الأربعاء ٦-٢-٢٠١٩ يوم عادي جداً وتاريخ كباقي التواريخ عند جميع الناس منهم من يحتفل به وهناك من يحزن كل حسب ما يستذكره في هذا اليوم.
ولكن هل يعي هذا العالم أو هل هناك من يعلم في هذه الدنيا أن هناك دنيا وعالماً وبشراً محجوبون عنهم لا شمس لهم ولا قمر!! سماؤهم من حديد وأرضهم أمتار مقسمة بينهم وأسماؤهم أرقام واليوم سقط منهم رقم فاحتل المرتبة الثامنة عشر بعد المائتين بعد أن عمّر في دنيانا التي تجهلونها.
سبعة وعشرون عاماً عاشها هذا الرقم بأحزانه وقليل من أفراحه لاحقاً بأمه التي سبقته بأعوام قليلة وهي تحلم أن تراه حتى تكتحل عيناها توفاها الله وقد كنا نأنس بصوتها القادم من بعيد تشكو إلى الله ظلم هذا العالم الذي لم يرحم قلبها الضعيف المشتاق لابن لها غاب عنها بفعل الواجب في دنيانا المحجوبة عن دنياكم..
فارس بارود هذا هو الاسم وقد سُمح لنا بالكشف عنه وكان في حياته رقماً ولان وبعد أن نال حريته بفعل الموت الذي حرره من قيوده من سجنه من زنزانته من مرضه ..
فهل يا أيها العالم وَيَا أحرار الدنيا وَيَا أبطال المقاومة سمعتم باسمه وهل مرضه ومعاناته وأمثاله كثر أخذ من أوقاتكم الثمينة دقائق!!! هل فكرتم به ليلاً !! هل كان حاضراً في دعائكم !! هل كان من ضمن مشاريعكم وعلى سلم أولوياتكم!!!
حمداً لله فقد أراح واستراح وأراحكم بنزوله عن كواهلكم وقد حملتموه سبعة وعشرين عاماً ولسان حالكم يقول "عقبال الباقون"، فوالله إن أفعالكم نطقت بذلك وإن لم تنطق ألسنتكم وإلا في أي دين وفي أي قانون وتحت أي مسمى يترك أبناؤكم وإخوانكم ومناضلوكم كل هذه السنوات خلف القضبان تحت رحمة السجان تفترسهم الأمراض؟!!!
حتى إذا ما ماتوا وقد شاخوا وهرموا في هذه السجون تباكيتم عليهم وتنافستم في تبنيهم وارتفع صوتكم بالخطب الرنانة تزفوهم شهداء.. أليس منكم رجل رشيد يخرج علينا ولو مجاملة أو مراعاة لمشاعرنا فيعتذر أو يعترف بالتقصير أو يعلن الفشل؟!!!
أتحداكم إن كان أحد منكم كان يعرف اسمه أو كنيته أو زار أمه قبل موتها.. ما أرحم الموت عندما يحررنا من قبورنا ويخرجنا من سجوننا فيرفعنا على رؤوسكم بأسمائنا ويسّود وجوهكم بعد أن يكشف سوءاتكم وقد رضيتم لنا حياة الأرقام..
ذهب فارس للقاء أمه حتى يُكحل لها عيونها ويدفئ قلبها ويرتمي في أحضانها.. ثم تقولون ويقول الجميع إنه القدر الذي أصبح شماعة تعلقون عليها عجزكم وفشلكم .. القدر وهل يسير إلا بأسبابه؟!
استراح فارس وميسرة أبو حمدية فحضروا أجوبتكم ولتنفعكم خطبكم وفصاحتكم، استراح فارس من سجنه وقيده ومرضه وسقط رقمه وظهر اسمه وحرره الموت فمرحبا بالموت حراً محرراً للأحرار ...
الأسير حسن سلامة
سجن هدريم