أحياناً تجلس على مكتبك تُحاول أن تبدأ عملك فتشعر أن عقلك هائم، لا يستطيع التركيز على المهام التي أمامك، تشعر أن كل شيء في رأسك وأمام ناظريك مُشوَّش، وأنك لا تستطيع أن تستجمع انتباهك في العمل لتتمكّن من إنجازه.
أحياناً تبدأ في العمل بالفعل، لكن بعد دقائق معدودة تجد نفسك غير قادر على الاستمرار، تحاول أن تُجدد طاقتك على مواقع التواصل الاجتماعي أو بمشاهدة المواد المُصورة لتُفاجأ بأن نصف الوقت المرصود للعمل قد أُهدر بلا إنجاز.
هذا الشعور بالضبط هو ما يُقصد به عدم التركيز في العمل، والذي يعني أنك غير قادر على البدء في العمل والاستمرار فيه بقدرة ذهنية مُرتفعة. يُعدّ تركيز انتباهك وكامل طاقتك في العمل إحدى قواعد النجاح في العمل، ويُمكن القول أيضاً إنه سر النجاح في العمل.
أسباب عدم التركيز في العمل:
من أسباب عدم التركيز في العمل هو شعورك بأن لديك الكثير من المهام التي يجب عليك القيام بها في وقتٍ قليل جداً، وهو الأمر الذي يجعلك مع مرور الوقت تشعر بالقلق وتفقد الاهتمام ومن ثَم التركيز في العمل. ربما يكون السبب أيضاً هو اختيارك لأهدافٍ عملاقة تكاد تكون أحلاماً مُستحيلة، مما يُفقدك القدرة على التعامل الصحيح معها والتركيز على العمل بها. رُبما أيضاً يعود السبب إلى استسلامك للمُشتتات الجانبية مثل التليفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي أو مُشاهدة المقاطع المُصورة أثناء الوقت المرصود للعمل.
كيف أُزيد من تركيزي في العمل وأرفع من كفاءتي الإنتاجية؟
هناك بعض النصائح التي تُساعدك على التركيز في العمل، وتُحفزك على رفع الكفاءة الإنتاجية في المهام المُكلف بها، فإليك الخطوات العملية التي تمنحك التركيز الحقيقي:
1- حاول إدراك ما هي المُشكلة تحديداً
بمُجرد أن تقرّ بأنك غير قادر على إنجاز مهامك في العمل في وقتها المُحدد، حاول أن تفكر في الأسباب التي تُعيق تدفق أفكارك وتمنعك عن التركيز في العمل، وحينما تصل إلى أسباب مُحددة بدقة، ستتمكن من اتخاذ الخطوات اللازمة للتغلب على هذه الأسباب وتحسين الأمر.
2- اصنع قائمة بأهدافك وأولوياتك
حينما تقوم بإنجاز مُهمة في العمل عليك أن تصنع قائمة بأهدافك وتُرتب أولوياتك لتتجنب عدم التركيز، فمن خلال إعداد هذه القائمة ستعرف ما الذي يجب إنجازه أولاً؟ وما الذي يُمكن إنجازه في وقت لاحق؟ عند إعداد قائمة الأولويات حاول ترتيب المهام بها وفقاً لأهميتها أو وفقاً للتسلسل الزمني المطلوب فيه إنهاء كل مُهمة، ويُمكنك أن تضع مهامك اليومية على لوحة مُعلقة أمامك لتتمكن من مُراجعة ما عليك فعله بعد إنجاز كل مُهمة.
3- تقسيم الأهداف الكبيرة
عند كتابة الأهداف فمن الأفضل تقسيم الأهداف الكبيرة إلى أهدافٍ أصغر؛ لأن الأهداف الكبيرة تستغرق وقتاً وطاقة أكبر لإنهائها، ورؤيتك لهدف عملاق كبير لا تجد سبيلاً لتحقيقه هو طريقة سهلة لقتل تركيزك في العمل، فقُدرتك على تحويل هدفك الكبير لأهداف صغيرة سيُعطيك شعوراً بالإنجاز وسيُشجعك على التركيز في العمل. كذلك فإن ذهننا يفهم بشكل أفضل المهام البسيطة والقصيرة الأجل، وتقسيم الأهداف هو الأمر الذي بإمكانه أن يُحول أحلامنا المستحيلة إلى أهداف مُحتمل تحقيقها، فوجود الأهداف قصيرة المدى يُساعدنا على التركيز في العمل وتحقيقها بسهولة. يجب أيضاً أن يكون لديك من المُثابرة والشجاعة ما يكفي لإجراء تغييرات على أهدافك قصيرة الأجل متى احتاجت لذلك.
