تظلّ عيون الحبيبين مثبّتة على شاشات الحواسيب في المكتب طوال اليوم بينما ترسم خيالاتهما الجامحة أيامهما القادمة بريشة السعادة الخالدة. هنا سيختطفان قبلات رطبة شبقة وهناك سينعمان بعشاء في ضوء الشموع، وهناك أيضاً سيلعب أطفالهما الوسيمون الأذكياء طبعاً، وفي الجزر البعيدة الحالمة سيغار من عشقهما القمر. يتخيلان حتى لون ستائر الغرف في بيتهما الجميل القادم ويحلمان ويخطّطان ولا يتركان للصدفة عملاً.
ماذا أيضاً لو هجر أحدهما الآخر؟ لا تنجو من خيالهما حتى هذه الفكرة السوداء. أمامهما حتماً ليال من السهاد والألم الذي يمزّق نياط القلب. ماذا لو خان أحدهما الآخر؟ من سيبدأ بالخيانة؟ مع من؟ لا تستريح مخيلتهما لحظة واحدة. هل ستنتعل عشيقته كعباً عالياً؟ هل ستهمس وتضحك كثيراً في الفراش؟ هل شعر عشيقها مجعّد كشعره؟ هل سيحملها إلى المسرح الذي تحبّه عن طيب خاطر ويتحمّل صراخ الشخوص على الخشبة أم يتثاءب مثله منذ بداية العرض؟ يتساءل حبيبها بحرقة أيضاً.
وحده الحب كفيل بجبر الضرر. سيكتشف حبيبها أن قدمي عشيقته دون كعب عال أكبر من قدميه. لن تضحك كثيراً في الفراش ما إن يعتريه التعب. وحده الحب يصنع المعجزات. ستعلم حبيبته أن شعر عشيقها ليس مجعّداً وهي تعد خصلات الشيب بينما يعبث في هاتفه كامل عرض المسرحية.
كل مساء بعد دوام العمل، تلتقي عيون الحبيبين حول قهوة ساخنة ويتألمان سوياً لحال عشيقيهما الخائبين أو يغيران لون ستائر بيتهما المرتقب.
المصدر: العربي الجديد