أكد د. سائد الكوني، رئيس ديوان رئيس الوزراء، في كلمة له ألقاها نيابة عن رئيس الوزراء د. رامي الحمد الله، في مستهل جلسة نقاش تطوير إستراتيجية هيئة مقاومة الجدار والاستيطان التي عقدت في رام الله، أمس، أن حكومة الوفاق الوطني تدعم بكل جدية كافة الجهود لتحقيق المصالحة الفلسطينية، مشدداً على التزامها بتنفيذ أية خطوات يتم الاتفاق عليها لإنهاء الانقسام وإعادة اللحمة بين الضفة والقطاع، وأكد أن الحكومة لن تألوا جهداً في العمل على تجنيد كافة الإمكانيات والوسائل المتاحة محلياً وإقليمياً ودولياً لتكريس الحق الفلسطيني بإنهاء الاحتلال وإقامة دولة المؤسسات الفلسطينية المستقلة، ذات السيادة، وعاصمتها القدس الشرقية.
وقال د. الكوني إن مصادقة الكنيست الاسرائيلي على "قانون القومية" العنصري، أسقط القناع عن زيف الشعارات التي تغنى بها المسؤولون الإسرائيليون حول "الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط"، بما يضفي الطابع الديني على الصراع، في محاولة بائسة فاشلة لإخفاء طابعه السياسي، ذاك الصراع القائم بين شعب أرضه ومقدساته محتلة ودولة غاشمة، بالإضافة لما يحمله هذا القانون من رسالة سياسية واضحة ترسلها حكومة اليمين الإسرائيلية المتطرفة إلى كل دول العالم، مفادها الرفض القاطع للتعاطي مع أي جهود تبذل لحل الصراع سياسياً على أساس مبدأ حل الدولتين، واستمراراها وبشكل عنجهي في مشروعها الإستيطاني التوسعي، مصرةً على الإنكار العلني للوجود التاريخي والحضاري والثقافي والوطني للشعب الفلسطيني على الأرض الفلسطينية.
وأشار رئيس ديوان رئيس الوزراء إلى أن الإدارة الأمريكية الحالية اختارات الانحياز التام لهذا الاحتلال وشرعنة وجوده على الأرض الفلسطينية المحتلة، واعترافها بالقدس عاصمة لكيانه في إطار ما أطلقت عليه "صفقة القرن"، التي رفضتها القيادة الفلسطينية جملةً وتفصيلاً باعتبارها تتنافى تماما مع القانون الدولي الإنساني، وكافة القوانين الدولية الأخرى ذات الصلة بحقوق الشعب الفلسطيني التاريخية.
ونبه إلى خطورة المرحلة الحالية من تاريخ القضية، بما يتطلب توحيد الجهد الوطني لمجابهة المشروع الاستعماري والمخططات والمؤامرات الرامية إلى تصفية قضيتنا العادلة، والنيل من حقوقنا التاريخية المشروعة، وكذلك، إعادة النظر في أسس ومقومات الصمود للمواطنين، خاصةً في التجمعات المهددة بالإخلاء القسري في محافظة القدس والمناطق المسماة (ج)، وما مثال الخان الأحمر وجبل البابا المستهدفان من قبل سلطات الاحتلال بالهدم والتهجير القسري، إلا مقدمة لسلسلة طويلة قادمة من الهدم والترحيل ضد القرى والتجمعات الفلسطينية.
ووجه د. الكوني نيابةً عن رئيس الوزراء التحية الخالصة لهيئة مقاومة الجدار والاستيطان ممثلة برئيسها م. وليد عساف ولكافة طواقم الهيئة وللمتضامنين وللفعاليات الرسمية والشعبية التي وقفت بحزم وثبات ضد محاولات الاحتلال هدم هذا التجمع تمهيدا لإخلائه قسريا، موضحاً بأن الإخلاء القسري في مفهوم الاحتلال ليس بالضرورة أن يُنفذ باستخدام القوة، وإنما أيضا من خلال خلق بيئة طاردة لهذه التجمعات تجعل الحياة فيها مستحيلة، وتُجبر المواطنين على المغادرة طوعا ودونما الحاجة لاستخدام القوة تجنبا للانتقادات الإقليمية والدولية.
وأوضح الكونـي أن إستراتيجية الحكومة في المناطق المهددة والمستهدفة من الاحتلال الإسرائيلي انتقلت من العمل وفق قاعدة ردود الفعل إلى التدخل المسبق وضمن الإمكانيات والوسائل المتاحة، حيث أشار إلى أن مكتب رئيس الوزراء استحدث منذ زمن مكتبا خاصا لمتابعة قضايا المناطق المسماة "ج"، والذي يعنى بشكل رئيسي "بخلق إطار إستراتيجي لتطوير تلك المناطق" وتنسيق كافة الجهود الرسمية وغيرها للحفاظ على الهوية الفلسطينية لتلك الأراضي والوجود الفلسطيني عليها، ويقوم المكتب، وبالتنسيق مع هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، والوزارات الأخرى، بمواصلة العمل على تنفيذ خطة دعم صمود التجمعات البدوية التي أعدتها هيئة مقاومة الجدار والاستيطان عام 2016، وتمت المصادقة عليها من قبل مجلس الوزراء، وذلك دعماً لصمود المواطنين في هذه المنطقة ولتثبيت الحق الفلسطيني فيها.
وختم د. الكوني كلمته بالتأكيد مرة أخرى على ضرورة توحيد المسؤولية الوطنية للتصدي لزيادة وتيرة الاستيطان والاستيلاء على الأراضي تحت ذرائع مختلفة، وكذلك عمليات الهدم والإخلاء القسري للوجود الفلسطيني عليها، كلٌ في نطاق عمله، وإختصاصه، وإمكانياته.