الرئيسية / الأخبار / فلسطين
تحقيق عن الانتهاكات التي تتعرض لها سبسطية
تاريخ النشر: الخميس 15/02/2018 19:48
تحقيق عن الانتهاكات التي تتعرض لها سبسطية
تحقيق عن الانتهاكات التي تتعرض لها سبسطية

نابلس كتب خسن برهم

ارضٌ يمتد تاريخها لأكثر من 3000 عام، تمشي في شوارعها الممتلئة بالتاريخ القديم، تجد فيها روعة الماضي الممتزج بجمال الحاضر، هذا الجمال الذي جعلها هدفا ومحطَ أطماع الكثير من الغزاة على مر السنين، سبسطية البلدة التي تبعد 12 كم شمال غرب مدينة نابلس تتعرض للعديد من الانتهاكات من قبل الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس شتى أنواع التخريب والتضييق على المواطنين لترحيلهم والاستيلاء على التاريخ الموجود فيها، إلا أن الجذور الفلسطينية المنغرسة في أعماق الأرض تأبى أن ترحل وتستسلم وتترك الأرض للذي لا يستحقها.
حضارة يهودية من وحي الخيال
يدعي الإسرائيليون وجودهم الدائم في سبسطية بدعوى أنها عاصمة إسرائيلية تدعى "سماريا" من اجل الحصول عليها، فقاموا فيها ببناء قصور تدل على تاريخهم وحضارتهم، لكن سبسطية عاصرت سبع عصور عريقة بدأت بالكنعانيين وانتبهت بالعثمانيين، ولا يوجد ما يدل على أن للإسرائيليين أي وجود فيها، ولأنهم لا يملكون دليلا واحدا لجئوا إلى ما اعتاده أجدادهم من خبث واحتيال، ففي ثمانينات القرن الماضي فرض الاحتلال منع التجول في البلدة لتسنح لهم الفرصة لتغطية سرقة ما يزيد عن 50 تمثالا من المسجد (سجن سيدنا يحيى)، وبالرغم من أن السلطة الفلسطينية ووزارة السياحة والآثار رفعتا قضية على الجانب الإسرائيلي ومطالبته بإعادة التماثيل لمكانها الأصلي إلا أنها لم تعد".

يقول عبد الله مخالفة منسق المؤسسات في بلدة سبسطية أن ما يحدث فيها هو استهداف للمناطق الأثرية بشكل كامل، وهو تضييق على المواطنين ومحاولة إبراز الجانب الإسرائيلي للآثار وطمس أي جانب يخص الحضارة الفلسطينية، حتى أن العلم الفلسطيني لم يسلم منهم، وهناك ضجة إسرائيلية كبيرة حول هذا الموضوع، فالإسرائيليون يعتبرون منطقة الآثار هي "الحديقة الوطنية" بالنسبة لهم، فقضية رفع العلم فيها جريمة بنظرهم، ومع تكرار محاولات الشبان رفع علمهم في تلك المنطقة تعرض أربعة منهم لعيارات نارية.

محمد عازم رئيس مجلس الخدمات المشترك لقرى شمال غرب نابلس ذكر إن ضابط مخابرات إسرائيلي اتصل به على اثر الأحداث الأخيرة وقام بتهديده واتهامه بأنه هو من قام بتحفيز المواطنين لمقاومة الاحتلال الإسرائيلي في سبسطية وأمرهم برفع العلم الفلسطيني بوجه الاحتلال وفي أعالي جبال سبسطية، وأمره بالقدوم للإدارة المدنية يوم الأحد القادم من الشهر الحالي بدون أي "شوشرة"، وقال له نحن نعرف أنك وراء هذه الأعمال وأنك أمين سر فتح في سبسطية وأيضا مرشح للانتخابات القادمة في بلدية سبسطية ولكن ما تفعله لن يزيد من وضعك تحسنا، فقال له عازم "أنا مش حاكم عسكري، أنا في سبسطية أقدم خدمات للمواطنين بصفتي رئيس في مجلس بلدية"

