حذر يحيى حامد، وزير الاستثمار في عهد الرئيس المصري المعزول محمد مرسي، من إفلاس مصر قريباً وفشل كامل للدولة، مشيراً إلى أن سوء الإدارة تسبب في ارتفاع الدين الخارجي بمقدار خمسة أضعاف خلال 5 سنوات، ما ينذر بمخاطر كبيرة، بينما انجرف نحو 60 في المائة من المصريين إلى الفقر.
وقال حامد في مقال نُشر بمجلة "فورين بوليسي" الأميركية، يوم الجمعة الماضي، إن الاقتصاد المصري ينهار على عكس ما يروّج له النظام من ازدهار، لافتاً إلى أن عبد الفتاح السيسي (الرئيس المصري) سوّق بلده على أنه وجهة للاستثمار بمساعدة صندوق النقد الدولي، إلا أن مستويات المعيشة لعموم المصريين تتهاوى بينما تملأ النخبة جيوبها بالمال.
وأضاف أنه بينما يروّج النظام على أن مصر وجهة للاستثمار العالمي، فإنّ خبراء المال والاقتصاد يصفونها بأسخن الأسواق الناشئة في العالم، حيث تدفق المستثمرون على البلد أملاً في جني الثروة، في إشارة إلى شراء أدوات الدين الحكومية ذات الفائدة المرتفعة لتحقيق مكاسب سريعة.
وبحلول ديسمبر/ كانون الأول 2018، ارتفعت نسبة المؤسسات الأجنبية القابضة على الدين المحلي، بما يزيد عن 20 بالمائة مقارنة بالسنة التي سبقتها، مع توقع أن يستمر هذا التوجه في عام 2019، وفق حامد.
وقال إن تقريراً للبنك الدولي نشر في إبريل/ نيسان 2019، قدّر أن "نحو 60 في المائة من سكان مصر إما فقراء وإما معرضون للفقر"، فكيف يمكن أن تبدو النظرة الاقتصادية لمصر وردية؟".
وبحسب الوزير المصري السابق، تسبب سوء الإدارة المزمن للحكومة والإهمال العام، في ارتفاع الدين الخارجي بمقدار خمسة أضعاف تقريباً خلال السنوات الخمس الأخيرة، ومن المتوقع أن يستمر هذا في المستقبل المنظور.
وأوضح أن الحكومة تخصص حالياً 38 في المائة من موازنتها لسداد الفائدة على ديونها المستحقة فقط، وبإضافة القروض والأقساط فإن أكثر من 58 في المائة من الميزانية يذهب للقروض.
"
النصيب الأكبر من الموارد العامة في مصر يذهب إلى تسهيل المدفوعات على الدين بدلاً من تعزيز ودعم المجتمع المدني، في بلد يقطنه 100 مليون
"
وقال إن النصيب الأكبر من الموارد العامة في مصر يذهب إلى تسهيل المدفوعات على الدين بدلاً من تعزيز ودعم المجتمع المدني، في بلد يقطنه 100 مليون شخص، محذراً من أن الإنفاق الضئيل على الصحة والتعليم والبنية التحتية ينذر بالخطر، وينبغي أن ينذر الغرب أيضاً.
وأضاف: "إذا استمر الاتجاه الحالي، فستفلس مصر قريباً، هذه ليست سوى الخطوة الأولى على طريق ضيق نحو الفشل الكامل للدولة".
وتابع: "إذا فشلت الحكومة في توفير الخدمات الأساسية للأشخاص، الذين تزعم أنها تخدمهم فستظهر عجزها التام عن الحكم".
وقال: "عندما تبدأ دولة ما بالفشل، فهي مسألة وقت فقط قبل أن يأخذ الناس الأمور بأيديهم أو يبدؤوا في البحث عن مكان آخر، فعندما أصبحت ليبيا دولة فاشلة كان تأثير الهجرة الجماعية التي بدأت واضحاً لجميع من اهتموا، ومصر بلد يزيد حجمه عن ليبيا 15 ضعفاً، ما يعني أن تداعيات فشلها ستكون أكثر دراماتيكية لدرجة لا يمكن تصورها تقريباً".
ووفق وزير الاستثمار السابق، فإن "حكومة السيسي تفقد بالفعل شرعيتها على الساحة الدولية، بفضل التقارير الواسعة الانتشار عن التلاعب في الانتخابات، سواء في انتخاب السيسي للرئاسة أو الاستفتاء الأخير على التعديل الدستوري".
وقال إن لدى صندوق النقد الدولي الكثير مما يجب الإجابة عنه، فقد نشر معدلات نموّ مرتفعة في مصر، لكن هذه الأرقام التي أعلنها مبالغ فيها بنفس طريقة المبالغة في إعلان تحسن دخل مصر، الذي هو عن طريق الاقتراض وبما يتجاوز إمكانات مصر.
"
مثال على ذلك هذا المبالغة في احتياطيات مصر من العملات الأجنبية التي تتجاوز 40 مليار دولار، في حين أن هذه الاحتياطيات الكبيرة الحجم عبارة عن أموال مقترضة وتشكل ديناً خارجياً، ولكنهم ينفخون استقراراً مصطنعاً للاقتصاد المصري
"
وأضاف: "مثال على ذلك هذه المبالغة في احتياطيات مصر من العملات الأجنبية التي تتجاوز 40 مليار دولار، في حين أن هذه الاحتياطيات الكبيرة الحجم عبارة عن أموال مقترضة وتشكل ديناً خارجياً، ولكنهم ينفخون استقراراً مصطنعاً للاقتصاد المصري".
وتابع: "الأمر لا يتعلق بالتشاؤم أو التفاؤل بل بحقائق وأرقام مزعجة وحالة تدهور غير مسبوقة منذ أزمة الدين العام في ستينيات القرن 19، التي انتهت باحتلال بريطاني لمصر مدة 70 عاماً".
كان السيسي قد قاد انقلاباً عسكرياً لإطاحة مرسي بعد عام واحد قضاه في الحكم إثر أول انتخابات رئاسية شهدتها البلاد، بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير/ كانون الثاني 2011. وقال حامد إن "الأمر يستوجب التفكير بجدية: كيف سيمكن سداد تلال الديون التي اقترضها السيسي لمشاريع غير مدروسة وصفقات أسلحة للوجاهة، التي يتطلب سدادها هي وفوائدها نحو نصف ميزانية البلد؟!".
وكانت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري في مايو/ أيار الماضي، قد كشفت عن ارتفاع إجمالي الدين المحلي بنسبة 20.25 في المائة على أساس سنوي، ليصل إلى 4.108 تريليونات جنيه (241.9 مليار دولار) في نهاية ديسمبر/كانون الأول 2018، فيما ازداد الدين الخارجي للبلاد 16.6 بالمائة على أساس سنوي إلى 96.6 مليار دولار، ليصل إجمالي الديون الداخلية والخارجية إلى نحو 338 مليار دولار.
وكشف وزير الكهرباء محمد شاكر في مايو/ أيار الماضي، عن توجه الحكومة نحو بيع محطات كهرباء، لسداد جزء من مديونية الدولة، الأمر الذي دعا خبراء اقتصاد إلى التحذير من خطورة هذه الخطوة، لأن هناك مرافق حيوية تصنف في إطار الأمن القومي المصري لا يجوز خصخصتها.
العربي الجديد