبة في المرحلة الابتدائية عندما شاركت في رحلة مدرسية إلى القدس. في ذلك الوقت، كانت زيارة مدينة القدس لسكان الضفة الغربية تتم دون إجراءات معقدة أو تصاريح إسرائيلية.
لا زلت اذكر اللحظة الأولى لرؤيتي قبة الصخرة، هالني منظرها الرائع، لكن أشحت بنظري عن جمالها عندما دخل عيني شعاع الشمس المنعكس عن قبة الصخرة الذهبية.
لم يخطر ببالي لحظة واحدة آنذاك أنني لن أرى هذا المنظر الرائع لقبة الصخرة إلا بعد عقود. عقلي الصغير حينها لم يتخيل ما سيحدث أو يخطر لي أن دخول مدينة القدس سيصبح بمثل هذا التعقيد.
يوم الجمعة الثانية من شهر رمضان (1438هـ/2017م)، حاولت أن أقنع أخي نور الدين باصطحابي لمدينة القدس عندما علمت أنه ذهب إلى رحاب المسجد الأقصى من أجل الصلاة، فقد سُمح لسكان الضفة الغربية بدخول مدينة القدس خلال شهر رمضان دون تصاريح فقط يوم الجمعة.
لم يتشجع أخي في البداية لاصطحابي وأخبرني بأنه واجه صعوبات شديدة لدخول مدينة القدس ولم يكن الأمر بالسهولة التي أتخيلها، وحاول أن يثنيني عن هذه الفكرة بشرح الصعوبات.
"الرجال يكونون منفصلين كليا عن النساء، فكيف سنلتقي وأنت لا تعرفين المدينة ولم تذهبي إليها إلا عندما كنت طفلة" قال لي.
"نتواصل مع بعضنا عبر هواتفنا الجوالة الفلسطينية" أخبرته بكل ثقة، لأنني اعتقدت أن عصر العولمة حل كثير من مشاكل التواصل.
"وهل تعتقدين أن جوالاتنا الفلسطينية ستعمل داخل مدينة القدس؟ لا يوجد بث لشركة جوال في مدينة القدس، فالتواصل الوحيد لمن بحوزتهم شرائح السيليكوم الإسرائيلية في هواتفهم النقالة وليس لدينا شرائح سيليكوم".
رده أحبطني كثيرا. أخبرت صديقتي لينا (أم أسعد) من نابلس تعيش وزوجها أبو أسعد في مدينة القدس منذ سنوات عديدة بالحوار الذي دار بين وبين أخي نور الدين، وبرغبتي الشديدة في الذهاب للقدس خاصة أنني لم أزرها من قبل إلا مرة واحدة في حياتي.
حلها لكل المعيقات التي ذكرها نور الدين جاء سريعا. أخبرتني بأن أختها دنيا وزوجها وأبناءهما معتادون على زيارتها كل جمعة من رمضان. وبإمكانهم اصطحابي وأخي نور الدين في رحلتهما، فنلتقي في بيتها. وعندما يقترب وقت الصلاة أذهب معها ومع أختها دنيا، ونور الدين يذهب مع زوجها أبو أسعد ومع زوج أختها.
بهذا الحل اقتنع نور الدين باصطحابي للقدس. وعند وصولنا لحاجز قلنديا، بقيت أنا مع دنيا التي اعتقدت لوهلة أنها صديقتي لينا، فكم تفاجأت بالشبه الكبير بينهما لأكتشف أنهما توأم.
توجهت مع دنيا للمكان المخصص عند الحاجز لفحص هويات النساء، وأخي وزوجها توجها للمكان المخصص للرجال. عبرنا الحاجز أسرع منهما لأن الجنود يشددون في إجراءات الدخول على الرجال أكثر من النساء. وكان علينا أن نسبقهما لبيت لينا في القدس، وقبل ذلك كان علينا قطع تذاكر لحافلات لشركة إسرائيلية هي وسيلة النقل الوحيدة المسموح لها بنقل الفلسطينيين.
سألت دنيا: "هل تعلمين أين سنذهب الآن؟" قالت لي إنها لا تعلم وإن علينا أن نلحق بالناس الخارجين من الحافلة لأنهم جميعا متوجهون لقبة الصخرة.
