الرئيسية / ثقافة وأدب
حكاية امرأة توفي زوجها وانتظرت مع اطفالها مصيرها المجهول
تاريخ النشر: الأربعاء 24/01/2018 18:23
حكاية امرأة توفي زوجها وانتظرت مع اطفالها مصيرها المجهول
حكاية امرأة توفي زوجها وانتظرت مع اطفالها مصيرها المجهول

من هيثم جرار
بحزن ودمعة تكتنف فيها حمل ومهمة ليست باليسيرة تصف المواطنة ابنة ال 45 عاما من جنين حالتها بعد وفاة زوجها " تركني دون وداع بستة اطفال، تجرعت كؤوس الحزن والحرمان 25 عاما، وعانى ابنائي الخوف واليأس، وتركني اواجه مصيري في وسط غابة من الاطماع، يلاحقونني على بيتي، فمن سيتكفل بنا؟ وما هو مصيري؟".
تضيف " سؤال جوهري ساورني طوال الوقت حتى في منامي فهذا السؤال لا يفارقني، وها انا وبعد 25 عاما من الكفاح والصبر ما زلت اكافح لأنال حقوق اولادي وميراثهم".
بدأت السيدة تحدثنا عن حياتها قائلة:" كنت أعيش في بيت اهلي حياة رغيدة، حيث كنت البنت المدللة للجميع، ودرست حتى الثانوية العامة، وعندما انتهيت من الدراسة فوجئت بشاب طلب يدي للزواج وكنت أرى فيه مواصفات فارس احلامي فوافقت على الزواج منه، وكان يعمل تاجر اغنام وتاجر للخضار والفواكه الى جانب عمله في اسرائيل، ولكنني لم اكن اعرف ما الذي ينتظرني بعد ذلك؟
وتواصل:" عشت في غرفة واحدة مع اهل زوجي في بيت العائلة، وكانت هذه العائلة مكونة من 10 افراد وتعاني من الفقر، ولم اكن اعرف عنها من قبل انها بهذا المستوى، فقامت هذه العائلة باجباري على بيع ذهبي(وهو مهر زواجي) ومن حقي الاحتفاظ به، لشراء ما يحتاجون، كما كنت اقوم بكافة الاعمال المزلية وحدي دون مساعدة من أي شخص، وبعد كل هذا تعرضت لاهانات كثيرة من الجميع، من الصغير والكبير ولم يرحمني احد، فطلبت من زوجي بناء بيت مستقل لاعيش فيه، فنزل عند رغبتي وذلك لانه كان يتفهم وضعي ولا يريدني ان اتعرض للمشاكل مع اهله".
وتتابع ويداها ترجفان من تذكر الماضي" استدان زوجي من اصحابه ومعارفه المال وبنى لي منزلا متواضعا وصغيرا مكونا من غرفتين لكي استريح من العذاب والذل الذي لحق بي من عائلته، وعندما انتقلت الى البيت كنت قد انجبت خمسة اطفال، وكنا نشعر بالسعادة بالرغم من ان البيت صغير لا يكفي لسبعة اشخاص".
وتواصل حديثها والدموع تتساقط من عينيها:" في صباح اليوم العاشر من انجابي لطفلتي الجديدة جاءني نبأ وفاة زوجي. كانت ابنتي الكبيرة ذاهبة لتشتري بعض الاشياء فسمعت هنالك الرجال يتحدثون عن الحادث الذي تعرض له زوجي ، فرغم ضغر سنها الا انها فهمت الكلام، وجاءتني مسرعة واخبرتني عما يتحدثون، فذهبت مسرعة لاستطلع ما حدث، وكانوا قد نقلوه الى المشفى، لكن نتيجة اصابته البالغة توفي قبل وصوله الى المشفى.
ان نبأ وفاته كالصاعقة التي وقعت على راسي، فلم اتحمل ذلك واصبت بحالة اغماء دامت لاسبوعين، لقد توفي زوجي وهو في الثامنة والعشرين من عمره في حادث سير على شاطىء البحر، حيث كان يملىء حياتي وهو الذي كان يفهمني ويدافع عني عند اهله ولا يجعلني اهان من أي شخص، ولكن عندما توفي تركني وحدي مع اطفالي في بيت صغير، وانا لا اعمل. لذلك كنت لا اعرف ماذا سيكون مصيري في الغد، هل ساجد طعامي لابنائي ام لا؟".
وتتابع حديثها وقد بدا الارهاق والحزن الشديدان على وجهها:" اعيش انا وابنائي على نفقات اهل الخير والجمعيات الخيرية والشؤون الاجتماعية، ولكن اهل زوجي قاموا باثارة المشاكل معي فهم لا يرديدونني ان اتصرف انا وابنائي في معاش زوجي، ومن ثم قاموا باخذ تامين الحكومة وهو مبلغ كبير من المال تساعد به الحكومة اسرة الشخص الذي يتوفى عن طريق حادث سير، فكنت اتلقى راتبا شهريا من الشؤون الاجتماعية لكنهم استولوا على راتب التامين، وعن طريق المحكمة جعلت والد زوجي الوصي على الاموال ليقوم بصرفها على ابنائي، ولكنه اعطى التوكيل لاحد ابنائه" أي ان يكون وصيا بدلا مني".
واضافت قمت بتوكيل محام فانقلب ضدي لصالحهم، وحصلوا على التامين، وبدات حينها المشاكل تظهر اكثر فاكثر، تعهدوا امام المحكمة ان ينفقوا المال على ابنائي وان يؤمنوا لهم حياة رغيدة ومستقبلا زاهرا، ولكنهم فعلوا عكس ذلك فاشترى اخو زوجي سيارة له يقدر سعرها بالاف الدولارات من مالنا ومن حقنا نحن، وفي هذا الوقت توقفت مساعدة الشؤون الاجتماعية بسبب حصولنا على التامين، وعلى اثر ذلك توقفت الكثير من المساعدات لان الجميع يعتقد بانني اخذت الاموال، وهكذا اصبحت حياتنا بائسة واغلب ايامنا لا نجد قوت يومنا، فنذهب للجيران نطلب منهم أي شيء حتى نعد وجبة طعام".
وتابعت حديثها قائلة:" قررت بعد ذلك ان اذهب الى المحكمة حتى احصل على حقي وحق ابنائي، ولكنني تعرضت للضرب والاهانة من قبل اهل زوجي كي اتنازل عن القضية، ولانني لم انفذ رغبتهم اخذوا اولادي مني وطردوني من المنزل، وبذلك اجبروني على التنازل حتى اعود لأولادي الذين كانوا يعاملون معاملة قاسية وسيئة جدا، وبعد ان عدت حرموني من الخروج من البيت واغلقوا باب المنزل الذي كان لا يبعد عنهم سوى بعض الامتار حتى لا اتمكن من الخروج".


