المكتبة الشعبية .. ملتقى يجعل من الثقافة سلاحاً بين دفتي كتابٍ وقلم ... مسيرة ثقافة معتّقة ونضال من أجل الكتاب
في عام 1972 ، تأسست المكتبة الشعبية بمبادرةٍ من عائلة الخندقجي ، عائلة يصلك حبها للقراءة والكتابة من بعيد ، تكتشفها من عقولهم النيرة بما يحويها من أصولٍ في الأدب والشعر على حد سواء ، الاسيرة المحررة نادية الخندقجي ، وشقيقيّها الحاج صالح وخالد الخندقجي ، اجتمعوا على تأسيس باكورة تكون نقطة انطلاق لكل مواطن فلسطيني ،يتحدى بعقله ووعيه كل العقبات التي تجول في طريق مسيرته التعليمية والثقافية قبل أي وسيلة لسلاحٍ آخر .
لقد قمنا باجراء مقابلة مع الشاب "يوسف الخندقجي " الذي يسهم بشكل كبير في إدارة المكتبة ، مع شقيقه الآخر " أديب " .
ليحدثنا عن رحلة هذه المكتبة من نجاحات عززت وجودها ومكانتها ، وجهودها الحثيثة في مواجهة العقبات التي تحول دون النهوض بمستوى الوعي والثقافة .
المكتبة الشعبية ودورها في النشر .
يؤكد الشاب "يوسف الخندقجي " على أن المكتبة الشعبية - ناشرون - ، لها إسهام واضح في تبني العديد من المؤلفات ، لكتاب عرب وفلسطينيون، لهم إبداعات مميزة في مجال الكتابة ، ويقول الخندقجي : إن المكتبة الشعبية تتولى هذه الابداعات بشكل متواصل ، بدايةً من إصدار نسخة تجريبية للكتاب ، وتعديله وتنقيحه حتى يصل الى المستوى المطلوب ، من بعد ذلك طباعته واصداره بشكل كامل ، وادراجه من ضمن الكتب التي يتم تداولها بين القراء داخل المكتبة .
صندوق دعم أدب الأسرى .
من وجهة نظر الخندقجي يرى بأن من أكثر المشاريع رواجاً ونجاحاً في هذه المكتبة ، "صندوق دعم أدب الاسرى " ، الذي انطلقت فكرته من شقيقه الاسير والكاتب الصحفي "باسم الخندقجي " ، المحكوم عليه ثلاثة مؤبدات بتهمة المشاركة بعملية استشهادية في تل الربيع .
المشروع يقوم على عملية المناصفة ،قسم يتولاه مشروع دعم أدب الاسرى ، والآخر يكون بدعم من أهل الاسير ، من خلال هذا المشروع تم إصدار ثلاث روايات لأسرى محررين ، الاولى بعنوان " أيام الرمادة " لـٍ الاستاذ نواف العامر ، والثانية " بصمات في الصحافة الاعتقالية " لأمين أبو وردة يتحدث فيها عن قصص واقعية من داخل السجن ، ورواية ثالثة يجري العمل عليها بعنوان" تحت عين القمر " للاسير معتز الهيموني .
ويضيف أنه يتم العمل حالياً على رواية رابعة للاسير " كميل ابو حميش " المحكوم عليه تسعة مؤبدات " ، ستكون الرواية بعنوان " وجع بلا قرار " من إنتاج واخراج المكتبة الشعبية - ناشرون - .
شهادة كُتاب وشعراء عرب .
يذكر الخندقجي ان المكتبة الشعبية حصلت على تأييد ودعم من الخارج ،
يخص بالذكر الكاتب الجزائري واسيني الأعرج ،الذي حضر الى الاراضي الفلسطينية واستضافته المكتبة الشعبية ، وخصصت له ندوات وامسيات شعرية كان لها جمهورها الكبير ، يحدثنا الخندقجي عن دعم الكاتب للمشروع ، حيث يقول : إنه عندما علمً بمشروع "صندوق دعم أدب الاسرى " ، أعجبته الفكرة كثيراً وساهم في هذا المشروع ، عن طريق منح المكتبة حق طباعة ونشر كتابه مملكة الفراشة ، وكان ريع هذا الكتاب يعود الى الصندوق ،
وتم من خلاله طباعة كتابين لاسيرين محررين سبق ذكرهما أيام الرمادة لنواف العامر ، وبصمات في الصحافة الاعتقالية لأمين ابو وردة .
