اعتبر مركز أسرى فلسطين للدراسات استمرار الاحتلال في اعتقال المعاقين استخفافاً بحياة الإنسان الفلسطيني، ومخالفة صريحة لأبسط الأعراف والمواثيق الدولية التي تعتبر هؤلاء ذوى احتياجات خاصة لا يجوز الاعتداء عليهم بل تقديم العون والمساعدة لهم .
وقال المركز في تقرير أصدره بمناسبة اليوم العالمي للمعاق الذي يوافق الثالث من كانون أول/ ديسمبر من كل عام بان الاحتلال يحتجز في سجونه 33 أسيراً فلسطينياً يعانون من الإعاقة بأشكالها المتعددة سواء كانت جسدية أو نفسية، بينما يخضعون لظروف الاعتقال القاسية التي تزيد من معاناتهم، ولا توفر لهم احتياجاتهم الخاصة أو أجهزة مساعدة .
اعتقال المعاقين
الباحث "رياض الأشقر" الناطق الإعلامي للمركز أكد بأن الاحتلال لا يتورع عن اعتقال المواطنين الذين يعانون من اعاقات نفسية وجسدية مختلفة، حيث اعتقل بعضهم وهم على كراسي متحركة ، وآخرين اعتقلوا لا يستطيعون الحركة إلا بمساعدة غيرهم، وآخرين يعانون من أمراض نفسية خطيرة وفاقدين للأهلية، ويعرضهم لظروف قاسية الأمر الذي يفاقم معاناتهم ويضاعف إصابتهم بالأمراض، بل يرفض في الكثير من الاحيان اصطحاب الكراس المتحركة او العكاكيز التي يتنقلون من خلالها.
وفى اكتوبر الماضي اعتقلت قوات الاحتلال " مهدي أبو هنية" 36 عام، من قلقيلية بعد اقتحام منزل عائلته وهو من ذوى الاحتياجات الخاصة حيث انه معاق ذهنياً و فاقد للأهلية وغير مسئول عن تصرفاته، ومددت اعتقاله 4 مرات، ورفضت طلب المحامي بإطلاق سراحه نظراً لظروفه الصحية .
كما اعتقلت الفتى المعاق " محمود فوزي الفاخوري" (17 عاما)، من الخليل، وهو من ذوى الاحتياجات الخاصة حيث انه أصم وأبكم .
وكانت أفرجت قبل شهر عن الأسير "عدنان ياسين حمارشة" (50) عاماً من جنين بعد ان امضى 6 شهور فى الاعتقال الاخير، وهو يتنقل على كرسي متحرك، وكان اصيب خلال اعتقاله السابق بجلطة دماغية ادت فقدانه التوازن، وعدم القدرة على الحركة .
التعذيب سبب الإعاقة
وأشار "الأشقر" الى أن إجراءات الاحتلال القمعية بحق الأسرى ساهمت في رفع اعداد المعاقين في السجون، وفى مقدمتها ممارسة وسائل التعذيب القاسية والمحرمة، والتي أدت الى اصابه عدد منهم بإعاقات دائمة او جزئية، وكذلك اطلاق النار على المواطنين قبل اعتقالهم مما سبب لهم اعاقات مختلفة.
واستشهد "الاشقر" بعدة حالات اصيب بإعاقات خلال التحقيق منها الأسير المحرر " لؤي ساطي الأشقر" (36 عاماً) من طولكرم، وكان تعرض لتحقيق قاس في مركز توقيف وتحقيق الجلمة، الأمر الذي تسبب له بشلل تام في رجله اليسرى، وقد أطلق الاحتلال سراحه بعد 3 سنوات، وأعاد اعتقاله 4 مرات رغم إصابته بالشلل في ساقه.
كذلك الأسير المحرر" نادر عبد القادر مسالمة " من الخليل والذي أصيب بشلل نصفى نتيجة التعذيب الوحشي الذي تعرض له خلال فترة التحقيق، حيث تعرض لضرب شديد على العمود الفقري أدى إلى شلل في رجليه، ويستخدم كرسي متحرك في تنقلاته ، وقد اطلق سراحه بعد ان امضى 7 سنوات في السجون .
معاناة مزدوجة
وأشار "الأشقر" إلى أن الأسرى المعاقين يعانون معاناة مزدوجة و مضاعفة عن الأسرى الآخرين، لأنهم يجمعون ما بين انتهاكات الاحتلال وممارساته الإجرامية بحق الأسرى، وبين معاناة الإعاقة وعدم قدرتهم على الحركة، والحاجة لغيرهم في التنقل وممارسة أنشطة الحياة داخل السجن.
إضافة إلى خلو سجون الاحتلال من الأجهزة الطبية المساعدة لذوي الاحتياجات الخاصة، كالأطراف الصناعية لفاقدي الأيدي والأرجل، والنظارات الطبية، ، والمقاعد المتحركة، والفرشات الطبية والمشدّات أو أجهزة خاصة بالأسرى الذين لا يستطيعون السير، "كجهاز الوكر" الذي يساعد على المشي، وكذلك أجهزة التنفس والبخاخات لمرضى الربو والتهابات القصبة الهوائية المزمنة
كما يرفض الاحتلال ادخال تلك الأجهزة الطبية عن طريق مؤسسات خاصة أو منظمات حقوقية، كذلك لا يسمح بإدخالها عن طريق الأهالي، كما لا يسمح الاحتلال يتواجد اسرى غير مرضى في مستشفى سجن الرملة لمساعدة الاسرى المعاقين على الحركة وإعداد الطعام وتناول الأدوية والاستحمام وغيرها، كما لا يوفر الاحتلال اطباء نفسيين لمتابعة حالات الاسرى الذين اصيبوا بأمراض نفسية نتيجة ظروف السجن والعزل، وهذا يزيد من معاناة الأسرى المعاقين في السجون،
إهمال طبي
واعتبر "الأشقر" سياسة الإهمال الطبي المتعمدة سبب في اصابة العديد من الاسرى بإعاقات دائمة أو مؤقتة، حيث أدى تأخر إدارة السجون المعتمد في إجراء بعض العمليات الجراحية لأسرى مرضى إلى بتر أطراف من أجسادهم، كما حدث مع الأسير "ناهض الأقرع" الذي تم بتر قدمه اليسرى نتيجة الالتهابات الشديدة التي عانى منها بعد إهمال علاجه، كذلك الفتى "جلال شراونه" 18 عام من الخليل ، بترت قدمه اليسرى بعد اصابته بالرصاص واهمال علاجه، كذلك أدى عزل بعض الأسرى لسنوات طويلة بشكل انفرادي، أو تعرضهم للتعذيب الشديد والإرهاق النفسي والعصبي إلى إصابتهم بإعاقات نفسية مستمرة .
وطالب المركز المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، التدخل والضغط على الاحتلال لإطلاق سراح عشرات الأسرى الذين يعانون من إعاقات مختلفة ، حتى يستكملوا عملية تأهيلهم و وعلاجهم في الخارج، قبل أن تتدهور حالتهم النفسية والجسدية أكثر من ذلك.