من نابلس: من لينا لهلبت
بمجرد أن ترى صورته المعلقة على الحائط تقرأ فيها تعابير سنوات من الجمود والثبات وحسرات على سنين مضت، فهو صاحب ابتسامة ميزت ملامحه ورسمت معالم وجهه المألوف نحيفا قليل الكلام وخجول عيناه شغوفتان بكتابة كل ما هو جديد، وهو مجتهد ومحب لوطنه ودءوب، وتجد في كتاباته عبقاً من تاريخٍ مضى.
إنه الأسير الكاتب والروائي كميل أبو حنيش الذي كان يعيش قبل اعتقاله في منزل متواضع بأحدى حارات قرية بيت دجن، والمولود بتاريخ 26-9- 1975 والمحكوم عليه بالسجن تسع مؤبدات لكنها لم تمنعه من أن يشارك بقلمه قضايا وطنه.
بالإضافة إلى حكم الأسير كميل فهو مطلوب منه غرامة مالية قدرها 65 مليون شيكل بسبب انتمائه ونشاطه في كتائب الشهيد أبو علي مصطفى ومسؤوليته عن تنفيذ عمليات أوقعت قتلى في صفوف الاحتلال.
استُهدف أبو حنيش لعملية اغتياله بسيارة مفخخة عام 25-5-2001 وأصيب إصابات بالغة كانت نتيجتها هدم قوات الاحتلال لمنزله خلال فترة ملاحقته، وفي ظل مطاردة الاحتلال لكميل لم يقصروا في اعتداءاتهم على أفراد العائلة جميعهم، فاعتقل أخيه كمال إداريا عدة مرات واعتقل أشقائه فؤاد وجورج أيضاً وتم هدم منزلهم عام ٢٠٠٣ من أجل الضغط على كميل ليسلم نفسه.
درس كميل البكالوريوس في مجال الاقتصاد والعلوم السياسية عام 1999 في جامعة النجاح الوطنية فهو من مؤسسين جبهة العمل الطلابي في الجامعة ومسؤؤل المكتب الطلابي في الضفة الغربية، وأنهى الماجستير في الأسر بالانتساب إلى جامعة أبو ديس قبل أيام في دراسات شؤون إسرائيلية، وهو الآن يقبع في سجن ريمون.
قابلنا شقيقه كمال أبو حنيش ليروي لنا قصة أخيه الأسير كميل، فجلس على كرسيه واثقاً ومفتخراً بأخيه ويُرجِع ذاكرتهُ إلى الوراء ليروي لنا قصة اعتقال شقيقه الذي لم يذوق طعم الحرية وأسباب الاعتقال التي مضى عليها ثمانية عشر عاما قضاها في طلب العلم وخدمة الوطن.
ويقول كمال:" اعتقل كميل بتاريخ ١٥/٣/٢٠٠٤ وهو اليوم يشغل منصب مسؤؤل فرع الجبهة في السجون الإسرائيلية وعضو مكتب سياسي في الجبهة الشعبية وأيضاً قائد كتائب الشهيد أبو علي مصطفى في شمال الضفة الغربية وأحد أبرز قيادي الحركة الأسيرة".
وصنف أبو حنيش ككاتب من الكتاب المبدعين فالأدباء في الوطن العربي صنفوه أنه كاتب مبدع، وله عشرات المقالات الأدبية والسياسية، بالإضافة إلى ديوانين شعر وهم في طور الطباعة.
ويتابع شقيقه كمال:" لكميل أربع روايات أدبية منشورة وأول رواية كانت باسم خبر عاجل أصدرت عام 2007 تتحدث عن استشهادي فلسطيني والرواية الثانية بعنوان بشائر أصدرت عام 2010 والرواية الثالثة بعنوان وجع بلا قرار أصدرت عام ٢٠١٧ والرواية الرابعة طبعت في ذات العام في مصر بعنوان الكبسولة ".
وأضاف حاليا يوجد كتاب أجنبي يتم طباعته في الأردن يتكلم عن الأدب في الشعر العربي، ورواية جديدة تطبع في بيروت بعنوان ارض الزمان فهو في السجن يكتب يوميا وله روايات وكتابات ومقالات تصل إلى الوطن العربي كاملا عبر الانترنت.