زيد الأزهري الناطق باسم حملة "سبسطية شمس الحضارات" يقول "قبل سنتين قدّم الاحتلال الإسرائيلي مشروع لصيانة المناطق الأثرية وتنظيفها، فقام الاحتلال بتغيير بعض المعالم التاريخية في هذه المناطق، خاصة منطقة المدرج الروماني، فأزالوا جدار أثري بالمنطقة باستخدام جرافة إسرائيلية، وقاموا بإضافة تمثال حجري حديث، وهذا تزوير واضح للحضارة الفلسطينية، وأصبحوا يقومون بزيارات ليلية للمناطق الأثرية، برفقة المستوطنين ويغلقون الموقع حتى لا يقوم احد بمضايقتهم، وأيضا في أعيادهم يقوموا بإغلاق المنطقة، ويقيمون الاحتفالات بالمدرج الروماني، هذه أنواع عديدة من الانتهاكات التي يقوم بها الطرف الإسرائيلي في سبسطية في محاولة فرض سيطرته على الموقع، وهذا يمكن أن يؤدي إلى زيادة اقتصاد الدولة اليهودية، لأنها اذا سيطرت على الموقعو وقامت بإغلاقه، فقد يصبح الدخول إليه عن طريق التذاكر".
المواطن احمد الكايد يقول "يقوم الجانب الإسرائيلي بحجة النظافة والصيانة بتغير المعالم الحضارية الفلسطينية للآثار عن طريق خلط آثار من فترات مختلفة مع بعضها البعض مما يؤدي إلى ضياع القصة التاريخية للموقع، وضياع الهوية الفلسطينية وتزوير معالمها".
في حين استنكرت وزارة السياحة و الاثار في بيان صدر عنها الانتهاكات التي تقوم بها إسرائيل في سبسطية، فالاحتلال الإسرائيلي يستعد للقيام بتنقيبات داخل المدينة الاثرية في القريب العاجل، وأيضا يريد تحويل المنطقة الاثرية الى ما يسمى بسلطة الحدائق والمنتزهات الإسرائيلية.
سلطتنا ترمم، والاحتلال مُهمل
المناطق الواقعة تحت سيطرة السلطة الفلسطينية تم تطويرها والعناية بها كالمساجد والكنائس، أما المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية تعجز السلطة الفلسطينية عن تطوريها بسبب أنها واقعة تحت السيطرة الإسرائيلية وممنوع لمسها أو محاولة ترميمها.
والمناطق التي تقع بيد السلطة الوطنية الفلسطينية تم المحافظة عليها وترميمها وصيانتها بشكل كامل، لكن المناطق التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية –منطقة (ج)- هي التي يوجد فيها التخريب وهي من يزورها المستوطنين ويقومون فيها بشتى أنواع العبادات والأفعال، أما سيطرة إسرائيل على المنطقة (ج) تعطيهم الحق في ترميم هذه الآثار كما يحلو لهم وهذا ما لا نريده أن يحصل، لأنهم إذا قاموا بترميم هذه المناطق سيضعون فيها الآثار التي تدل على الحضارة اليهودية وإبراز معالمهم الحضارية لإثبات أحقيتهم بهذه الأرض.
وأكدت الوزارة ان الموقع الاثري يقع ضمن المنطقة (ج)، مما تمنع قوات الاحتلال أي تدخل فلسطيني في المنطقة لترميمها او تصليحها، حيث تعرض العديد من طواقمهم للتهديد من قوات الاحتلال اثناء تواجدهم في المنطقة.
الأزهري يتجه للقانون ويقول "من ناحية القانون الدولي فإن إسرائيل مفروض عليها حماية منطقة الآثار دون العبث بها؛ لأنها واقعة تحت سيطرتهم، ولكننا نجد أن إسرائيل لم تقم بحمايتها والعناية بها، ولكنها تركتها دون عناية لتري العالم أن الفلسطينيين هم من يدمروا ويخربوا آثارهم بأنفسهم".
"سبسطية شمس الحضارات"
يتحدث زيد الأزهري الناطق باسم هذه الحملة ويقول "سبسطية شمس الحضارات هي مجموعة شبابية وطنية من ناشطين في الإعلام وشبان من البلدة مهتمين وغيورين على هذه البلدة وعلى الإرث الحضاري والتاريخي لها، فقاموا بإطلاق العنان لهذه الحملة من موضوع الإهمال الذي تتعرض له سبسطية، فكانت فكرة تسمية هذه الحملة بهذا الاسم هو بسبب تعاقب سبسطية على العديد من الحضارات، وباعتبارها اكبر موقع اثري في الضفة، مما أدى إلى ظهور تسمية "سبسطية شمس الحضارات"
ويكمل زيد "دورنا نحن كمجموعة شبابية هو القيام بالضغط والمناصرة على الجهات المسؤولة للقيام بواجبها تجاه سبسطية من اجل وضعها على لائحة اليونسكو للتراث ، ولكننا نحن كأفراد محدودي العدد لا نستطيع القيام بواجبنا تجاه سبسطية كما يجب، لان الموضوع اكبر من أن يقوم به أفراد لوحدهم، كعمليات الحفر والترميم، وافتتاح المتاحف، والترويج للمناطق السياحية، فمن يقدر على القيام بهذه الأمور هي فقط المؤسسات والوزارات المعنية بهذه المواضيع ولكنه أكد أنهم يتواصلون مع وزارة السياحة والآثار للقيام بدورهم على أكمل وجه".

