كتبت سبأ أحمد
افتتحت فرقة نقش للفنون الشعبية
لوحتها بإيقاع حركي بركاني .. ناسفة العالم .. فعندما تعلو الأوف .. لا تسمع سوى صوتين .. أقدام الدبيكة النازعة للقشرة الأرضية وتصفيق الحاضرين وصفيره .
البداية :
بين افتتاح المهرجان وحفل تخريج مدرسة الدبكة .. وفي ثاني فعاليات مهرجان فلسطين الدولي .. كانت البداية .. حشود تتجمهر أمام البوابة وآخرين إحتجزوا زاوية لهم في فضاء ضاق لأعداد الجماهير الغفيرة .. فمن أي ميل زوي للكرة الأرضية .. ومن أقصها .. ترقب الجموع النسور المُحَلِقةَ برقصاتهم المتماسكة .
وتحت شعار " فلسطين التي نحب " وبتنظيم من مركز الفن الشعبي
ألقت عضو مجلس إدارة نقش ، السيدة عائدة أبو فرحة ، كلمتها ، على مرج مدرسة جنين الثانوية للبنين ، يوم أمس الاثنين ، وفيها " نعبر عن الفرح ونتمسك بجماليات الحياة ، ورقص والدبكة من أجمل التجليات وأصدقها ، وبها نعبر عن أفكارنا ، إننا في نقش نعرف قَدْرَنَا ، وإلى جانب شركئنا في مركز الفن الشعبي ندرك المخاطر التي تحدق في قضيتنا في طابع اللحظة المعاشة " .
الانطلاقة ..
وعلى خلفية ثابتة مكتنزة بالألوان .. ومن إضاءة حادة السواد وبالتدريج لألوان الحياة .. وبصفير الشبابة الفلسطينية .. نبت من جوف الأرض عشرون راقصاً وراقصة من الوطن معلنين انطلاق لوحتهم الأولى بأثواب تقدس الحياة الخضراء .. وأسود مطرز بأيادي فلسطينية تحيي بك موروث الأجداد .
بغزوٍ مُخيف وكسر للعادة .. جسدت نقش أول ثلاث حكايات ... بعنوان
" يا نازل عالغور ، غنوا للدار ، يا دار دارينا " . ولكل رقصة .. وحركة .. وسكنة .. قصة صمود ونضال وتراث وحرية للوطن .. وبها حتمياً عادت الديار واللاجئين .
.. وبين الهياكل الحديدية المتناسقة .. ورفاعة خصر
فتيات الفرقة .. ومن الشعر الغجري لضفائر الأحصنة الأصيلة الطويلة .. إنسابت أنوثتهن .. وبتبدل الإيقاعات بين البطيئة والسريعة .. وبحركات متماسكة .. متواكبة بسلاسة .. بل منسجمة كخلقٍ إلهي .. تتساءل عن خالِقها .. كأنهم جمعٌ منفرد .
ولم يخدر أجساد راقصين .. سوى هطول صوت أنثوي يُقال أنه حنة الحاج حسن .. ممزوج بالآلات تكاد أن تختفي حيناً لقوة حنينها .. وفي حين آخر تتصاعد الآلات منافسة لبعضها بعضاً .. حروب طاحنة .. فهل نجا الجمهور يا ترى ؟
وأدت حنة برفقة موسيقيي الكمنجاتي وهم العازف أيهم عايش على القانون ، ورامي أبو إعليا على الناي ، ولؤي بلعاوي على العود ، وينال استيتي على الإيقاع العديد من الأغاني التراثية وطربية منها " إذا الشمس غرقت " و " رمانك يا حبيبي" بالإضافة إلى وصلة فلسطينية .
على دلعونا
ومع تتالي اللوحات .. عكست الرقصات رسالة الفرح والبساطة وعادات لا تندثر .. وكسرت الفرقة حدود الإذهال لدى المشاهد .. فقدمت لوحة " شيوخ أُمر " .. بخفة حد التحليق .. وباضطراب متزن .. صاح أحد من الخلف بسقوطه منه ..
وبرقصة النساءالفلسطينيات ..
لم يستطع الطبل بقوته طمس طقوس الزفة التراثية الفلسطينية ومن يرددها .. فانخرق .. وبعباءة بيضاء إمتزجت بالحداثة على إيقاعات بطيئة .. زُفّ العريس كالعادة ..
وبهبوب ريحٍ معاكس .. وعباءة سوداء .. قدمت نقش لوحة " على دلعونا " .
ولأن بين الأمل ولألم ثوانٍ في حياة الفلسطيني .. وباللون والإضاءة المليئة بالدم والغضب والشر .. للوطن والعروبة والشهداء .. وبقاماتٍ طويلة تتوشح بالكوفية والقمباز وعلم يلوح للحرية .. زلزل الراقصون الأرض .. مهددين الاحتلال .. بالموت .. على رقصة " الندب " وعندما طلت البارودة والذخيرة .. بلا زخم موسيقي.. قادت الصبية غزوةً حتى فكت قيد الرجال .. كواقع الكثير من النساء الفلسطينيات على مر الزمن .
وبأداء مكثف .. وزهو الألوان .. أسدلت فرقة نقش للفنون الشعبية الستار ..على أبطال يؤمنون بالوطن وموجِهِ وشمسه وغيمه وشهداءه ونصره .. مقدسيين وطنا لا يموت .
وتعبر الراقصة دارين محاجنة من جنين عن مدى إعجابها بكافة اللوحات .. قائلة "و لكن اللوحات التي تم إنتاجها هذا العام ، كرقصة الندب ومن يوم اللي تكون للسيدة فيروز ، تحاكي الواقع الفلسطيني الحالي " .
وتنتهي فعاليات مهرجان فلسطين الدولي يوم الثلاثاء بحفل تخريج مدرسة الدبكة التابعة لمركز نقش للفنون الشعبية .