أصداء
جنين- مجد حثناوي- بوابة اقتصاد فلسطين
لا يبدو أن برودة شهر كانون الأول تثير قلق المزارع أبو فهمي" 53"عاما من قرية كفردان غرب جنين من جمع محاصيله من خيار "البيبي" فمظلة التبريد التي وفرتها له الوكالة الأمريكية لدعم المشروع، تتناسب مع تقلبات الطقس و حجم عمله مع باقي مزارعين في القرية، والتصاريح أيضا التي يحصلون عليها من الجانب الإسرائيلي، تسهل لهم عمليه إدخال محاصيلهم إلى المصانع الإسرائيلية بشكل مباشر.
أرباح ولكن!
بدأ مشروع زراعة الخيار الصغير البيبي عام 2014 كتجربة بدعم من الوكالة الامريكية على خمس دونمات وتوسعت مع الوقت حيث زرع الفلسطينيون نحو ألف دونم من الخيار الصغير في العام 2017، ولا تقتصر مشاريع زراعة الخيار البيبي على قرية كفردان التي تتربع في مرج ابن عامر في جنين، بل توسعت إلى طولكرم وطوباس وبردلة.
ومع التوسع في المشروع ارتفعت الايرادات للمزارعين الفلسطينيين إلى ما يقارب 17 مليون شيكل، موزعة على الأربع مناطق المذكورة بحسب إحصائية وزارة الزراعة.
وعن الأسباب التي شجعت على التوسع يقول رائد بشارات مدير دائرة الإرشاد في مديرية الزراعة " إن سعر الخيار البيبي هو ثابت في السوق وغير معرض لتقلبات العرض والطلب، كما أنه غير موسمي ويزرع دوريًا في السنة، بالإضافة لكون المزارع يعمل بنظام التعاقد مع المصانع الإسرائيلية التي تقوم بتصنيعه "تأخذ المطابق منها للسوق الإسرائيلي كمخللات وتزود غير المطابق منها للأسواق الفلسطينية".
ووجهنا تساؤل إلى الوزارة لماذا يتوجه المزارع إلى المصانع الإسرائيلية بدلا من الفلسطينية، وكانت الإجابة " أن المصانع الموجودة في الضفة لا تستوعب الكميات المتزايدة من الخيار، ما يضطر بالمزارع المحلي الى التوجه الى المصانع الإسرائيلية ذات الكفاءة العالية".
وفي ظل التهافت المتزايد على تصدير ما يزرع من الخيار إلى السوق الإسرائيلي، هل ستتحول الأراضي الفلسطينية إلى سلة غذاء إسرائيلية؟
يقول المحلل الاقتصادي بكر اشتيه "لا مانع من تصدير المنتجات الزراعية التي تزرع في الأراضي الفلسطينية إلى الطرف الإسرائيلي بحسب الاتفاقيات الاقتصادية بين الجانبين، ولكن على المستوى البعيد هناك خطوة كبيرة في عمليه تصدير المنتجات الزراعية إلى إسرائيل تتمثل في زيادة تبعية الاقتصاد الفلسطيني للاقتصاد الإسرائيلي، ففي حال إعلان انسحاب السلطة الفلسطينية من الاتفاقات الدولية وإحداها اتفاقية باريس، سيصعب عليها التعامل مع الواقع الجديد، الذي يتبع بشكل مهول إلى الجانب الإسرائيلي.
ويتابع أنه على المدى القصير نحن لا نستطيع القول للمزارع "توقف عن التصديرلإسرائيل في ظل الأرباح التي تعود عليه، وخاصة أن حصة وزارة الزراعة لا تتجاوز 9ـ2% من الناتج المحلي الإجمالي في فلسطين، ولكن في المقابل على السلطة إيجاد مدخلات إنتاجية محلية، تقوم بتصنيع المنتج الزراعي، وتصديره إلى الخارج، بدلا من الاعتماد على الطرف الإسرائيلي في التصنيع، وأيضا ايجاد شركات تسويقية زراعية تنظم عمليه التسويق إلى إسرائيل وغيرها في ظل غياب الدور الحكومي في هذا الاتجاه.
ويتساءل أخيرا" لماذا يتم تسطيح الدور الحكومي في عملية التصدير والاستيراد من الجانب الإسرائيلي، والاعتماد على "وسطاء" بديلا عنهم؟
الوزارة مطلعة
تشجع وزارة الزراعة على زراعة منتج الخيار "البيبي"، وتصديره إلى الخارج لما يعود به من منفعة مادية للمزارع، ولا ترى انه يوجد تهميش لدورها في هذا الجانب، فهي على اطلاع بالكميات التي يتم تصديرها واستيرادها محليا وخارجيا، وفقا إلى بشارات.
ومن الجدير ذكره هنا بحسب تصريح بعض المزارعين أنهم يحصلون على تصاريح الدخول إلى الأراضي المحتلة من المستورد الإسرائيلي بشكل مباشر من جهة، ويوقعون العقود معهم بدون تدخل من مباشر من وزارة الزراعة.
وفي سياق آخر تتخوف وزارة الزراعة من تشكل فراغ سوقي محلي للخيار البيبي، وإغراقه بخيار"مستورد" من مناطق أخرى.
يقول رائد بشارات: " إسرائيل تقوم بإرجاع كمية قليلة من الخيار الذي تستورده، لا تتجاوز ثلث ما يتم استيراده من الجانب الفلسطيني، وهو غير مناسب "للتخليل"، ما قد يشكل فراغا في نوعية الخيار المحلي المناسب للاستهلاك من جهة، وزيادة حصة زراعة الخيار بمقابل المنتجات الزراعية الضرورية الأخرى".
اهتام اسرائيلي واضح
بالمقابل، كانت الاشادة واضحة من الجانب الاسرائيلي. وانعكس ذلك من خلال صفحة "المنسق الإسرائيلي" في ترحيبه بالمشروع متوقعا مضاعقة المساحات في العام 2018 إلى الفي دونم وزيادة في الايرادات إلى 35 مليون شيقل.
وايضا، عبر تقرير صرح به مسؤول عن الشؤون الزراعي فيما تسمى الادارة المدنية " إنه بالتعاون مع منظمة USAID سيتم توزيع 400 ألف بذرة من الخيار الصغير على مزارعي الضفة الغربية وبعدها ستقام دورات إرشاد وسيقوم مفتشو وحدة الزراعة بزيارات للدفيئات التي تحوي الخيار الصغير".
أمام واقع أليم يجمع ما بين قلة الدعم الحكومي للقطاع الزراعي الذي لا يتجاوز الواحد في المئة وبين ايجاد مصدر دخل للعيش اضطر المزارعون إلى زراعة الخيار البيبي المعنيُّ به الجانب الإسرائيلي.
لكن المخاوف تبقى على المدى البعيد من ناحية تعميق التبعية للأسواق الإسرائيلية وصعوبة الانفكاك عن الأخيرة من أي اتفاقية مستقبلية. لذلك وفق الخبراء يجب اعادة النظر بالقطاع الزراعي ودعمه بالشكل الامثل خاصة أن صراعنا مع الاحتلال على وجودنا وأرضنا.