تدمير السياحة
يبين معتصم علاوي رئيس بلدية سبسطية سابقا ان سبب هدم الاحتلال للعديد من الأبنية كمطعم القلعة ومزرعة الجمال في سبسطية هو بسبب وقوعها في مناطق (ج)، مع العلم أن الشخص صاحب البناء قائم بناءه فيها منذ أكثر من عشرين عاما مع علمه أن ملكيته تقع في منطقة (ج) -أي انه معرض للهدم أو خسارة ملكيته في أي وقت- لكن الاحتلال الإسرائيلي تذكرهم في هذا الوقت وقام بهدم عقاراتهم، ولكن دلالة على مقاومة الشعب الفلسطيني وعدم استسلامه وثباته في أرضه؛ قام صاحب المطعم المتضرر بوضع سلاسل حجرية على حدود ملكيته، وصب الباطون المسلح على الأرضية، ووضع خيمتين بلاستيكيتين وعدد من الكراسي ليعود إلى عمله ويكسب رزقه، لكن بعد أسبوع استلم إخطار بالهدم من الاحتلال الإسرائيلي".
ويكمل "مثل هؤلاء الأشخاص نحن من جهتنا نسعى لهم عند الجهات المختصة لمساعدتهم وتعويضهم، وتقديم العون والدعم المادي والمعنوي، ونسعى كبلدية لتثبيت المواطن في أرضه، فالحقيقة أن كل الأراضي في سبسطية مسجلة "بالطابو" وهي ملك لأصحابها، ولديهم الوثائق التي تثبت ملكيتهم لهذه الأراضي، لكن الاحتلال الإسرائيلي لم يعترف بهذه الوثائق، ووضع يده على منطقة (ج) وأصبحت ملكاً له لأنه يظن نفسه فوق القانون وفوق كل شي.
وزارة السياحة ذكرت في بيانها ان قوات الاحتلال قامت بأعمال غير قانونية وتدمير في سبسطية، كإدخال الجرافات الي وسط الموقع وإزالة مجموعة من المعالم، إضافة لتجريف وتدمير قرب شارع الاعمدة الاثري ونقل مجموعة من حجارة الموقع الاثرية ومصادرتها الى جهات غير معروفة، وأيضا قامت قوات الاحتلال بتنقيبات غير قانونية لمجموعة من المقابر الاثرية المحيطة بالموقع.

عبد الله مخالفة المتضرر صاحب مزرعة الجمال يقول "أفعال الاحتلال الإسرائيلي ما هي إلا لمحاربة الناس في رزقهم ومعيشتهم إضافة لمحاولتهم السيطرة على الأرض."
ويؤكد أن هذه الأفعال تزيده إصرار وثبات وصمود في أرضه وعدم التنازل عنها أو التزحزح منها، مثله مثل أي مواطن فلسطيني.
تطوير السياحة
يبين رئيس بلدية سبسطية سابقا معتصم علاوي انه تحدث مع معالي وزيرة السياحة رولا معايعة عن حصول سبسطية الاهتمام الذي تستحقه من السلطة الوطنية الفلسطينية والوزارات المعنية بموضوع السياحة؛ لأن إهمال هذه المواقع يعطي صورة للإسرائيليين أنهم قاموا بالاستيلاء عليها، وهذا ما لا نريد حصوله، ويقول أيضا انه تواصل مع وزير التربية والتعليم الدكتور صبري صيدم للاهتمام بالمناهج التدريسية ووضع سبسطية وآثارها وتاريخها وحضارتها في المنهاج الفلسطيني؛ لتعليم أطفالنا عن الحضارة الفلسطينية "لانك اذا عملت الولد، انت علمت الأب وعلمت الجد وعملت الأخ"، وأيضا لتعريف المواطن الفلسطيني بآثار حضارته الفلسطينية وتاريخها.