ولا ننسى زيارة الكاتب الكويتي سعود السنعوسي للمكتبة ، الذي حضر ووقع لمحبيه من القراء على كتابه " ساق البامبو ".
كذلك الشاعر والاعلامي اللبناني " زاهي وهبي " ، الذي تربطه علاقة قوية بعائلة الخندقجي ، حيث أنه يقوم بتقديم أدب باسم ويشهره إعلامياً ، منه ديوان "طقوس المرة الاولى" بنشر من الدار العربية للعلوم ناشرون - بيروت-
و أنفاس قصيدة ليلية .
الاحتلال .. ومحاولاته البائسة .
يتحدث الخندقجي عن الظروف الصعبة للغاية التي مرت بها المكتبة من بداية عام 1972 الى ما بعد ذلك ، من قبل الاحتلال الاسرائيلي عن طريق إعاقة إدخال الكثير من الكتب الى فلسطين ، ووضع القيود عليها .
يذكر الخندقجي أنه تم إغلاق المكتبة في الانتفاضة الاولى لمدة ستة أشهر بسبب رواية " أرض الميعاد " للكاتب الروسي يوري كوليسنيكوف ،والتي تحاكي قصة شاب يهودي يهاجر من روسيا الى فلسطين ، واثناء رحلته يمرض ويتوفى هذا الشاب ، ولكن بعد ذلك يرجع الى الحياة لاصراره على معرفة ماهية الارض .
ويلحظ التمييز العنصري الذي يمارس ضد العرب والقادمين من الخارج .
أيضا تمارس قوات الاحتلال التضييق والرقابة الشديدة على الكتب التي تصدر من الاسرى ويتم تهريبها لطباعتها ونشرها .
يذكر مثال على ذلك ، قصة شقيقه الاسير باسم في هذا الاطار ،حيث قام إدارة السجن بعزله لمدة شهر ، بسبب رواية مسك الختام ، وزادت الرقابة عليه بشكل كبير من داخل إدارة السجن .
ولكن على الرغم من كل هذه الظروف الصعبة ، إلا أن المكتبة استمرت في عملها ، ونشرها للكتب الثقافية والتعليمية كوسيلة لإحياء هذا الشعب وإثراء خلفيته الثقافية ،كما يرى الخندقجي أن الثقافة من أهم الاسلحة التي من الممكن أن نواجه بها الاحتلال .
تجربة يوسف الخندقجي في الكتابة .
يحدثنا يوسف عن تجربته في الكتابة ،حيث يرى أنها ما زالت في بداياتها .
يتواصل مع جمهوره المحب لكتاباته عن طريق موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك " ،والذي يتم فيه نشر مقتطفات واقتباسات تنال إعجاب وإقبال على مستوى واسع .
يصرح الخندقجي ، بأن له ديوان سيصدر في شهر أيلول بعنوان "يوميات حرف الألف " يخاطب فيه الانثى ،وعلى القارىء أن يكشف من هي الانثى التي يخاطبها ويقصدها ،هل هي فلسطين أم الانثى الخيالية .
ويختتم الخندقجي حديثه بأن المكتبة الشعبية حالياُ تسعى الى رفع المستوى الثقافي في مدينة نابلس ، عن طريق مشروع جديد،عاملين على اختيار الارضية المناسبة له ، بالتعاون مع الكثير من المراكز الثقافية مثل متحف درويش والمنتدى التنويري ومكتبة بلدية نابلس وغيرها .
المكتبة الشعبية تاريخ عريق ، نابلسيّ المنشأ ،خندقجيًّ المولد، فلسطينيّ المرجع
أتخذ من أزقة شارع حطين في البلدة القديمة منهلاُ للثقافة والابداع منذ أربعة عقود ونيّف .
إعداد الطالبة :- لارا عبد الحميد زايد .