في ظل تزايد أعداد العرب والمسلمون في ألمانيا وبرلين في السنوات الأخيرة ، وما ترتب على ذلك بحدوث صدمة ثقافية لديهم وصراع بين الانخراط في المجتمع الألماني والمحافظة على الثقافة والهوية العربية والإسلامية، وبالرغم من وجود عدد محدود من المراكز الاسلامية بالنسبة لعدد السكان من المهاجرين إلا انها لم تنجح بمد يد المساعدة الى هؤلاء وجعلهم يتخطوا هذه الأزمة والشرخ، وهنا يبرز دور جميعية البخاري التي تسعى الى تقديم العون والارشاد الاجتماعي والديني بطريقة سهلة ومبسطة وبإسلوب عصري وحضاري قادر على أن يحافظ على موروثنا العربي الاسلامي مع التماشي مع متطلبات العصر حتى نعكس صورة ايجابية عنا كعرب ومسلمين في ألمانيا.
فجمعية البخاري هي حاضنة ثقافيةعربية إسلامية تهدف إلى نشر الثقافة الإسلامية والعربية بين جمهور المهاجرين في المانيا عموما وبرلين خصوصا، وهي عبارة عن جمعية خدمية تركز على الأسرة العربية بكل أفرادها، كما تستهدف أيضا المسلمين من غير العرب أو من دخلوا الإسلام من خلال توفير كل ما يحتاجونه من ارشاد حول الثقافة الاسلامية كما تخدم الجمعية كذلك المجتمع الألماني ككل سواء مسلمين وغير مسلمين كونها جمعية ذات نفع عام وجدت لخدمة المجتمع.
الأهداف..والرؤى
يقول الداعية د. حسام الجابري تهدف جمعية البخاري إلى إحياء المناسبات الدينية الاسلامية كالأعياد وشهر رمضان وجمع شمل المسلمين بالغربة في مكان واحد كمجتمع متراحم ومتماسك وتعمل على ربطهم بالروح والثقافة العربية الاسلامية من جيل لجيل، كما نقدم خدمات للأسر العربية وللآجين خصوصا ، ونقدم العديد من النشاطات مثل الدروس الدينية والتاريخية وتعليم اللغة العربية ودروس للغة الألمانية والأنجليزية ، وتقديم الاستشارات الأسرية. والمساعدة في حل المشاكل والنزاعات الاسرية .
ويضيف الداعية الجابري وهو أحد أهم الدعاة في دول الاتحاد الأوروبي على مدار سنوات طويلة نحن في برلين نهدف لوجود مركز إسلامي متكامل على مستوى عالي يضم مركز أكاديمي تعليمي يشتمل على مدرسة لتعليم اللغة العربية بشكل مهني ومركز جامعي شرعي لتعليم الدين الإسلامي الوسطي والشريعة والفقه وتخريج دعاة وأئمة شريعين مؤهلين وبخبرة عالية، وتوفير مسجد لأداء الصلوات الخمس، وتسعى جمعية البخاري في المساهمة بترسيخ الأمن الفكري ضد الأفكار المتطرفة والمتشددة، وتشتمل كذلك على وجود قسم للاستشارات والإرشاد الأسري وقسم خاص لإعادة تأهيل أصحاب الجنح والجرائم من العرب في السجون. ويشير الداعية الجابري نريد في جمعية البخاري نشر الفكر الإسلامي المعتدل السمح لكي نواجة كل الافكار الهدامة والضلالية التي تسيئ لنا كمسلمين في أوروبا حتى نعطي صورة مشرقة للإسلام الوسطي .
الاندماج ..
نركز في جمعية البخاري إلى معالجة المعضلة ما بين الاندماج في المجتمع الألماني والمحافظة على ثقافتنا العربية بحسب الداعية حسام الجابري ، فنحن نود أن يندمج العرب والمسلمين في المجتمع الألماني بالفعل لا نريدهم أن ينعزلوا مطلقا، مع مراعاة المحافظة على شيء من خصوصيتنا الثقافية ولغتنا العربية وأن يحافظوا على الشعائر الإسلامية كالصلاة والصيام وصلاة الجمعة والأعياد والعبادات، وكذلك نحاول أن يكون هناك تواصل مع المجتمع الألماني من خلال الإحتفال ببعض الأعياد الاوروبية التي يجتمع فيها المجتمع ككل لكي نشعرهم أننا جزء منهم وهم جزء منا كأعياد نهاية السنة والأعياد القومية فلا نريد أن يكون هناك عزلة بيننا وبينهم.
واقع المجتمع العربي في برلين..
يوضح الشيخ حسام الجابري عند إلقاء نظرة على الواقع العربي في برلين نلاحظ أنه يتجه إلى التنافر لا إلى الاتفاق وهذه مشكلة بالغة الأهميه ، فنحن نفتقد إلى التعاون المشترك بين المراكز الإسلامية فكل مركز يريد أن يكون هو المتصدر للدعوة والمتفرد بها وهو الحق والباقي باطل، لكن نحن ديننا سمح يدعو للتعاون على البر والتقوى لذا لابد من أن نتعاون كعرب هنا وكذلك لابد من التعاون مع الدولة التي نعيش فيها والتي فتحت لنا أبوابها ومنحتنا الحرية في التعبير عن كل ما نريد، يجب أن يكون هناك تعايش سلمي بيننا كعرب ومسلمين وبين المجتمع الألماني، وعلينا التركيز على مسألة الأمن الفكري بشكل أساسي ومحوري لحماية المجتمع من كل الأفكار الخبيثة التي تشوه صورة العرب والإسلام. فأمن ألمانيا هو من أمننا ونحن جزء من النسيج الاجتماعي.
