أنهت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “الأونروا”، أمس، خدمات أكثر من 100 موظف من العاملين لديها بالأردن، كما علقت التعيينات وربطتها بـ “الحاجة”، ضمن أولى اجراءات ضبط النفقات والخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين.
ويأتي ذلك نتيجة المأزق المالي الناجم عن امتناع الإدارة الأميركية عن تحويل مساعداتها للوكالة حتى الآن، وفي الأثناء يصعد العاملون بالوكالة تحركهم المضادّ للقرار الأميركي وتقليص الخدمات، بدءاً باعتصام في 21 الشهر الحالي أمام السفارة الأميركية بعمان.
وقالت مصادر مطلعة في “الأونروا”، إن إدارة الوكالة “قررت إنهاء خدمات عاملين لديها من اللاجئين الفلسطينيين، ضمن نظام المياومة، وهم بدلاء الدرجة الثانية، (عمال النظافة وأذنة المدارس والعيادات)”، معتبرة ذلك “تدابير لتوفير التكلفة وضبط النفقات”، إزاء العجز المالي الذي تكبدّته الوكالة منذ بداية العام والمقدر بنحو 174 مليون دولار، جراء عدم حسم الموقف الأميركي، والمرشح للزيادة في حال حجب الدعم أو تخفيض قيمته.
وأضافت المصادر، أن هذا “القرار طال مجمل المخيمات، الـ 13 الموزعة على أنحاء متفرقة من المملكة”، بحسب ما ورد في رسالة مدير عمليات إقليم الأردن إلى إدارة الوكالة، أمس، ووفق ما تم بحثه خلال الاجتماع العاجل الذي عقد قبل يومين في عمان، برئاسة المفوض العام للأونروا، بيير كرينبول، ومدراء عمليات المناطق الخمس (الأردن وسورية ولبنان والضفة الغربية وقطاع غزة).
وطبقاً للقرار؛ تم “إنهاء عمل 30 عاملاً في مخيم البقعة من أصل 92 عاملاً، و14 عاملاً في مخيم الوحدات من أصل 39، و7 عمال في مخيم إربد من أصل 17، و7 عمال في مخيم الحصن من أصل 22، و11 عاملا في مخيم الحسين من أصل 27، و8 عمال في مخيم غزة من أصل 22، و3 عمال في مخيم سوف من أصل 15، و17 عاملاً في مخيم ماركا من أصل 40 لاجئاً فلسطينياً”.
وأوضحت نفس المصادر أن رسالة مدير عمليات الأردن “تشير إلى الوضع المالي غير المحمود حالياً للأونروا”، نتيجة تبعات قرار الولايات المتحدة حجب مساعداتها السنوية المقدّرة بنحو 370 مليون دولار بوصفها أكبر مانح للوكالة، حيث “سيؤثر سلباً، عند تنفيذه، على أكثر من خمسة ملايين لاجئ فلسطيني”، منهم زهاء مليوني لاجئ بالأردن، وبنسبة 42 % تقريباً.
وقد دفع امتناع الإدارة الأميركية، حتى الآن عن تحويل الدفعة المالية المخصصّة من مساعداتها لـ “الأونروا”، والبالغة 125 مليون دولار، والتي كان من المفترض تقديمها منذ كانون الأول (ديسمبر) الماضي، بإدارة الوكالة “لاتخاذ حزمة تدابير للحدّ من النفقات المالية المتعلقة بالموازنة العامة للوكالة”، في ظل عجز مالي بلغ نحو 49 مليون دولار، خرجت به من العام 2017.
ونوهت المصادر إلى أن إجراءات “التقشف” شملت “تعليق جميع تعيينات المياومة، في كافة التخصصات، باستثناء الأخصائيين الطبيين، وتعليق جميع عقود الخدمات الاستشارية وتعليق تمديدها، وتعليق عقود التوظيف لأجل محدد، وعقود التوظيف بنظام التثبيت، والعقود القصيرة الخاصة، فضلاً عن تعليق عمليات الاعتماد للموارد المالية؛ من حيث أوامر شراء السلع والنفقات الرأسمالية ونفقات التشغيل، أو أوامر شراء الخدمة”.
كما قررت إدارة الوكالة “تعليق الالتزام بالتدريب أو ورش العمل، وتعليق الاعتماد المالي في الموازنة العامة للعام الجاري لأي نوع جديد من الخدمات والأنشطة، عدا عن تعليق الالتزام بالتعويض المالي عن العمل الاضافي لجميع الموظفين”، المقدر عددهم الإجمالي بنحو 30 ألف موظف.
كما قررت “عدم السماح بتعيين بدلاء بالمياومة، أو التعاقد بها ضمن غالبية الوظائف، باستثناء معلمي مرحلة التعليم الأساسي، ومدربي التعليم والتدريب التقني والمهني، والمهنيين الصحيين في الفئات المحددة، فيما ستتم تغطية النقص بنقل الموظفين أنفسهم من مكان لآخر لسدّ الحاجة”.
من جانبه؛ أكد اتحاد العاملين في “الأونروا” رفضه “لإجراءات تقليص الخدمات التي تتخذها إدارة الوكالة حالياً، والتي تؤثر سلباً على اللاجئين الفلسطينيين، وتمسّ بوضع الوكالة ودورها في المحافظة على هوية اللاجئ الفلسطيني وحقه في العودة الى وطنه”، وفق بيان صادر عنه أمس.
وعقد رؤساء اللجان، الصحية والتعليمية والإغاثة الاجتماعية، الثلاث اجتماعاً عاجلا أمس في عمان، مع مدير عمليات إقليم الأردن، حيث أكدوا “رفضهم لإجراءات تقليص الخدمات المقدمة للاجئين الفلسطينيين”، في ظل القرارات التي صدرت بايقاف العمل بنظام المياومة والعقود في مختلف المؤسسات وعمال صحة البيئة.
وأكد الاتحاد أن “تمويل الأونروا وسداد عجز ميزانيتها الدائم يعدّ مسؤولية المجتمع الدولي والأمم المتحدة، بعيداً عن تحميل اللاجئين تبعات تقليص الخدمة وحرمانهم العمل في الوكالة لتوفير مبالغ زهيدة قياساً بالموازنة السنوية العامة للوكالة التي تفوق مليار دولار”.
واعتبر أن “قرار إنهاء الخدمة مفاجئ، ويؤثر سلباً على المعنيين به، وهم من اللاجئين الفلسطينيين الذين يعانون أساساً من شظف المعيشة والوضعيّة المجتمعيّة الهشّة، كما سيكون له تبعات سلبية قاتمة؛ مثل تفشي الأمراض في المخيمات بين جموع اللاجئين وتدني مستوى تحصيل الطلبة”.
وانتقد الاتحاد “اتخاذ إدارة الوكالة تلك الاجراءات بدون الرجوع إلى الاتحادات في مناطق عملياتها، عدا عن أنها ستوحي للمانحين أنها قادرة على التكيف مع مأزقها المالي وشح مواردها، وقد يدفع مانحين آخرين إلى الإحجام عن تقديم الدعم”.
ويستعد العاملون في الوكالة إلى التحرك على مختلف المستويات للمطالبة بالإبقاء عليها، ومواجهة القرار الأميركي، ومواجهة سياسة تقليص الخدمات.
ويقيم في الأردن قرابة 350 ألف لاجئ ضمن 13 مخيماً موزعين في أنحاء مختلفة من المملكة، من إجمالي مليوني لاجئ مسجلين لدى “الأونروا”. الغد