زة/PNN-تقرير- منذ سبعة عقود لا تنفك إسرائيل عن سرقة ومصادرة كل ما يخص الفلسطينيين، ونسبه إليها، فبعد أن نهبت الأرض، وهجّرت سكانها الأصليين بارتكاب الجرائم، بدأت في قرصنة التراث الفلسطيني بكافة مكوناته المادية والمعنوية من عادات وتقاليد، وأكلات شعبية، وملابس، ومقتنيات وغيرها، في محاولة منها لإلغاء الهوية الفلسطينية، وإثبات أحقيتها المزعومة في أرض فلسطين.
وفي نفس الإطار سعى الاحتلال بشكل متواصل لتغييب دور المثقفين والمفكرين الفلسطينيين لإدراكه خطورة الدور الذي يلعبه هؤلاء في استنهاض الجماهير وتوعيتها وتوجيهها نحو الثورة، ورفض الظلم والتبعية، وفي سبيل ذلك قامت عصابات الاحتلال باستهداف ممنهج واجرامي لمكونات الثقافة الفلسطينية الصامدة.
وكان آخر تلك الجرائم في التاسع من أغسطس الماضي عندما قامت طائرات الاحتلال بقصف مبنى مؤسسة المسحال للثقافة والفنون بعدة صواريخ حربية وتدميره بشكل كامل، انهارت معه أحلام عشرات الشبان الموهوبين والمبدعين، كانت المؤسسة بالنسبة لهم منبراً لتفريغ طاقاتهم الإبداعية والتعبير عنها بكل حرية، ويُعد المبنى مقراً لـ 6 مؤسسات تنشط في مجال الثقافة والفنون والتراث والفلكلور الشعبي؛ وهي مركز غزة للثقافة والفنون، وجمعية أبنائنا للتنمية، والمركز الثقافي المصري، بالإضافة لفرقة العنقاء للدبكة الشعبية، وقصر الثقافة ومسرح فلسطين، حيث تأسست مؤسسة المسحال عام (2004) وكانت تضم بين جنباتها عدة أقسام وتجهيزات لوجستية لإقامة وتنفيذ الفعاليات والأنشطة الثقافية المختلفة والعروض المسرحية، والأمسيات الشعرية، والمعارض الفنية.
وسبق ذلك بحوالي أسبوعين، قيام قوات الاحتلال بشن هجوم جوي مدمر على منطقة الكتيبة وسط مدينة غزة استهدفت خلاله مبنى دار الكتب الوطنية بعدة صواريخ ما أدى إلى تدميره بشكل شبه كامل وإلحاق أضرار واسعة في المباني المجاورة، وتأسس المبنى عام (1995)، لتلبية حاجة المجتمع الفلسطيني لوجود مكتبة وطنية، الا أن المشروع تعرض للانتكاسة وتوقف العمل به بعد اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، وكان قد تعرض للاستهداف والتدمير الجزئي من قوات الاحتلال أكثر من مرة خلال الهجمات الاجرامية التي تعرض لها قطاع غزة في أعوام 2008 و2012 و2014، وكانت وزارة الثقافة كانت تعكف على وضع الخطط الهندسية للبدء بإعمار المبنى واعادة تأهيله، ومن المنتظر أن يضم المبنى مطبعة ومكتبة وطنية، ومسرح وطني، ومقهى ثقافي، وقاعة مؤتمرات؛ وخلال نفس الهجوم تعرضت قرية الفنون والحرف التابعة لبلدية غزة للتدمير الكلي، وهي مؤسسة مختصة في جمع وعرض المقتنيات الأثرية والمشغولات التراثية.
وبدأت الاعتداءات الإسرائيلية على التراث الفلسطيني في أعقاب نكبة عام 1948 عندما بدأوا بتغيير الوجه العربي العريق للمدن الفلسطينية وتخريب معالمها الأثرية وسرقتها، وإسكان المهاجرين الصهاينة في بيوت المواطنين الأصليين المهجّرين قصراً، كما قاموا بتغيير أسماء المدن والقرى والمواقع الجغرافية وتسميتها بأسماء عبرية ومراسلة المؤتمرات الجغرافية الدولية للحصول على موافقتها عليها ومن ثم إرسالها إلى المؤسسات الدولية بدءاً من الأمم المتحدة والمنظمات الثقافية ودور النشر الجغرافية المتخصصة في صناعة الخرائط وطباعة الأطالس.
ومن تلك الاعتداءات ظهور وزيرة الثقافة الإسرائيلية في مهرجان (كان) السينمائي بفستان يحمل صورة البلدة القديمة في القدس المحتلة، بالإضافة لاعتماد الثوب الفلسطيني ليكون لباساً رسمياً للمضيفات على متن الخطوط الجوية الإسرائيلية، وتقديم الأكلات الشعبية الفلسطينية خلال رحلاتها الجوية.
وشهدت مدينة القدس المحتلة حملات تهويدية شرسة استهدفت البيوت والمساجد والمقابر والأضرحة لتغيير ملامحها العربية والاسلامية، وتعرض المسجد الأقصى ومازال للعديد من الانتهاكات والحفريات التي تهدد وجوده، كما تعرض المسجد الابراهيمي في مدينة الخليل لاعتداءات سافرة انتهت بتقسيمه زمانيا ومكانيا، ووصلت الوقاحة الاسرائيلية حد قيامها بسرقة التراث الفلسطيني وتسجيله باسمها في منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
هذه الاعتداءات تُعد انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والاتفاقيات والمواثيق الدولية التي تنص على حماية الممتلكات الثقافية والمواقع الأثرية خلال الحروب والنزاعات المسلحة، مما يتطلب تدخلاً عاجلاً من المنظمات الدولية لحماية التراث الفلسطيني الذي هو جزء أصيل من التراث الإنساني، وتدميره يلحق ضرراً شديداً في الهوية الثقافية للشعب الفلسطيني وهي خسارة فادحة للموروث الثقافي الانساني.
شبكة فلسطين الإخباريه