ويتمنى الشيخ الجابري أن يتحول هم المراكز الإسلامية من هم مادي وربحي إلى هم خدمي ونفعي فالمراكز يجب أن يكون هدفها خدمي لمساعدة الجالية العربية والمسلمة لا أن تخدم مصلحتها أو خدمة اشخاص معينة وفكرة معينة، ودعا الجابري إلى التوافق والتشوار المشترك وعدم نفي رأي الآخرين فكلنا شركاء في هذا المجتمع وعليه يجب التشاور بين الجميع في تحديد ما يخص المجتمع والشعائر كتحديد أيام ومواقيت الصيام والأعياد حتى نكون لحمة وصف واحد غير متفرقين، وأن لا نكون سبب في افتعال وخلق الفتنة. فكتاب الله عز وجل واضح يقول : "واعتصموا بحبل الله جميعا"، وكذلك نبينا المصطفى ﷺ أمرنا بأن يكون أمر الأمة متفق على رأي واحد لا كل جهة على رأي وأمرنا بوحدة الكلمة.
رسالة للمجتمع العربي في برلين..
يقول الداعية د. حسام الجابري نريد أن يندمج المجتمع العربي داخل المجتمع الألماني فلا شك أن الألمان أفضل منا من ناحية النظام وفيما وصلوا إليه من علوم الدنيا، ولكن المسألة المهمة هنا نحن كعرب لم نتفق في علوم الدين وهذه معضلة كبيرة يجب أن نتحد ولو اختلفنا أن نتحلى بأدب الاختلاف. ومن هنا أوجه رسالة إلى المجتمع العربي والإسلامي وهي العناية بالأسرة فالأسر عندنا مفككة حيث تشير الدراسات بوجود نسبة 75% من حالات طلاق أو انفصال أو مشاكل في أسرنا العربية، وهذا ينعكس حتما على الأولاد فهم تائهون ما بين الآباء والأمهات وباتوا ضحية سهلة لأصحاب السوء ، وأصابهم شرخ ما بين المجتمع الألماني والمجتمع العربي وهذا يضعف هويتهم بشكل كبير. ويكمل د.الجابري بالأضافة لوجود وسائل تلقي كثيرة ومتعددة وواقع الأسرة مفكك هنا يبرز دور المراكز الإسلامية لإعطاء جانب روحي وشحن معنوي للأبناء حتى ترشدهم وتمنحهم النصيحة في بعض القضايا كي لا يضيعوا ولتقوي ثقتهم بأنفسهم وهويتهم العربية الألمانية فيصبحوا عناصر فاعلة وإيجابية في المجتمع . ولكن للأسف إن تشتت العرب وتفرق المراكز الاسلامية كذلك أثر سلبا بهذا الاتجاه لدعم أبنائنا بل عمل على خلق شرخ ثقافي كبير لديهم .
ويذكر الشيخ الجابري هناك نسبة كبيرة من الشباب لديها عزوف وابتعاد عن المراكز الإسلامية والسبب يعود إلى الصورة النمطية السلبية الحالية سواء من جهة الآباء أو من المراكز الإسلامية، ويؤكد الشيخ الجابري "الخطاب الدعوي عندنا متخلف" بمعنى: أنه لا يساير ويواكب العصر ولا يستوعب الشباب فهناك فجوة واسعة بين الماضي والحاضر وهذه مشكلة كبيرة جدا، فلا بد أن يخرج خطابنا من الماضي ولا بد من إسقاطه على الواقع لكي نستطيع أن نخاطب عقول الشباب في الحاضر والمستقبل الذي يعيشونه مع كل هذا التطور. فنحن مركز توعوية للجالية العربية يهدف لتقليل مستوى الجريمة في المجتمع ويساعد الناس على الاندماج بين العرب انفسهم ونبذ الفرقة الداخلية وكذلك الاندماج مع الألمان وتقديم الارشاد والنصيحة بالاقناع لا بالتسلط والتشدد.
الداعية والباحث د. حسام الجابري: داعية بدول الإتحاد الأوربي منذ سنوات طويلة متخصص بالشريعة الاسلامية ولديه عدد من الشهادات العليا والابحاث والإجازات في علوم الدين ،كذلك حاصل على دكتوراه بالصحة النفسية وتخصص علمي بالجغرافية ايضا، محاضر وخطيب وداعية في عدد من المراكز الاسلامية في اوروبا كافة، رسالته تقوم على دعوة وهداية الناس إلى السلام وللمحبة و التلاحم والتسامح كوننا أخوة في الإنسانية، ويدعو إلى السلام والأمن والأمان وإلى نبذ العنف والتطرف والتشدد.