الأسير والكاتب كميل أبو حنيش لم ينسى الأسرى في كتاباته ففي مقاله الذي كان بعنوان المشاكل والعيادات العنصرية في سجون الاحتلال تطرق إلى قصة الأسير جلال الفقيه مع سياسة الإهمال الطبي.
كان أبو حنيش قبل أشهر في سجن هدريم ومنذ يومين انتقل إلى ريمون والنقل كان نقل تعسفي نتيجة كتاباته يوجد بها تحريض كبير على الاحتلال فهو له عشرات المقالات الأدبية والسياسية.
أما في ظروف زياراته في السجن فإخوته مرفوضين أمنيا وتحديدا كمال، وأكثر من مرة تمت محاولة توكيل محاميين من أجل الاطمئنان على كميل فمعرفة اخباره امرًٌ صعب، ووالده زيارته متقطعة فهو كل سنة يصدر له تصريح امني لزيارة واحدة، اما والدته فهي التي تتواصل معه فقط لكن بنفس الوقت زيارتها له متقطعة ولا تحصل دائما على تصاريح؛ بسبب معاقبته الدائمة في الزنازين نتيجة كتاباته.
ويتابع:" الرواية أو الكِتاب الذي يصدره أخي من السجن تكون له عدة مسودات، بمعنى أن في حالة محاولة تهريب الكتاب مع أي أسير يخرج من السجن ويتصادر الكتاب يكون لديه مسودة كبديل.
والعقاب الأخير لكميل كان عملية قمع فحتى مدير مصلحة السجون في الشمال والجنوب تعاقب وتنحى من منصبه؛ لأن الاحتلال لم يستطيعوا من أن يصادروا أو يحصروا أو يمنعوا هذه الكتابات طريقة خروج الكتابات هي طريقة يعلمها الأسرى إما عن طريق كبسولات أو طرق أخرى لا نعلمها.
طباعة روايات كميل كانت على حساب العائلة الشخصي ولم يجدوا أي جهة رسمية أو غير رسمية تتبنى النشر، فرواية خبر عاجل عام ٢٠٠٧ كانت بجهود شخصية وتوزعت مجانا كانت تتحدث الرواية عن قصة حقيقية وهي قصة استشهادي وشرح ظروفه وظروف صبية كانت معه، ورواية بشائر كان لها علاقة بوزارة الثقافة تتحدث عنها ورواية وجع بلا قرار أيضا تم نشرها على حساب العائلة الخاص بالتعاون مع المكتبة الشعبية ناشرون وكان نشرها ضعيف ولا يوجد اهتمام من قبل القراء.
أما رواية الكبسولة فيقول كمال طبعتها ونشرتها في مصر، وكان هناك اهتمام كبير من قبل القراء وسوف تتحول قريبا إلى فيلم سينمائي سوري.
ويضيف كمال يوجد إبداع وهناك ظروف مهيئة ليبدع الشخص في السجن لكن تبني نشر الكتابات معدم.
ويوجد قصيدة للأسير كميل دخلت في ديوان في الوطن العربي وهي بعنوان قصيدة لمائة شاعر، هذا وبالإضافة إلى سبع دراسات اجراها في السجن ومنها دراسة الفلسطينيين الحمر تحدثت الدراسة عن الأيديولوجية المشتركة للولايات المتحدة والكيان الصهيوني نشرتها دار الآداب في لبنان على حلقات دراسة القلعة.
و يقول ثائر حنايشة أن كميل بعد ما حكم تسع مؤبدات، رفعت عليه قضيه من مستعمرة ايتيمار؛ لأنه في إحدى العمليات أباد عائلة كاملة وبقي شخص واحد على قيد الحياة، فنتيجة ذلك رفعت عليه قضية بالمحكمة الاسرائيليه، وعوضتهم المحكمة الإسرائيلية ب ٦٥ مليون شيكل؛ لأنه هو المسؤول عن العملية مع استشهادي من مخيم عسكر من عائلة بشكار.
ويقول الأسير المحرر مدير مكتب أصداء أمين أبو وردة أن كميل من الأسماء اللامعة، وهناك ظواهر سلبية وايجابية للأسرى فأحيانا يدخل الأسير إلى السجن دون الاستفادة من الاسر، أما كميل فهو مثال رائع لأنه اصدر عدد من الروايات سوف تكون كنز للأجيال القادمة.