وصلنا باب العمود، وهالني عدد الناس الداخلين من هذا الباب مرة واحدة. سرت مع الجماهير الغفيرة. اعتقدت أن الطريق من باب العمود لن يوصلنا لأي مكان، لأن الطريق ضيق وعدد المارين منه في آن واحد كبير.
كان علينا أن نسير دون أن نرى مكان أقدامنا. أذكر أن أشخاصا كانوا يرشدوننا أثناء المسير ويحذروننا: "ستصادفكم الآن درجة انتبهوا لها".
لم يكن بالإمكان إلقاء نظرة على أسواق القدس وشوارعها. كل همي كان أن نصل لبيت لينا لندرك وقت الصلاة، فكل من أراد أن يشتري شيئا سيعني أنه سيعطل المسير. لذلك كان الناس يختصرون على أنفسهم ويكتفون بالمسير دون مجال أصلا للنظر يمينا أو شمالا لشدة اكتظاظ الناس.
ما لفت نظري أن منزل لينا كان بجوار ما يسمى الكنيس اليهودي لهيكل سليمان المزعوم. عندما دخلنا المنزل تفاجأت من صغر حجمه، غرفه غاية في الصغر، لم أر أصغر من الحمام والمطبخ في حياتي.
"سأشعل المكيف لأن الطقس حار جدا"، قالت لينا.
أن تُشعل مكيفا يعني أن وضعها المادي ليس سيئا، وهو ما أعرفه عنها، لكن سألتها "لماذا لا تعملون على توسعة بيتكم أو إضافة غرف جديدة؟"
لم أكن أعلم أن سؤالي سيقلب عليها كل المواجع، وهي مواجع وهموم كل مقدسي مرابط ببيت المقدس.
إنني أعرف طبعا كل ما أخبرتني به حول منع الاحتلال الإسرائيلي للفلسطينيين منح تراخيص لبناء بيت جديد أو التوسع في البيت القائم. الهدف طبعا التضييق عليهم ليتركوا القدس.
"كم أنا غبية! كيف سألت هكذا سؤالا كهذا؟ وأنا أعرف أكثر من ذلك وأكتب عنه دراسات وتقارير حقوقية"، قلت في نفسي. لكن أن تكتب عن معاناة شخص هو أمر، وأن تراها بعينيك أو أن تعيشها أمر آخر.
ما أن تحدثنا قليلا، حتى وصل أخي نور الدين وزوج دنيا، وبوصولهم حان الوقت كي نذهب لرحاب المسجد الأقصى وقبة الصخرة للصلاة.
شعرت أن قلبي سيقفز من مكانه عندما قالت "هيا نذهب للصلاة".
أحضرت معها سجادتين للصلاة، وبشكيرين، وقارورة مياه باردة. ذهبت أنا وهي أولا، وقال أبو أسعد إنه سيلحق بنا هو وأخي وزوج أختها. واتفقنا على أن يكون اللقاء بعد انتهاء الصلاة في بيتها.
نادية أبو زاهر وصديقتها في القدسكان منزلها قريب جدا من قبة الصخرة. ذهبنا مشيا. ما أن وصلنا لقبة الصخرة، حتى أنعش شعاع الشمس المنعكس عن قبتها ذاكرتي أيام الطفولة.
لم نستطع أن ندخل داخل مسجد قبة الصخرة لأنه مكتظ تماما. الحقيقة حتى ساحات المسجد الأقصى وقبة الصخرة كانت ممتلئة، وصرنا نبحث عن مكان كي نجلس للصلاة فيه. لم أكن أتخيل كل هذا الاكتظاظ. لم أتخيل شدة حرارة الشمس وسطوعها.
بعد أن صلينا عددا من الركعات، بدأ درس دين تلاه مباشرة خطبة الجمعة. ساعة كاملة، ظننت للحظات أنني استمع لندوة سياسية لا لخطبة دينية، القدس، الحفريات تحت المسجد الأقصى وغيرها الكثير من ممارسات الاحتلال لتهويد القدس.
