د.خالد معالي
لوحظ أن عملية جيش الاحتلال في قرية برقين قرب جنين مساء السبت 3\2\2018،، قد حازت على تغطية غير مسبوقة على مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطيني، وحتى إعلام الاحتلال الذي انشغل بدراسة انعكاسات فشل العملية للمرة الثالثة لقتل أو اعتقال الشاب احمد نصر جرار، ونجاحه بالتسبب في فشل ثلاث جولات متتالية "للجيش الذي لا يقهر".
من خلال استعراض مواقع التواصل وحديث الشارع، غالبية أهالي الضفة وغزة بلغت القلوب الحناجر خلال قيام الجيش بعملية برقين مساء أمس، طبعا الحديث هنا يدور عن الشرفاء والمخلصين وليست القلة القليلة التي لا ترى سوى مصالحها الشخصية على حساب مصلحة الوطن، وهو ما يعني أن الشعب الفلسطيني نقيا وطاهرا وخياره مع المقاومة، ودحر الاحتلال مهما بلغت من تضحيات.
كيف نفسر قول المراسل الصحفي الصهيوني "غال بيرغر" والذي قال فيه: إذا لم يتمكن الجيش من اعتقال أو قتل المطارد أحمد جرار فسيتحول لأسطورة لدى الفلسطينيين"، وقول الناطق باسم جيش الاحتلال بان المطارد احمد جرار لديه حس امني قوى جدا يكون في المكان وعندما نصل لمكانه يكون قد تبخر.
احمد استطاع جر الجيش لثلاث مواجهات خاسرة، وقهر منظومته الامنية المتهالكة، وهو ما رفع معنويات الشباب الفلسطيني الذي يترصد فرصة ليقتنصها ويقاوم الاحتلال، فيما جعل الجيش يلقي اللوم على مخابرات الاحتلال، وجعله في حالة إرباك.
جرار تغلب على ثقافة الهزيمة، وأحسن التخطيط السليم بعيدا عن الارتجالية والعاطفة وعقلية رد الفعل غير المدروسة، ولذلك لم يستطع جيش الاحتلال ولا مخابراته، وقواته الخاصة من الوصول إليه، وهذا باعتراف كتاب دولة الاحتلال الذين اقروا أن احمد لديه حس امني كبير جعله يتفوق على الجيش.
هدف الاحتلال من المبالغة في هدم منازل أو بركسات واعتقال أقرباء جرار، أن يوصل رسالة للفلسطينيين أن ثمن المقاومة كبير جدا، ظنا منه أن ذلك يثني الشعب عن المقاومة، وما علم أن الشاب الذي يقاوم يكون قد باع روحه في سبيل لله رخيصة، وخرج من بيئة مقاومة تحتضنه ولا تبالي بالثمن.
ثمن الحرية كبير وكبير جدا، وهذا كان ديدن جميع الثورات عبر التاريخ، فوقوع خسائر أمر طبيعي في طريق التحرير، لكن الألم أيضا يجب أن يكون متبادل، والخسارة متبادلة، وهو ما نجح فيه جرار.
استقاء العبر مطلوب دوما، فشاب لوحده يلاحقه جيش ويخسر في ثلاث جولات متتالية، كيف لو كان هناك عشرات الجرارات تجر الجيش لساحة معركة خاسرة للاحتلال!؟ عندها سيسرع ذلك من هزيمة الجيش الذي لا يقهر.
مستقبلا قد ينجح جرار في اضرب وانسحب، وقد يعتقل، وقد يستشهد، وقد يبقى لسنين طويلة وهو يقاوم، في كل الأحوال المقاومة هي هكذا، وهذه سنن التاريخ وديمومته، فالمقاومة لها ثمن، ومواصلة الاحتلال أيضا له ثمن من قبل المحتلين، (فان تكونوا تألمون، فإنهم يألمون كما تألمون)، والمسير طويل والزاد قليل، وقصار النفس عليهم أن يتنحوا جانبا لا أن يقودوا.