لطالما داعبت أطياف الجنة ودخولها والحياة الخالدة فيها خيال البشرية، ففي النهاية لا بد أن يكون هناك نعيمٌ ما ينتظر الإنسان بعد مشقة الحياة، وهي فكرة ليست بجديدة وليست قاصرة على الفكر الإسلامي.
فقد أثبتت أبحاث علماء الإثنوغرافيا والأنثربولوجيا والآثار، حسب تقرير مفصل للباحث حسين بن علي بن محمد الزعابي، نشره على موقع "شرق غرب"، أن أغلب شعوب الأرض كانت تؤمن بالحياة بعد الموت، ولكن اختلافهم كان يتمحور حول مفهوم الثواب والعقاب الأبديين.
فبعض الشعوب البدائية تعتقد وجود العذاب والعقاب بعد الموت، بينما اعتقدت شعوب بدائية أخرى وجود جنة وجحيم، واختلفوا في رؤيتهم لهذه الجنة وهذا الجحيم باختلاف ثقافاتهم وبيئتهم وحضارتهم.
موقع Focus.it الإيطالي نشر تقريراً، استعرض فيه ماهية الجنة بالديانات السماوية الثلاث، وحتى في حضارات ما قبل التاريخ وعقائد أخرى وضعية قد تثير دهشتك.
اليهود
وُصفت الجنة في نصوص الحاخامات، بأنها عبارة عن سياج من الورود والريحان، توجد في وسطها شجرة الحياة.
ويعتبرونها جنة روحانية خالصة، بها أعظم سعادة، وهي الوجود في معية الله.
المسيحيون
وُصفت الجنة عند المسيحيين بسفر التكوين، بأنها محاطة بجدران صلبة، تحرسها الملائكة، يقع في مركزها عرش الله وشجرة الحياة.
ومع ذلك، حتى بعدما وُصفت في الكتاب المقدس، قام العديد من القديسين واللاهوتيين بإعادة النظر في هذا الموضوع.
ووصفها القديس أوغسطين بأنها "مدينة الإله"، ووصفها القديس "سافونارولا" بأنها عبارة عن حديقة مزهرة ترأسها السيدة "مريم العذراء"، وتخضع عندها الملائكة، وبها سُلّم يؤدي إلى الثالوث المقدس.
إلا أن الكنيسة فضَّلت أن تقيد خيال المؤمنين، فأعادت توطين الجنة بين أسرار الإيمان، فقالت إنها توجد في مكان بالسماء حيث يمكن التواصل مع الله. يقول القديس غريغوريوس النيسي: "إن الأقانيم الثلاثة الإلهية: الآب والابن والروح القدس، لا يمكن فصلها بعضها عن بعض، كما لا يمكن فهمها بعضها عن بعض، كذلك لا يمكن استيعابها كحقائق بشرية".
الإسلام
يدخل الجنة -كما جاء في القرآن الكريم- الصالحون والصالحات من المسلمبن، حيث المناخ الجيد، والماء الزاخر، والفاكهة واللحوم الطيبة والعسل. وبها أيضاً حورعين، كما تزخر الجنة بالراحة والبهجة، في وجود الأحباب، وخاصة في وجود النبي محمد (صلى الله عليه وسلم) والملائكة.
البوذية
تعد الأرض الصافية هي المكان الذي يوجد فيه محبو بوذا أميدا بأنفسهم بعد الموت، حيث بها تغطى البحيرات باللوتس والزهور، ويرتدي الصالحون ملابس رائعة. لا توجد بها نساء، ولكن حوريات أبكار فقط.
في الواقع، يختلف ذلك قليلاً عن مفهوم البوذية الكلاسيكية (600 قبل الميلاد)؛ لأن البوذيين لا يتكلمون عما في المستقبل؛ لأن كل ما يهم هو التحرر من ألم الوجود. فتكمن السعادة القصوى في العدم، أي عدم وجود ولادة جديدة.
الهندوسية
بها أكثرمن جنة، مثل جنة فيشنو وشيفا، وهي عبارة عن أماكن يمكن العودة إليها على الأرض، بعد فترة قصيرة، للعيش في حياة جديدة.
يمتلك الهندوسي بجنة فيشنو أجساداُ مثالية، في بيئة تتألق بآلاف الألوان، بين أنهار النبيذ وبحيرات الزبدة. يأكل الفرد فيها بشهية جيدة ويمارس الجنس دون تعب.
الشعوب الأصلية في الأميركتين
تعد الجنة بالنسبة للأميركيين الأصليين، ما هي إلا استمرار للحياة الدنيوية، لكن دون مزيد من الحزن.
تتكون من مراعٍ وثيران للصيد ومنابع كثير من الماء. ولكن تكمن السعادة القصوى في إمكانية مقابلة الأجداد فيها.
التاويستية
وفقاً للديانة التاويستية الصينية، فإن الخالدين يعيشون في أعلى الجبال، لا يأكلون ولكن يتنفسون الهواء ويشربون الندى؛ حتى يستطيعوا تحريك الجبال على أبخرة السحب أو على أجنحة التنين.
الفايكنغية
تسمى جنة الفايكنغيون "الفالهالا"، وهي قصر يقع في السماء. وفقاً للمعتقدات، يدخلها فقط من يموت من الأبطال. تقود أرواحهم مجموعة من نساء على ظهر خيول، تدعى "فالكيري"، نحو كبير الآلهة "أودين" بمقره الجميل، في انتظار المعركة النهائية ضد الشر.
يقاتلون كل يوم على سهول أسكارد؛ من أجل الاستعداد لهذه المعركة، ينظمون مبارزات، وتلتئم كل يوم جروحهم، ويجتمع الأعضاء والمحاربون في قصر قاعة الولائم؛ من أجل تناول وليمة عظيمة.
قدماء المصريون
بواسطة مراكب الشمس، أي مراكب الإله رع "قرص الشمس" والتي يعبر بها النهار ويعلو إلى السماء، ثم يصل إلى عالم الموتى، حيث يترأس "أوزيريس" أكثر من 42 قاضياً، دورهم هو وزن قلوب الموتى، إذا كان القلب خفيفاً، أي لا توجد به أية ذنوب، يسمح له بدخول الجنة، وإن كان غير ذلك يحكم عليه بالموت إلى الأبد.
كانت الآخرة تتمثل في بيئة مظلمة، يعود إشراقها مرة أخرى بعد فترة من الوقت. لهذا السبب، كانوا بحاجة للحفاظ على الجسم سليماً من خلال عملية التحنيط.
اليونانية والرومانية القديمة
تجتمع أرواح الموتى الطيبة، أي أرواح أولئك الذين أحبّتهم الآلهة، عند جزيرة إليسيون (جزيرة الخالدين التي تقع في المغرب الأقصى من قرص الأرض).
آمن الرومان القدماء أيضاً بهذا التقليد. كما كتب هوميروس، أن الرجال في حقول الإليسيون يستطيعون العيش بهدوء، حيث لا يوجد ثلج، أو مطر أو برد، يغمرها نسيم هادئ ومستمر.
HUFFPOST