أصداء- خميس أبو النيل- من قلب المعاناه والفقر ومن عتمة زقاق مخيم بلاطة أحيا شبان وشابات فرقة العائدون إرث الدبكة الشعبية الفلسطينية، لتكون هويتهم التي يفخرون بها ويعملون على ترسيخها والحفاظ على إرثها الوطني، حيث تضم فرقة العائدون 14 راقصاً أعمارهم تتراح ما بين الست سنوات والسبعة عشر عاماً، وليكون مركز يافا الثقافي حاضنتهم الأولى فيلجأون إليه لتطبيق فنهم ورفع الدبكة الشعبية الفلسطينة لأعلى المراكز المحلية والدولية.
ويقول مدير فرقة العائدون محمد احمد سالم عبد الملقب (أو الرز)، إن مخيم بلاطة يحتوي على خامة نادرة من راقصي الدبكة الشعبية سواء من الذكور أو الإناث، حيث يمتلك كل فرد منهم حبا وشغفا وفكرا ولياقة متمحورة حول الدبكة الشعبية.
ويضيف أبو الرز بأنه رغم صغر سن طلاب فرقة العائدون إلا أنهم ينافسون مدربيهم في تصميم الرقصات والرقص عليها، حيث يعتبر كل راقص بمثابة مدرب مؤهل لتعليم مجموعة كاملة على الدبكة الشعبية.
ويشير أبو الرز إلى أن الكثير من فرق الدبكة الفلسطينية المعروفة على مستوى الوطن تطالب بأخذ أفراد فرقة العائدون من أجل نسبهم لفرقهم المعروفة، ولكن سوء الوضع المعيشي والعائق المادي الذي يعيق تنقل أفراد فرقة العائدون بين المخيم والمدن الأخرى، جعلهم يرفضون تلك العروض والدخول في الفرق الكبيرة.
وينوه إلى أن فرقة العائدون تعتبر مركز يافا الحاضنة الأولى لهم من أجل ممارسة الدبكة الفلسطينية وتطوير قدراتهم، مع العلم بأن أفراد الفرقة وبصغر أعمارهم قادرون على منافسة الفرق الفلسطينية للدبكة من حيث المهارة والتصميم والرقص.
وعن الانجازات التي حققتها فرقة العائدون يوضح أبو الرز بأنهم حصلوا على المركز الأول في مهرجان كامبردج الدولي، كما وعمل المجلس الأعلى للشباب والرياضة على إرسال مجموعة من الفرقة للمشاركة في مهرجان الطفل في تركيا، حيث عملت اللجنة على الاختيار بين أفضل ثماني فرق في الضفة الغربية، وكانت فرقة العائدون لها نصيب الأسد بين الفرق وتم الإقرار بأن فرقة العائدون هي الأجدر بين الفرق والتي سوف تمثل فلسطين.
أما عن المعيقات المتعلقة بالدبكة الشعبية يتحدث أبو الرز بأن الدبكة تفتقر إلى الدعم من المؤسسات الدولية والمحلية من أجل تطوير هذا التراث الفني، كما أن عدم تثبيت المدربين في مجال عملهم يضع الدبكة في موقف حرج فعند تثبيت المدرب في عملة مع إعطائه راتبا شهريا يزيد من عطاء المدرب وقدرته على تنمية مهارة الدبكة لدى الطلاب.
ويضيف أبو الرز بأن التشدد والعادات لدى بعض الأهالي الذين يمنعون استمرار أبنائهم في تعلم الدبكة يجعلها تتلاشى من على قائمة التراث.
ويتابع: "في السابق كان المخيم يعاني من هذه الظاهرة حيث كانت الفتاه في سن 14 تترك الدبكة ولا تستمر فيها، ولكن حالياً يمكن القول بأن هذه الفكرة بدأت بالتراجع لأن هناك فتاه في سن 17 ما زالت ضمن فرقة العائدون.
اعتبر أبو الرز أن الهدف الأساسي من الدبكة هو المحافظة على التراث الفلسطيني، واثبات ذلك للعالم فالشعب الفلسطين لديه حضارة وفلكلور خاص به، كما أن الهدف الثاني هو غرس ذلك الهدف في نفوس أبناء الشعب الفلسطيني، من خلال لوحاتهم الفنية وتداول ذلك وتطبيقه باستمرار، وحمايته من السرقة اليهودية التي تعمل على طمس كل ما يشير إلى الترث الفلسطيني وأحقية الشعب بالأرض والوطن.
من جهته اعتبر تيسير نصر الله رئيس مجلس إدارة مركز يافا الثقافي أن فرقة الدبكة التابعة للمركز تعد من أفضل الفرق على مستوى الوطن، وشاركت بعروض في فلسطين والدول العربية والأوروبية، وتحظى باهتمام إدارة المركز كونها تعطي صورة مشرقة عن المخيم.
أما رهف أحمد سعيد وهي من أعضاء فرقة الدبكة تقول: "بدأت مسيرتي في الدبكة عندما عرضت علي أختي رؤى الدخول معها في فرقة العائدون منذ ثماني سنوات، كانت في البداية صعبة جداً ولم أتمكن من إتقان الحركات بليونة وسهولة ولكن مدربي كان مُصِرا على أني امتلك موهبة مكبوتة، وبعد أول ظهور لي على المسرح تشجعت أكثر وتمكنت من تكثيف تدريبي للظهور مرة أخرى".
تضيف رهف بأن هدفها من تعلم وممارسة الدبكة هو الحفاظ على الدبكة الشعبية من التلاشي، وضمان استمرارها كموروث ثقافي فلسطيني ورسم الابتسامة على وجوه الحضور.
رهف وتبلغ من العمر حاليا 15 عاماً تمكنت من الحصول على المركز الأول في مسابقة مركز يافا للدبكة الشعبية تحت شعار (القدس لنا)، وذلك بإشراف لجنة تحكيم من أعضاء فرق الدبكة الشعبية الفلسطينية المعروفة.
أما رؤى أحمد سعيد شقيقة رهف أكدت أنها منذ طفولتها وهي تمارس الدبكة وتعتبرها عنصرا أساسيا في حياتها، عدا عن أنها من التراث الفلسطيني الذي يجب حمايته وترسيخه وتطويره ليبقى شاهداً على الحضارة الفلسطينية.
رؤى تمكنت من الدخول في عدة فرق للدبكة لكنها لم تجد ذاتها وهويتها إلا في فرقة العائدون، وقد حصلت رؤى على المركز الثاني في مسابقة مركز يافا للدبكة الشعبية تحت شعار (القدس لنا)، وجعلت من فرقتها اسماً يفتخر به أينما ذُكر.