4- تقليل الفوضى خلال يومك بتركيزك على إنجاز مُهمتين أو ثلاث فقط
إذا كان لديك 20 مهمّة تحتاج القيام بها، فلا تضعها جميعاً أمام عينيك في بداية يومك، سيُوترك هذا ويُشعرك بالقلق ويُفقدك التركيز في العمل، عليك إدراك أن هذه المهام ستنتهي تدريجياً، وليس مطلوباً منك إنهاؤها في يومٍ واحد. تحتاج إلى تقسيم المهام وفقاً لأولوية تنفيذها أو الموعد الزمني المُحدد لإنهائها. تنفيذ مُهمتين أو ثلاث خلال اليوم أمر مُرضٍ لتحقيق أهدافك والتركيز في عملك، فأن تسير ببطء أفضل من أن تفقد تركيزك أو تستسلم وتتوقف عن العمل في وقتٍ مُبكر لأنك استنفدت طاقتك. تكمن الفوضى في عقولنا أيضاً، فبمُجرد البدء في العمل يبدأ عقلك في التجول بأفكار غير مُتعلقة بالعمل، تقتل التركيز، يمكن تجنب هذا بتحديد مكان خاص للعمل. عند أخذ فترة راحة يُمكنك التحرك من مكان العمل، حينها سيدرك العقل متى عليه أن يقتصر على الأفكار المُتعلقة بالعمل، ومتى يُمكنه أن يتجول بين الأفكار بحريّة. تقليل الفوضى يتمثل أيضاً في الابتعاد عن وسائل قتل التركيز مثل التليفزيون أو مواقع التواصل الاجتماعي أو التليفون، الابتعاد عمّا يُشتت انتباهك هو وسيلتك للتركيز في العمل.
5- دوّن إنجازاتك وشجع نفسك
لضمان استمرار تركيزك في العمل عليك أن تُشجع نفسك بتذكر مهاراتك، وقدرتك على تنفيذ مهامك في العمل، يحدث ذلك من خلال تدوين إنجازاتك للأنشطة والمهام السابقة على ورق، تلصقه في أي مكان يُمكنك رؤيته أمامك لتشجيعك وحثّك على استمرار التركيز في العمل لتحقيق أهدافك.
واحدة من طرق التحفيز أيضاً هي أن تُحيط نفسك بالأشخاص الإيجابيين، الذين يُشجعون ويحمسون على استمرار التركيز في العمل، ويُساعدوننا على النظر في أوجه التقصير لدينا، قيامهم بهذا يُساعدنا ألا نبعد أذهاننا عن التركيز على أعمالنا وأهدافنا. طريقة أخرى لتشجيع نفسك على التركيز في العمل تتمثل في تخيل نفسك وقد حققت حلمك ووصلت إلى هدفك، سيساعدك هذا على العودة إلى عملك بحماس والتركيز فيه.
6- جرّب خمس دقائق من التأمل
كثير من الذين يُعانون من عدم التركيز في العمل، يحدث لهم هذا بسبب شعورهم بالإجهاد، والضغط العصبي الناتج عن الإلزام بمواعيد نهائية على المدى القصير، ستحتاج فقط للجلوس بهدوء لمدّة خمس دقائق تُمارس خلالها التأمل وتُحاول التركيز واستجماع طاقتك الذهنية. هذه الطريقة من طرق تعلم التركيز وتطوير قوة إرادتك، يُمكنك أن تصل بالتدريج إلى نصف ساعة من التأمل تُمارسها خلال الساعات الأولى من الصباح في مكان مفتوح أو حديقة. كشفت إحدى الدراسات في جامعة نورث كارولينا، أن الطلاب الذين مارسوا التأمل لمدة 20 دقيقة فقط في اليوم لأربعة أيام كان أداؤهم أفضل في بعض الاختبارات من غيرهم.