قاربت الساعة العاشره مساءا ,نحن نجلس في غرفتنا في السجن , جاءنا احد الجنود و سأل عني , أجبته أخبرني اني منقول غدا صباحا من سجن مجدو الى مكان امجهول ,توتر الجميع في الغرفه و سألناه بغضب :الى اين ؟ فقال : لا اعرف عفرا(و تعني بالعبريه نقل ) ولا يوجد امام اسمك الى اين,ما اعلمه فقط نقل .
الحقيقه قلت كثييرا و خشيت ان يكون النقل الى التحقيق من جديد, بدأت انا و اخواني في الغرفه بتجهيز اغراضي ووضعها في الحقيبه إنتظارا لساعات الصباح الاولى ليتم النقل .
لم استطع النوم من التفكير ... الى اين؟؟ و لماذا؟؟ خاصه و انني كنت انتظر نقلا داخليا الى قسم اخر في سجن مجدو يضم عدد من ابناء بلدتي و بالتالي يصبح تواصلي مع اهلي اسهل لأتابع موضوع حمل زوجتي مع قرب موعد الانجاب خاصه و اني ممنوع من الزياره و لا يوجد طريقه لتواصل معهم و الاطمئنان عليهم .
نشر الصباح جنوده ليطرد جنود الليل ,بعد ان صلينا الفجر جاء العدد و تم اخرجي من الغرفه تمهيدا لمغادرة السجن كله و عندها اخبرني الجندي اني منقول الى سجن شطه , ودعت اخواني في القسم و قد كانوا نعم الاخوه و خير الرفاق في السجن .
ركبت الحافله و قد كبلت يداي و قدماي و انطلقت البوسطه نحو شمال فلسطين حيث توجد بقايا بلدة شطه حيث اقيم السجن هناك , ما ان هبت نسائم شطه حتى دب في داخلي فرح غريب , فرح رغم المجهول الذي ينتظرني فهذه اول مره ادخل هذا السجن ولا اعرف ان كنت سأجد من اعرفه ام لا , و هنا تذكرت كلام والدي لي و حديثه عن شطه , البلد التي هاجر اليها اجدادي قبل عشرات السنين , فقد سكنت عائلة السباعنه بلدة شطه بعد خرجوا من قباطيه بسبب مشاكل حدثت في قباطيه و استقرت العائله في شطه لاكثر من اربعين عاما الان عرفت سبب فرحتي فأنا الان عائد الى المكان الذي سكنه اجدادي قبلي , انا الان عائد الى شطه , عائد لأسكن فوق تربتها و اشم رائحتها و هواءها , حتى و ان كان ذلك سجنا,سجن شطه يقع شمال فلسطين قرب جبال جلبون و قد اقيم هذا السجن منذ زمن قديم حتى قبل الاحتلال الصهيوني لفلسطين مباني السجن يظهر عليها القدم ,
دخلت الى قسم 7 حيث يتواجد الأسرى الامنين , وكان في استقبالي الاسير نائل ياسينذلك الشاب العائد من الموت , فقد اعتقد الجنود انهم قتلوه يوم اعتقاله ووضعوا جثته بين جثث الشهداء , لكن دبت الروح في جسده ,ما ان رأني نائل حتى صاح بصوت عال :ابا وطن و سارع لمعانقتي , فرحت و احسست بشئ من الراحه فقد عشت معه سابقا في السجن عام 2007 م و بذلك وجدت شخصا اعرفه و هذا يجعل النفس البشريه تطمئن , ودخلت السجن و هو عباره عن 14 غرفه في كل غرفه 8 اسرى من كل فلسطين و من مختلف الاعمار , اكثر من نصف الأسرى يحملون احكاما تجاوزت المؤبدو البقية احكاما عاليه فوق ال30 عاما ,منهم من قضى اكثر من 29 عاما كالاسير عفو شقير من سلفيت .
دخلت الغرفه و كم كانت فرحتي بمن وجدت ,كنت اسمع عنهم و أقرأ عنهم و منهم من كتبت عنه سابقا لكني اراه حقيقة واقعه, الاسير صاحب اكبر اضراب بالتاريخ جسد هزيل لكن ارادة و تصميم عال الاسير سامر العيساوي صاحب ابتسامة رائعه تخرج من القلب ,و الاسير صاحب اكبر حكم , وجه دافئ قريب من القلب ما ان تعانقنا حتى احسست بقشعريره تهز كل كياني فأنا كأني اعيش حلما جميلا ,انه الاسير ابو علي ابراهيم حامد .
ثامر سباعنه –سجن شطه