"هذا الخطيب يتحدث من داخل المسجد وهناك تكييف ولا يشعر مع المصلين في الساحات"، قلت في نفسي، لو وقف قليلا تحت أشعة الشمس لشعر معنا قليلا.
حرارة الشمس كانت مرتفعة جدا. حرارة الجو بلغت في القدس يومها 35 درجة حسب نشرة الأخبار، وهي لا تعد مرتفعة مقارنة بحرارة الطقس عندما أدينا مناسك العمرة في مكة المكرمة. لكن ربما اختلف الأمر قليلا وجعلني أشعر بشدة حرارة الطقس، لشدة اكتظاظ الناس، وضيق ساحات الأقصى وقبة الصخرة، فجيش الاحتلال يمنع توسعة ساحات المسجد في حين أن التوسعة مستمرة سنويا في المسجد الحرام. كما أن الشمس كانت عمودية، وقت صلاة الظهر.
ما جعلني أتحمل شدة حرارة الشمس البشكير المبلل بالمياه الذي أعطتني إياه صديقتي، وكانت تبللني بالمياه باستمرار.
بعد انتهاء الصلاة قالت لي صديقتي إن علينا العودة لبيتها. ذهبنا بسرعة خشية أن يصل أخي وزوجها لبيتها قبلنا.
الذهاب من بيتها لقبة الصخرة تم في فترة قصيرة جدا فقد وصلنا سريعا، لكن لم يكن الأمر كذلك بالنسبة للعودة.
"هل غيرنا طريق العودة لمنزلك فأصبحت الطريق أطول" قلت لصديقتي.
"لا، نفس الطريق التي قدمنا منها لكن لشدة اكتظاظ الناس فنحن نسير ببطء شديد، وحرارة الشمس بدأت بالارتفاع فشعرت أن الطريق أطول"، أجابتني.
ظننت للحظات أننا لن نصل لمنزلها، أو لربما أننا ضللنا الطريق، وربما وربما. بقينا نمشي ببطء إلى أن وصلنا منزلها، وانتظرت أخي كي يصل.
المفاجأة لي كانت عندما وصل أبو أسعد وزوج دنيا دون أخي.
"لماذا لم يحضر معكم؟" أول ما خطر ببالي أن أسألهما.
"أراد أن يصلي قليلا وسيحضر إلى المنزل الساعة الثالثة". قال لي أبو أسعد.
"لكن ربما يضل طريقه للمنزل فهو يأتي إليه لأول مرة في حياته".
حاولت لينا وأبو أسعد التهدئة من روعي وقلقي دون جدوى. خاصة أنني حاولت مرارا وتكرارا أن أتصل به ولم أتمكن من ذلك، فأخي محق بشأن عدم وجود خدمة بث لشركة جوال الفلسطينية في القدس.
زاد قلقي كلما جلسنا أكثر. "سأذهب للبحث عنه"، قلت للينا.
"هل جننت؟ ستضيعان عن بعضكما، إنك أشبه بمن سيبحث عن إبرة في كومة قش"، قالت.
بقيت متوترة، ومحاولاتي البائسة للاتصال بنور الدين كلها فشلت رغم معرفتي بعدم وجود بث للاتصال.
بعد الثالثة، جاء الفرج، طرق الباب وكان نور الدين يسأل عني. الحمد لله أخيرا جاء.
ودعنا لينا ولم تُجدِ محاولاتها نفعا بأن نبقى قليلا في منزلها حتى تخف شدة أزمة اكتظاظ الناس. رافقنا أبو أسعد ليرشدنا إلى مكان الباصات من أقصر الطرق. الطريق التي سلكناها لم تكن مكتظة، وكم شعرت بجمال مدينة القدس حينها وجمال حاراتها القديمة!
"لا توجد حارات قديمة جدا كهذه إلا في مدينة نابلس"، قلت لأبي أسعد، لكنني حزنت لشدة تهويد المدينة بالسيطرة على كثير منها.
شعرت أثناء طريق عودتنا أن السوق هادئة لا حركة فيها، فسألت أبا أسعد عن هذه المسألة، فقال لي بأن الحركة التجارية ضعيفة جدا في القدس، فهناك تضييق اقتصادي شديد على التجار لكنهم مع ذلك صامدون.
