يشهد استهلاك الخضراوات النيئة تزايدا كبيرا خاصة في القارة الأوروبية، لكن إذا لم تحترم قواعد تعليب هذه المنتجات وتوزيعها فإن ذلك يمكن أن يعرض حياة المستهلكين للخطر.
فمن المنطقي أن تكون صحتنا على رأس أولوياتنا، لذلك يحرص كثيرون على تناول السلطات والخضراوات النيئة.
لكن المفارقة الغريبة تكمن في أن هذه السلطات المعلبة التي تباع في الأسواق ويفترض أنها صحية جدا يمكن أن تعرض حياتنا للخطر.
تقول خبيرة التغذية العضو في المعهد الأوروبي للأخطار البيولوجية آنا آيندي إن الخضراوات النيئة لم تكن يوما آمنة بنسبة 100%، وقد ازدادت مخاطرها في هذه الفترة.
فتلك السلطات التي تباع جاهزة في الأسواق، وتتكون من خضراوات نيئة مقشرة ومقطعة وجاهزة للأكل يمكن أن تكون موطنا لمستعمرات من البكتيريا التي تنتقل فيما بعد إلى الجسم.
ولعل أخطر هذه الجراثيم البكتيريا الإشريكية القولونية المعروفة اختصارا ببكتيريا إي كولاي، وهي قادرة على التكاثر في الجهاز الهضمي والأمعاء، وتسبب العديد من المشاكل الصحية مثل الإسهال، وقد ينتهي الأمر في بعض الحالات إلى الموت، وفقا للكاتبة فيرونيكا موييخو، في مقال نشرته صحيفة "الكونفيدينسيال" الإسبانية.
وهذه البكتيريا الخطيرة كانت مسؤولة عن إصابة 3255 شخصا في ألمانيا عام 2011 بمتلازمة انحلال الدم اليوريمية، المتمثلة في تكسر خلايا الدم الحمراء، هو ما يؤدي لفقر الدم ونقص الصفائح الدموية. وقد أدى انتشار هذه البكتيريا حينها إلى وفاة 50 شخصا.
الخضراوات تحتوي على أنواع عديدة من البكتيريا مثل إي كولاي، التي تشكل خطرا على صحتنا (بيكسابي)
ولكن الخبر السار الذي يبعث على الاطمئنان على الأقل هو أننا نتعرض لهذه البكتيريا كل يوم بشكل عادي، ولا تصيبنا بأي ضرر. والأشخاص الأكثر عرضة لخطر الالتهابات بسبب إي كولاي، هم أولئك الذين يعانون من ضعف المناعة والأطفال وكبار السن، لذلك يجب عليهم توخي الحذر.
تحذير جديد
ولكن دُقت نواقيس الخطر مجددا بعد نشر دراسة أعدتها مجموعة من الباحثين والعلماء من المركز الفيدرالي لبحوث النباتات المزروعة في ألمانيا. وقد أكد المركز في تقريره أن الخضراوات تحتوي على أنواع عديدة من البكتيريا مثل إي كولاي، التي تشكل خطرا على صحتنا.
وبين هذا التقرير أن بكتيريا إي كولاي لا تمثل الخطر الوحيد الذي يهدد صحتنا، بل تطورت الجراثيم المسببة للأمراض واكتسبت مقاومة أكبر أمام الجسم. وتشهد هذه البكتيريا تحولات في شيفرتها الجينية تسمح لها بإنتاج أنواع من البروتينات تجعلها منيعة أمام بعض أنواع المضادات الحيوية، التي كانت في السابق فعالة.
وهذا المعطى يحيل إلى تحذيرات الأطباء التي دائما ما نسمعها، حول تطور البكتيريا واكتسابها القدرة على مقاومة الأدوية. وخلال السنوات القادمة، ستصبح بعض الأمراض التي كنا سابقا نعالجها بكل بساطة، قادرة على الانتشار وغير قابلة للشفاء.
عمل هؤلاء الباحثون على تحليل الشيفرة الجينية للبكتيريا الموجودة في السلطة الجاهزة للشراء والأكل في الأسواق الألمانية، وكانت النتائج التي حصلوا عليها مثيرة للصدمة، فقد أظهرت دراستهم تنوعا مذهلا للصفات المقاومة للمضادات الحيوية، وقدرة هذه البكتيريا على الانتقال والانتشار بسهولة.
وهذه النتائج التي توصل إليها هذا البحث تعني أن الخس المعلب والملفوف بعناية والذي يقبل الناس على تناوله ظنا منهم أنه صحي قد يكون في الحقيقة من أخطر الأطعمة التي تنشر البكتيريا وتسمح لها بتطوير قدراتها.
كيف يمكن تجنب هذا الخطر؟
بما أننا المستهلك النهائي، وليست لدينا القدرة على معرفة ما يحدث أثناء إنتاج وتوزيع هذه الأطعمة، فإن قدرتنا على التأكد من سلامة الغذاء تبقى محدودة. ولكن هناك بعض الخطوات التي يمكننا توخيها، مثل التأكد من أن الشركة المنتجة تحترم معايير وقواعد النظافة والسلامة.
خطر الأغذية الطازجة يكمن أساسا في مرحلة التقطيع والغسل والتعليب (بيكسابي)
ويتمثل أهم عامل في ظروف التخزين والتوصيل، حيث إن وقوع أي إهمال في سلسلة النقل والتبريد هو الذي يؤدي للإضرار بالطعام الطازج وانتشار البكتيريا.
ويمكن الوثوق أكثر في الماركات المعروفة، باعتبار أن الشركات الكبرى لديها نظام إنتاج ضخم يخضع لمراقبة مكثفة، أما الشركات الصغرى فقد يكون لديها الفرصة لتجاهل قواعد الحفظ والتوزيع.
وخطر هذه الأغذية الطازجة يكمن أساسا في مرحلة التقطيع والغسل والتعليب، عندما لا تراقب معايير النظافة. ويزيد احتمال وقوع هذا التقصير مع الخضراوات العضوية التي تحرص الشركات على غسلها بمواد طبيعية لكنها لا تكفي للقضاء على البكتيريا.
وتعد السلطات المعلبة أكثر خطورة من تلك التي تباع مباشرة من الحقل. ويعزى السبب وراء خطورة السلطات المعلبة إلى أنها تغسل بشكل جماعي في أحواض ضخمة سعتها 600 كيلوغرام. وإذا لم تستخدم مواد مطهرة وفعالة، فإن البكتيريا الموجودة في نبتة واحدة يمكن أن تنتقل إلى الكمية كاملة.
المصدر : مواقع إلكترونية