كنت ضيفا اليوم على جامعة بير زيت فاطربت قلبي وعقلي واحساسي الوصايا التي وجهت للطلبة الجدد ..وصايا لكل طلبة فلسطين في كل زمان ومكان :- في المدارس والجامعات و الحدائق وحدود الوطن .
قرأت النص فابكاني ولوع شظايا قلبي .فاقسمت مجددا أن اعمل لتظل فلسطين حبيبة الروح ومهجة القلب . والجامعات وفي مقدمتها النجاح حركته وألقه وصوت مداه . الأحرار هم حماة الحرية والاستقلال .والعبيد لا يبنون اوطانا بل يحرسون واقعا مرا. والعدالة ماء الحياة. والظلم مقصلة الأجيال. والفساد دعوة للموت والانتحار والهجرة خارج نطاقات الوطن .
انقل لكم النص الذي تمنيت أن يكون وليدي الأبجدي.
د.عدنان ملحم.
"أيّها الأعزّاء،
سألقي عليكم كلماتٍ آملا ألا تفرطوا بها أبداً، فحديثي إليكم هو حديثُ الأب، وهي رؤى آثرت أن أُسمعَكم إيّاها في يومِ بهجتكم.
أولى الوصايا هي أن تتمسّكوا بحريّتكم وترفضوا سائرَ أشكالِ التحكّمِ والوصاية، وأن تنسَوا درساً قديماً خاطئاً قال إنّ "من علّمني حرفاً صرتُ له عبداً". إنّ ثقافةَ السيّدِ والعبد في مجالِ العلم لم تَعُد علينا إلاّ بمزيدٍ من الاجترارِ والتقليد. نريدُكم أن تتحرّروا منّا ومن غيرِنا، نحن الذين باتت حياتُنا وأحلامُنا وراءنا، بينما أحلامُكم وأيّامُكم أمامكم. ولا تجعلوا أحلامَكم الحرّةَ صغيرةً، بل اعبروا من سماءٍ لأخرى في آفاقِ العقل والحياة. فازرعوا هذه الروحَ فيكم وتجرّأوا وغامروا وخلخِلوا المدى. ولا تدعوا الخوف يستعبدُكم إلاّ ما بدا قَلَقاً كأنّ ريح الإبداع تحوم حولكم به. أما الخوفُ المدّمرُ الذي يورثُ الجبنَ والشعورَ بالاستسلامِ ويوهمُكم بأنّكم أمامَ قدَرٍ محتوم، فلا ترِثوه، فلا تستهينوا بإرادتكم، وانتبهوا جيّدا إلى فئاتٍ تحترفُ إحباطَ الطموحين المختلفين وكسرَ أجنحتهم، ودعوكم منهم، فهؤلاء لا يستحقّون حتّى الهجاء.
أمّا الوصيةُ الثانية، فتذكيرٌ بضرورة إخلاصِكم للعقلِ والمعرفةِ والبحث. أعيدوا للكتابِ حضورَه، كحضورِ رغيفِ الخبزِ بيننا، وأعيدوا للعربيّةِ الفصيحةِ ألقَها. وتذكّروا أن قيمَ التسامحِ واحترامِ الآخر مرتبطةٌ بالمعرفةِ بالضرورة، فلا تهاجموا شيئاً لم تفهموه بعدُ تماماً، فلطالما كان العلمُ أساساً للأخلاقِ والنبلِ والسلوكِ المتحضّر. وتذكّروا كيف اختلف الغزالي وابنُ رشد، لا بالصراخِ ونزاعِ الجهّال، بل بكتبٍ خالدةٍ متبادلة.
أما الوصيةُ الأخيرة، فإن قدرَكم أيها الطلاب أنكم وُجدتم في مرحلةٍ حرجةٍ مليئةٍ بالإثارةِ من مراحلِ تطورِ العلوم، فالعلمُ أضحى يتطورُ بشكلٍ لحظي ومتجددٍ، فكما أنه توجدُ هذه الأيامَ هواتفُ ذكيةٌ، فستوجدُ مرآة ذكيةٌ ينظرُ إليها المرءُ كلَّ صباح وتستطيعُ المرآةُ الذكيةُ أن تستشعرَ أي تغيراتٍ تطرأُ على جسمِه بواسطةِ مستشعراتٍ إلكترونية ومن ثم تخبرُه المرآةُ إن كان بحاجةٍ إلى زيارةِ الطبيب، وستستطيعُ الهواتفُ الذكيةُ الموجودةُ بين أيدينا تصويرَ الكسورِ وأيِّ تغيراتٍ في أجسامنا، وستنتهي الكثيرُ من العملياتِ الجراحيةِ التقليديةِ بوساطةِ تقنياتِ النانو تكنولوجي. وعلى الرغم من هذا التطور المتسارعـ إلا أنّ الشمسَ التي أشرقت عليكم هذا الصباح هي نفسُ الشمسِ التي أشرقت على آدم ذات يوم، والقمرَ الذي سيطلُّ عليكم هذا المساء هو نفسُ القمرِ الذي كان ينظرُ إليه نوحٌ على سفينتِه والمصريون على أهراماتِهم، والصينيون على سورِهم والهنودُ في معابدهم وقبائلُ المايا على أبراجهم. ولو قُدّر للشمس والقمر أن يتكلما، لأخبراكم أن أجملَ شيءٍ في هذا الكونِ هو إعادةُ البسمةِ على الوجوهِ الحزينة.".