لكنني صممت على الذهاب مرة اخرى الى المحكمة حتى ارفع دعوى ضدهم، فعملوا بذلك وقاموا بضربي مبرحا على راسي وعلى ظهري، فتسبب ذلك في ضعف بصري وجعلني اعاني من الام في الظهر واحيانا لا اتذكر الاشياء التي مرت بحياتي سابقا. وبعد كل الذي حصل معي تنازلت عن القضية مرة اخرى ومن بعدها لم اعد الى طريق المحاكم، وجلست مع ابنائي في المنزل، وحتى هذه اللحظة لا استطيع انا وابنائي الخروج من المنزل لانهم يمنعونني، كما طلبت منهم ان يصلحوا البيت حيث ان نوافذه المكسورة، كما ان بلاط نصف الارضية مكسور، فلم يستجيبوا لي ولم يفعلوا شيئا في بيتي.
وعندما كبرت بناتي زوجت اثنتين وهن في الخامسة عشر من العمر رغم انني كنت ارغب في تعليمهن ولكنني لا اقدر على مصاريف المدارس والجامعات، من اين لي؟ فنحن بالكاد نوفر لقمة عيشنا، فعلت ذلك حتى احميهن من الذل، وبقي عندي ثلاث بنات وصبي والبنت الثالثة قمت بتعليمها حيث سجلت في الجامعة، ولكنني لم اجد رسوم الجامعة وطلبت من اعمامها فلم يعطونني، فخرجت من الجامعة وانتقلت الى كلية في نفس المنطقة، ورغم ان الكلية كانت بالتقسيط لكنني لم استطيع تامين الرسوم، فاحيانا كثيرة تاتي امتحانات نهاية الفصل والرسوم غير مسددة مما اضطر ان استدين من اهل الخير حتى تستطيع التسجيل لفصل جديد.
اما حال ابنها لم يكن افضل من اخته فقد انهى المرحلة الثانوية ولكنه لم يستطيع اكمال دراسته الجامعية كي يبحث عن عمل يسد من خلاله رمق امه واخواته، فعمل مساعدا لاحد المزارعين حيث يقوم بتعشيب الارض وري المزروعات وبذلك يستطيع ان ياخذ سبعون شيقل يؤمن بها لاسرته الطعام.
وتواصل:" تحمل ابني الذل حتى يأتي بقوت يومنا، وهو يقول لي دائما أتمنى أن أدرس في الجامعة، ولكن من اين اجلب له المال حتى يتمكن من التسجيل في الجامعة؟ لا احد يريد ان يساعدني فماذا افعل؟.
انا الوحيدة التي تتمنى ان تتحقق كل امانيها وهي ان يكمل ابنها الوحيد تعليمه، متسائلة في الوقت ذاته ما الذي ينتظرها وعن مصيرها فهل ستجد من يعلم ابنها؟ وهل ستجد من يساعدها؟ وهل ستعيش حياة رغيدة بعيدة عن البؤس والشقاء؟



 

 

المزيد من الصور
حكاية امرأة توفي زوجها وانتظرت مع اطفالها مصيرها المجهول
حكاية امرأة توفي زوجها وانتظرت مع اطفالها مصيرها المجهول
تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017