ويكمل علاوي "ناشدنا جميع الجهات المختصة، ووضعنا قضية سبسطية على طاولة الرئيس، فأمر الرئيس الجهات المختصة بتوجيه أعينها تجاه سبسطية والاهتمام بها لتطوير سياحتها، وبناء المرافق الترفيهية اللازمة، فما يهمنا في سبسطية هي الآثار والحضارة والتاريخ، فسبسطية هي الحضارة، هي العراقة، هي التاريخ، فهي تهم كل فلسطيني وليس فقط أهالي سبسطية".
محمد عزام يعدد خدمات مجلس البلدية ويقول "لدينا وحدة صيانة ماء، ووحدة صيانة كهرباء، ونقدم الكهرباء لسبعة قرى من قرى شمال غرب نابلس، ونقدم أيضا ترخيصات للبناء ضمن الحدود الإدارية الخاصة بنا، فلا يمكننا الترخيص للبناء داخل منطقة (ج)؛ لان الترخيص للمواطنين في مناطق (ج) سيكون بمثابة خرق للقانون الإسرائيلي حسب الاتفاقيات، مما يجعلهم يقومون بهدم البناء، مما يضطرنا لتعويض المواطن وهذا شيء لا نملكه ولا نستطيع القيام به، ويمثل على ذلك ويقول "في عام ((2012 تعطل خط مياه لمدة عام كامل بطول (150 متر) يغذي قرى شمال نابلس، بسبب انه يمر بمنطقة أثرية في المنطقة (ج).
ويكمل عزام "لكننا كبلدية نعمل قدر الإمكان على توصيل أي خدمات للمناطق (ج) عن طريق السلطة الفلسطينية أو الارتباط الفلسطيني، وفي بعض المرات كنا ننجح".
من خلال دوائر وزارة السياحة المختصة، عملت هذه الدوائر على تطوير المقومات الاثرية والتاريخية في سبسطية، من خلال ترميم مبنى كاتدرائية النبي يوحنا المعمدان، ومسجد النبي يحيى، واعمال ترميم في المقبرة الرومانية، وبالتعاون مع شرطة السياحة والاثار والمواطنين واجهت الوزارة آفة التنقيب والاتجار بالتراث الثقافي الذي تعاني منه سبسطية.
وتعمل الوزارة أيضا على تطوير البنية التحتية السياحية لسبسطية، فقد جعلت نصب اعينها في السنوات الماضية هو تأهيل المسار السياحي في البلدة القديمة بالتعاون مع CHF والبلدية، وأيضا برنامج الامم المتحدة الانمائي وبلدية سبسطية. ومن اجل ربط البلدة القديمة بالموقع الاثري، بالإضافة الى احياء مهرجان سبسطية السنوي بالتعاون مع البلدية ومحافظة نابلس وشركاء آخرين.



الحكومة بتوعد وما بنشوف إلا الوعود
عبر عازم عن أسفه ويقول "الإمكانيات في بلدية سبسطية إمكانيات محدودة، وإيراداتها في بعض الأحيان لا تغطي مصروفاتها، فإذا لم يكن فيها موارد خارجية أو دَخِل من السياحة، فلن تستطيع القيام بأي شيء، فمنذ دخول السلطة الوطنية الفلسطينية في عام (1994) إلى هذه اللحظة لم يدخل على البلدية أي شيكل واحد من السياحة، لأن السياحة تأتي عن طريق مكاتب إسرائيلية للقطاع الخاص كالمطاعم ومحلات التذكارات وبائعي القطع الأثرية، والبلدية لا تستفيد شي،
ويكمل كلامه "لا يوجد تطوير للقطاع السياحي بشكل كامل وفعَال، لكن لا ننكر أن بعض المؤسسات والجهات المانحة قدمت بعض أعمال لتطوير السياحة، لكن بشكل بسيط جدا، فالعمل المطلوب لسبسطية هو عمل اكبر بكثير من الذي تم تقديمه، ومبالغ اكبر من التي تم صرفها.
وأضاف "مجلس خدمات تأسس في سنة (2004) والى هذا اليوم بعد اثني عشرة سنة لم يدخل عليه دولار واحد، ومنذ ما يقارب الأربعة سنوات إلى اليوم والحكومة تقدم وعود للمجلس بدعمه بسبعة ملايين دولار لمشاريع البنية التحتية، والى الآن لم نرى شيء من الحكومة، "لليوم بوعدو فينا وما بنشوف منهم إلا الوعود".

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017