"المتنفس الوحيد لهم خلال شهر رمضان، لأن سكان الضفة يأتون للصلاة في مدينة القدس فتنعش الحركة الاقتصادية"، قال.
اشترى نور الدين بعض الألعاب لأبنائه، رغم معرفته بأنه يوجد مثلها في مدينة نابلس وبأسعار أرخص، ولكنه أراد أن يفرح أبنائه بأنه أحضر لهم شيئا من القدس فيتذكرون أنها من القدس. يفعل مثل أخي الكثيرون، فينعش هذا الحركة التجارية في القدس ويدعم التجار المقدسيين.
وصلنا إلى الشارع الذي سيقودنا إلى الباصات التي ستقلّنا للعودة لحاجز قلنديا، فودعنا أبا أسعد.
وما أنا اقتربنا من ذلك الشارع حتى كان الناس العائدون من الصلاة والمغادرون القدس جميعهم يتجمعون بذات الشارع، المسافة القصيرة جدا كانت تأخذ معنا وقتا طويلا جدا لشدة احتشاد الناس واكتظاظهم.
شدة الحرارة مرة أخرى. شعرت أنها أصبحت لا تحتمل. من أين لي الآن بشكير مبلل بالماء وقارورة مياه ليخفف شدة الحرارة؟
ما أن مشينا قليلا، حتى ظننت للحظات أنها تمطر. لقد كان متطوعون من شباب مدينة القدس، ومن أصحاب المحالات التجارية، يرشون الماء من أسطح المحالات التجارية على المارة. كل بحسب ما توفر لديه من وسيلة لرش الماء، بعضهم عبر خراطيم مياه، وبعضهم عبر أباريق وقوارير مياه، وآخرون يضعون مراوح كهربائية في الشوارع، ترش المياه بحركة منعشة.
"يا إلهي! أحتاج إعادة النظر في كتابي الذي ألفته حول انهيار رأس المال الاجتماعي"، قلت في نفسي.
رأس المال الاجتماعي لم ينهر أبدا في مدينة القدس، فلا زالت قيم التطوع، والتضامن والتعاون قائمة وبقوة. وبدأت أسأل نفسي، كم أنفقوا من كميات المياه لتلطيف أجواء شدة الحر والتبريد على المصلين والمارة.
رأس المال الاجتماعي ربما بدأ انهياره في فلسطين، ولكن ليس في جميع فلسطين، فمدينة القدس حالة استثنائية، ليس لعظمة المدينة المقدسة فقط، وإنما بوجود أهلها وتضامنهم وصمودهم.
أخيرا، وصلنا محطة الباصات. آلاف مؤلفة من الناس تحتشد هناك وتتدافع بطريقة جنونية على الباصات، صراخ وتدافع، كل يريد أن يصل لمنزله قبل أن يؤذن المغرب.
حصلت عدت حالات إغماء وتم نقل المغمى عليهم بسيارات الإسعاف،
"كيف يمكن لشعبنا أن ينتصر على الاحتلال الإسرائيلي، وهو لا يعرف كيف ينظم نفسه صفا أمام أبواب الباصات؟" قلت في نفسي،
"أليست فلسطين من نظمت ثورات عظيمة ضد الاحتلال، وقدمنا العديد من الشهداء، والعديد من التضحيات؟ لماذا هكذا أصبحت الفوضى تعمنا، وتنهش بنا الأنانية؟"
"لن أدخل في هذه الفوضى أبدا"، قلت لنور الدين "سنذهب ونأخذ سيارة مهما كلفتنا من أموال ونعود". ذهبت ونور الدين نسأل عن سيارة تأخذنا إلى حاجز قلنديا ظنا مني أن الأموال ستحل المشكلة. ضحك منا شخص سألناه، وقال:
"يبدو أن هذه هي المرة الأولى التي تأتون بها إلى القدس؟ الوسيلة الوحيدة المسموح لها أن تقّل أهل الضفة إلى حاجز قلنديا هي شركة الباصات الإسرائيلية".
