الكرمبو أو كما يعرف بـ"راس العبد" حلوى واسعة الانتشار، لكننا نجهل إن كانت لها فوائد صحية وما هي أضرارها. سهى خوري تجيب على هذه التساؤلات وتوضح ما أصل هذه التسمية التمييزية!
لا بد وأنك تذوقت الكرمبو أو كما يسمى شعبيًا "رأس عبد" مرة واحدة على الأقل في حياتك! يتذكر الكثيرون "رأس العبد" منذ أيام الطفولة حيث انتشرت في البلاد كحلويات شعبية منذ أيام الانتداب البريطاني ولا تزال رائجة حتى اليوم. ويأتي الكرمبو أو "رأس العبد" بالأصل من الدنمارك حيث اخترع هناك منذ أكثر من 200 سنة.
يدعى "رأس العبد" بأسماء مختلفة في مدن أوروبا، مثل "رأس الأسود" أو "قبلة الأسود"، وجميعها تحمل مدلولات كلمة "العبد" وتعكس الثقافة التمييز العنصري التي كانت منتشرة في حينها في أوروبا. وانتشر "رأس العبد" بنفس المسمى أو ما يشابهه باللغة المحلية لكل بلد جديدة دخلها، إلى أن بدأ الاسم يتغيّر تدريجيا إلى مسميات حضارية أخرى مثل "رأس الملاك" و"قبلة الشوكولاتة" استجابة لقوانين مكافحة العنصرية. وفي لبنان، فقد غيّرت الشركة المصنّعة أسم رأس العبد وشكله إلى "الطربوش". ومع أن هذه الحلوى ما زالت تحتفظ عندنا بإسمها القديم التي اختارتها لها أوروبا في حينها، إلا أنه لا بد وأن يأتي يوما لنطلق عليها نحن إسما جديدا يتماشي مع ثقافتنا العربية التي تدعو إلى الأخاء والمحبة لجميع أبناء البشر بغض النظر عن دينهم أو عرقهم.
أما من الناحية الصحيّة، يعتبر رأس العبد، كسائر أنواع الحلويات، منتوج غني بالسكر حيث يحتوي كل رأس عبد على كمية من النشويات تعادل 4 ملاعق صغيرة من السكر. يوفر رأس العبد الواحد 100-115 سعر حراري وكمية معتدلة من الدهون تتراوح بين 2.5-3.5 غرام. يحتوي رأس العبد على كمية قليلة جداً من البروتين تعادل بالتقريب الغرام الواحد لكل حبة منه. لا يحتوي رأس العبد على الكولسترول ويشار إلى أن رأس العبد خالٍ أيضًا من الفيتامينات والمعادن.
يحتوي رأس العبد على ثلاث أقسام: البسكويت، الحشوة، وغلاف الشوكولاتة. وتختلف مكوّنات رأس العبد قليلا من شركة لأخرى، إلا أن معظم أنواعه يتكوّن من المركبات التالية:
• البسكويت: يتكوّن البسكويت بشكل رئيسي من السكر الذي يضاف له الطحين والدهون المهدرجة.
• الحشوة: المركب الرئيسي في الحشوة هو السكر حيث يحتل الحجم الأكبر من مكوّنات الحشوة. يضاف للسكر الماء وكمية قليلة من بياض البيض المبستر ومركبات الطعم والرائحة وأحيانًا أصباغ الطعام.
• غلاف الشوكولاتة: مع أن الغلاف يبدو وكأنه شوكولاتة، إلا أنه لا يحتوي على الشوكولاتة لأنه خال من زبدة الكاكاو التي يشترط أن تتواجد في أي منتوج يطلق عليه أسم "شوكولاتة". يتكوّن الغلاف من منتوج شبيه بالشوكولاته يحتوي على السكر كمركب أساسي ويضاف للسكر الدهن المهدرج كبديل لزبدة الكاكاو كما ويضاف مسحوق الكاكاو كبديل لعجينة الكاكاو.
رغم أن تناول كميات قليلة من رأس العبد في فترات متباعدة لا يشكّل خطراً صحيًّا لمعظم الناس، إلا أن استهلاكه بوتيرة عالية يتطلّب الانتباه للأبعاد والتأثيرات الصحيّة المختلفة التي تختلف حدتها من شخص لآخر استنادا إلى وضعه الصحي، ويمكن تلخيصها بما يلي:
• السمنة: يعتبر رأس العبد من الحلويات المعتدلة بالسعرات الحرارية، إذ تعادل كل حبة رأس عبد من ناحية السعرات الحرارية حصتين من الفواكه. فإذا تناولت مثلاً رأس عبد واحد، فأنت تحصل على السعرات الحرارية لتفاحتين. وبالطبع لا مجال للمقارنة بين الفواكه والحلويات لجهة القيمة الغذائية، إذ إن رأس العبد خالٍ من الألياف الغذائية والفيتامينات والمعادن الموجودة في الفواكه، إلا أن تناوله في فترات متباعدة لا يشكل خطراً للسمنة.
• أمراض القلب والشرايين: رغم أن رأس العبد خالٍ من الكولسترول، إلا أنه يحتوي بالتقريب على 14% دهون معظمها مهدرجة، فترفع بشكل ملحوظ من خطر تصلّب وتضيّق الشرايين. ومن جانب آخر، فإن استهلاك كمية عالية من السكر مرتبط بارتفاع في مركب الدهنيات الثلاثية triglycerides في الدم.
• السكري: لا يتناسب استهلاك رأس العبد للأشخاص المصابين بالسكري بسبب احتوائه على كمية عالية نسبيًا من السكر وبسبب وجود الدهنيات المهدرجة التي يوصى الشخص المصاب بالسكري بتجنبها.
• الأطفال: إذا لم يضع الوالدين حداً لكمية الحلويات والنقرشات المصنّعة التي يتناولها الأطفال، قد تصل كمية هذه المنتوجات المستهلكة إلى أكثر من عشرة أصناف في اليوم الواحد، مما يرفع من احتمال إصابتهم لاحقًا بالأمراض المزمنة. ينصح باتباع قاعدة تسمح للطفل بنوع واحد على الأكثر من الحلويات أو النقرشات المصنّعة في اليوم، إذ يمكن اختيار رأس عبد واحد كإحدى الاختيارات الممكنة.
ولمحبي صناعة الحلويات البيتية، يقدم الشف رضا عشاير من القدس طريقة لتحضير رأس العبد بطريقة صحيّة:
ينصح باختيار بسكويت غني بالألياف الغذائية وخال من الدهون المهدرجة. لصنع حشوة رأس العبد، يسخّن القليل من الماء في طنجرة ويوضع داخلها فوق الماء الساخن وعاء آخر يضاف له كوب من بياض البيض وستة ملاعق كبيرة من شراب الصفصاف. يخفق المخلوط جيداً لعدة دقائق ثم يوضع في خلاط كهربائي ويخفق جيدا لعدة دقائق أخرى إلى أن يجمد. تصب الحشوة فوق البسكويت عن طريق قلم التزيين. لتحضير غلاف شوكولاتة صحّي، تذوّب شوكولاتة 70% كاكاو ثم تضاف كغطاء للحشوة.