بينت دراسة أجراها باحثون من جامعة "يورك" البريطانية، أنّ الأدوية التي يتمّ استخدامها للتّخلّص من تدخين السجائر، لا تملك الفاعلية ذاتها في علاج الإدمان على تدخين الأرجيلة أو "الشيشة" التي يقبل عليها من يعتزمون ترك تدخين السجائر بشكل كبير.
ويعتقد الكثيرون أنّ الأرجيلة تعدّ بديلة آمنًا للسيجارة، لكنّ هذا خطأ شائع، إذ وضّحت الدراسة أنّ مدخني الأرجيلة يستنشقون كميات كبيرة من التبغ والفحم، مما يعرضهم للمخاطر الصحية نفسها التي تسببها السجائر، ومن بينها أنواع مختلفة من السرطان.
واعتمدت الدراسة التي نشرت في مجلة "أديكشن Addiction" العلمية، على متابعة 500 مدخن للأرجيلة، المسماة أيضًا بـ"الشيشة"، بشكل يومي، ورصد تأثير دواء باسم "فارنيكلين" وهو أحد الأدوية المتبع استخدامها للإقلاع عن التدخين، بحيث كان نصف المشتركين يتلقّون علاجًا بالأدوية، فيما تلقّى النصف الآخر منهم علاجًا نفسيًّا.
واعتمد البرنامج العلاجي على تقديم نصائح لتعديل السلوك لدى المدخنين لمواجهة الجوانب النفسية للإدمان، وهو كما تذكر الدراسة، أقلّ فاعليّة من الدواء.
وبيّنت نتائج البحث أنّ فاعلية الدواء ومفعوله في تخفيف إدمان التدخين، كانت أقلّ نجاعةً وتأثيرًا على مدخّني الأرجيلة بالمقارنة بتأثير العلاج النفسي، والذي يكون عادة أقلّ تأثيرًا وفاعلية من الأدوية، فلم يساعد الدواء مدخني الشيشة على ترك التدخين.
وأظهرت النتائج من خلال المتابعة للمشتركين، أنّ معظمهم يعتمدون الأرجيلة وسيلة مساعدة لمحاولة ترك التدخين، بالإضافة إلى تدخين السجائر على حد سواء، وإن كانت بنسبة أقل، الأمر الذي رجّح لباحثون أن يكون السبب الأساسي في عدم فاعلية الدواء.
وتوضّح الدراسة أنّ الدواء الذي درست تأثيره، والذي يدعى "فارينيكلين"، يعمل من خلال الالتصاق بمستقبلات النيكوتين فى المخ ويوقف نشاطها، الأمر الذي يساهم في تخفيف أعراض الشراهة للتدخين، لكن، ووفقًا للدراسة، فإن هذا التأثير يستلزم وجود رغبة قوية لدى المدخن الذي يستخدم الدواء، في الإقلاع عن التدخين.
ويعدّ "فارينيكلين" أحد الأدوية الناجعة في الإقلاع عن التدخين، وترتفع نسبة نجاحه في مساعدة الأشخاص على الإقلاع عن التدخين بحوالي ضعفين أو ثلاثة أضعاف في حالة تناوله لمدة 6 أشهر، وذلك مقارنةً بالعلاج الوهمي في دراسات أُجريت معظمها على مدخني السجائر، بحسب ما ذكرته الدراسة.
وتذكر الدراسة أنّ تدخين الأرجيلة بنكهاتها المختلفة، يلقى رواجًا خاصّةً لدى الشباب، ورغم إدراك العديد من الدول لمدى خطورتها، يظلّ من الصعب وضع قوانين للسيطرة عليها، كما تعدّ الأدوية التي تساعد على الإقلاع عن تدخينها باهظة الثمن.
كما تطرح الدراسة أنواعًا ومستويات لإدمان التدخين، إذ ينقسم الإدمان إلى نوعين مستويين أساسيين: العصبي، والاجتماعي. إذ أنّ تدخين "الشيشة" يعدّ لدى 90% من المشاركين في التجربة، سلوكًا جماعيًّا وليس فرديًّا كما في تدخين السجائر.
كذلك فإنّ تزويد الأرجيلة بالنكهات المختلفة واستنشاقها بشكل أعمق وتدخينها لفترة أطول تصل أحيانًا إلى ساعة كاملة، تجعل المحفزات الحسية مختلفة في تدخين كلٍّ منهما.
وتقترح الدراسة اللجوء إلى مزيد من المتابعة للأنماط الاجتماعية لتدخين الشيشة وتطوير سياسات التحكم في التبغ.
وشددت الدراسة على ضرورة تبنِّي سياسات مشابهة لتلك المتَّبعة في مجال مكافحة التدخين، وزيادة الوعى بمخاطرها خاصةً بين الشباب، والتحكم في استخدامها في الأماكن العامة، واستخدام الأدوية التقليدية المعنية بمكافحة التدخين بصورة عامة