لم يكن أمامنا مفر سوى الانتظار لتزول الأزمة، وكان واضحا أن الأزمة تشتد لأن الناس مستمرون بالتوافد إلى محطة الباصات. انتظارنا لن يفيدنا بشيء سوى أن نتأخر أكثر.
لم يكن يلطف أجواء الحرارة واكتظاظ الناس سوى المتطوعين الذين يرشون الماء علينا من الأسطح.
قال لي أنور الدين، كلما اقترب دورنا تبتعدين، فأخبرته أنني لا أحتمل شدة تدافع الناس. أشعر بالاختناق وابتعد. بقيت في مكاني أنا وأخي دون حراك إلى أن يسّر الله لنا باصا فتح بابه أمامي وأمامه فدخلنا الباص دون تدافع.
وصلنا حاجز قلنديا أخيرا، وظننا أنها نهاية الصعوبات، لكن بدأت تواجهنا صعوبات من نوع آخر: حافلات وسيارات لا حصر لها، وعدد هائل ممن يبحثون عن وسيلة نقل تقلّهم كل لمدينته.
مشينا مسافات طويلة فلم يكن سهلا أن نجد حافلة تقلّنا لمدينة نابلس. أخيرا عثرنا على حافلة صعدنا فيها.
"الحافلة مليئة بالركاب. ماذا ينتظر سائق الحافلة كي يتحرك؟ تعبت من شدة الانتظار. نحن ننتظر منذ أكثر من نصف ساعة"، قلت لنور الدين.
على ما يبدو فإن الحافلة كانت محصورة باختناق مروري لشدة المارة والسيارات والحافلات. ثم فجأة سمعنا أصوات قنابل، إنه جيش الاحتلال، يخشى كل هذا الاختناق المروري عند حاجز قلنديا فأطلق قنابل صوتية ليخيف الناس ويجعلهم يتحركون بسرعة.
كانت أصوات الشباب تعلو احتجاجا على جنود الاحتلال، وقلت ستحدث مواجهات بين الاحتلال والشباب الآن.
تحركت حافلاتنا وابتعدنا قليلا عن الاختناق المروري، وما أن خرجنا من الاختناق المروري عند حاجز قلنديا حتى دخلنا في اختناق مروري آخر عند الشارع المؤدي لمدينة نابلس لكثرة عدد السيارات فيه.
الانتظار في الباص لم يكن سهلا، خاصة في ظل ارتفاع شدة الحرارة، وعدم وجود مكيف في الباص، والأهم أن جميع من في الباص صائمون.
بعد انتظار عدة ساعات، شعرت أنني لم أعد أستطيع الاحتمال فلم يعد يوجد هواء أتنفسه، أو هكذا شعرت.
مرة أخرى جاء الفرج وتحرك الباص ليتحرك معه الهواء ليخفف شدة حرارة الباص.
كنت وأخي محظوظين. وصلنا أخيرا للمنزل مع آذان المغرب، لكن ربما لم يكن بذات الحظ جميع من كان معي، ربما لم يصل مع آذان المغرب من عاد من القدس إلى مدن أبعد كالخليل أو جنين أو طولكم.
كانت هذه قصة رحلتي لمدينة القدس. قصة حملت معها تجديد لذكريات الطفولة الجميلة أثناء رحلتي المدرسية، لكنها حملت معها أيضا مشقات كثيرة لمن يتمنون الصلاة بمدينة الصلاة بسلام.
علمت عندما وصلت البيت من النشرات الإخبارية أن عدد المصلين الذين توجهوا للصلاة في مدينة القدس بلغ ربع مليون شخص. كلهم جاؤوا للصلاة في مكان صغير لا يسمح له بالتوسعة.
رغم معرفتهم بالمشقة التي سيواجهونها، إلا أنهم يصرون على القدوم للصلاة في مدينة القدس، فما يواجهونه من صعوبات وتعب يزول سريعا، لأن رؤية القدس والمسجد الأقصى وقبة الصخرة تستحق كل المشقة.
كل شخص من أولئك الربع مليون مصلٍ الذين حضروا للصلاة في القدس يحمل قصته الخاصة عن رحلته للصلاة في زهرة المدائن الأسيرة.
عـــــود الــنــــــد