تبني مزادات الفن التي تقام في العواصم والمدن المختلفة قوامها على تلك العلاقة الإشكالية بين رأس المال والثقافة. هنا يتمّ الترويج لأعمال في غياب النقد، هنا يجري تسعير بضائع ثقافية ورفع شأن إحداها وتبخيس سواها، وابتكار سوق منافسة ليس أساسها المستوى الفني ولا الإبداع إلا كمعيار إلى جانب معايير أخرى.
ولا يخفى على متابعي سوق الفن علاقة هذه المزادات بتحريك "البزنس" في هذا المجال، وتبييض الأموال في بعض الحالات، والحفاظ على ثروات معينة من خلال إعطاء قيمة تفوق في كثير من الأحيان قيمة العمل الإبداعي أضعاف المرات. في المزادات الفنية يجري تحويل أسماء الفنانين إلى "براندات" أي علامات تجارية، لا يمكن أن تعطى أقل من هذا الثمن أو ذاك.
المزادات أيضاً تتبع السوق السياسي والاقتصادي والموضة الدارجة فيه والعامل الأساسي المحرّك له، فنرى صعوداً مثلاً لفن المهاجرين، أو ترويجاً غير مسبوق لأعمال فنانين سوريين، أو تقديم فنانين اشتغلوا على "الربيع العربي" في السنوات الأولى التي تلت 2011، والآن ثمة عودة قوية للاهتمام بالفن الأفريقي من قبل المزدات العالمية التي تقام في لندن ونيويورك وباريس وأشهرها "كريستي".
جرّنا إلى الحديث عن المزادات التوسّع الذي اتخذه غاليري "ألكسندر روبتزوف" في تونس، مؤخراً، فأطلق خدمات "مزاد المرسى" للفن المعاصر.
الغاليري تأسّس عام 2014، في قلب المرسى في العاصمة التونسية، وأخذ اسمه من أحد أشهر الفنانين المستشرقين؛ روبتزوف (1884-1949)، الذين اشتغلوا على البيئة في تونس.
فكرة مزادات المرسى هذه ما زالت في بدايتها، لذلك فهي أقل تعقيداً من المزادات التي يعرفها سوق الفن، هناك عدّة طرق للبيع، ثمة أعمال لها أسعار ثابتة، وهناك أعمال للبيع "أونلاين" وهناك بيع في مزادات يمكن المشاركة فيها عن بعد، ومن الأعمال التي ستعرض اللوحات، والمنحوتات، والموزاييك، والسيراميك، والسجاجيد، وأعمال الحفر والنقش.
يحضّر الغاليري حالياً لإطلاق كاتالوغ بالأعمال التي ينوي بيعها في المزاد الذي سينطلق افتراضياً ما بين 17 و31 كانون الثاني/ يناير 2018.
المصدر: العربي الجديد