الرئيسية / ثقافة وأدب
اللغات المخترعة دليلك لبناء لغتك الخاصة
تاريخ النشر: الخميس 12/09/2019 10:17
اللغات المخترعة دليلك لبناء لغتك الخاصة
اللغات المخترعة دليلك لبناء لغتك الخاصة

عمران عبدالله

جرى في أفلام مثل "سيد الخواتم" و"آفاتار" و"صراع العروش" و"ستار تريك" استخدام لغات مخترعة تم إنشاؤها من قبل خبراء لتشبه اللغات الطبيعية وتضفي متعة ومسحة من الواقعية على الخيال والسينما.

واخترع العالم اللغوي الأميركي مارك أوكراند لغة الكلينغون لـ"ستار تريك"، في حين ابتكر بول فرومر من جامعة جنوب كاليفورنيا لغة نأفي لفيلم "آفاتار"، وتضمنت سلسلة "صراع العروش" لغتي دوثراكي وفاليريان اللتين استخدمتا في مواسم المسلسل.

ويتم في كل واحدة من هذه اللغات بناء نظام الصوتيات والقواعد اللغوية والمفردات الخاصة بها من قبل الخبراء اللغويين بدلا من تطورها بشكل طبيعي مثلما هو الحال في اللغات الحية المتداولة بين البشر.

لغات مخترعة
أمضى كثير من خبراء اللغة أوقاتا طويلة لتطوير أو بناء لغات جديدة تنقسم إلى أنواع، أهمها اللغات الفنية المتداولة في أعمال سينمائية واللغات المساعدة التي تستخدم لتسهيل التواصل بين البشر مثل الإسبرانتو التي اخترعها البولندي لودفيغ أليعزر زامنهوف نهايات القرن الـ19 بعد سنوات من العمل عليها -تعد لغة قريبة للغات السلافية ووثيقة الصلة بالعبرية الحديثة- وازداد عدد المتحدثين بالإسبرانتو في روسيا وأوروبا الشرقية وحتى البلاد الغربية ليبلغ عدة آلاف.

ورغم أنها لم تصبح لغة رسمية في أي دولة واقتصر استخدامها في مؤسسات مختصة مثل المنظمة العالمية للإسبرانتو فإنه يمكن اعتبارها حاليا لغة شبه طبيعية بعد أن تبنتها بعض الأسر واكتسب أطفالها اللغة بطريقة طبيعية.


وتعد العبرية بدرجة ما لغة مخترعة، وجرى إخراج "اللغة العبرية الحديثة" عبر جهود المجمع اللغوي العبري وتم إضافة الكثير من المصطلحات والمفردات التي تعود أصولها للعربية والآرامية واليديشية والإنجليزية واللغات الأوروبية.

وتختلف العبرية الحديثة كثيرا عن العبرية القديمة التي كانت لغة العهد القديم وماتت في القرن الخامس قبل الميلاد.

ويتم اختراع اللغات في بعض الأحيان لتجربة مفاهيم وأفكار لغوية واختبارها أو للتواصل سرا كنوع من الشفرة أو للتعبير عن معاني مجازية مخصوصة لنخبة بعينها، مثل اللغتين الصوفية والفلسفية اللتين تستخدمان للتعبير عن معانٍ ومعتقدات قد لا يريد بعض المتصوفة أن يطلع عليها العامة.

ورغم أن اختراع لغة ليس عملية سهلة فإنه يمكن لمجموعة من الهواة اختراع لغتهم الخاصة، حيث عرفت في القرن الـ16 الميلادي لغة باليبالان التي استخدمت بشكل محدود.

وتتبع هذه اللغة قواعد اللغات الفارسية والتركية والعربية التي استعارت بعض الكلمات منها بمعانٍ مختلفة واستخدمت كلغة شعرية أو مجازية دينية وارتبطت بتقاليد صوفية وبالشاعر المتصوف أبو طالب محيي الكلشني.

كيف تبني لغة؟
تدرس الأكاديمية بجامعة أنجليا روسكين بيتينا بينهوف كيفية بناء اللغات، وترى أن جعل اللغة مثالية أو كاملة أمر صعب للغاية، وأنه بدلا من ذلك يمكن أن تكون اللغة المخترعة مناسبة للسياق الذي اخترعت لأجله وتصبح مقنعة ومتطورة بما يكفي للعمل في البيئة المرغوبة وذلك بمراعاة بعض النصائح.

ينبغي أولا تحديد أهداف اللغة المخترعة ومن سيتكلمها ولماذا، فإذا كانت اللغة ستستخدم في عمل فني فإن مراعاة الإحساس بالجمال والتناسق الصوتي وسهولة التعبير قد يكون مهما، ويلعب الإبداع والتخيل دورا كبيرا في ذلك.

وترى روسكين أنه ينبغي مراعاة الارتباط القوي بين اللغة والثقافة، وتقول إن لغة الإسبرانتو التي تهدف إلى خلق شعور التضامن بين البشر والجمع بين الناس بغض النظر عن خلفياتهم طورت لنفسها ثقافة ومجتمعا قويا خاصا بها.

وقد تكون الحروف الهجائية للغة الجديدة موجودة فعلا أو يمكن جمع حروف متداولة ودمجها، وتنصح روسكين بالبدء بالأصوات كنقطة الانطلاق وأنه ينبغي مراعاة خصوصيتها، وتقول" إذا كان ينبغي أن تكون اللغة قاسية أو عدوانية ينبغي مراعاة ذلك في حروفها الساكنة واستخدام أصوات غير مألوفة مثل حرف القاف العربي المفخم الذي يعتبر أقل تداولا في الثقافة الغربية مثلا".


قاموسك الخاص
عند البدء بتطوير الكلمات ينبغي مراعاة ثقافة المتحدثين المتوقعين وإنشاء كلمات وتعبيرات تناسبهم، فمثلا في لغة دوثراكي في مسلسل "صراع العروش" التي يستخدمها المحاربون والفرسان البدويون يكون معنى سؤال "هل أنت بخير؟" الحرفي هو "هل تسير جيدا؟".

ويجب البدء بالمفردات الأساسية أولا لبناء قاموس اللغة الجديدة تدريجيا، ويمكن استعارة بعض المفردات من لغات أخرى، ويمكن أن يكون ذلك مع تغير في الحروف والنطق.

وعند البدء بتجميع الكلمات وتشكيل القواعد وبناء الأزمنة وصيغ الجمع ينبغي مراعاة ترتيب الكلمات وبنية الجملة المناسبة والمتوافقة مع الثقافة والغرض من اللغة، في حين تستخدم السوابق واللواحق في لغات كثيرة للتعبير عن الأزمنة وتصريف الأفعال وصيغ الجمع.

وبخصوص أنظمة الكتابة، فإنها ترتبط بثقافة المتحدثين بحسب روسكين، وينبغي الحرص على سهولة الأبجدية وتطويرها في حال كانت اللغة تهدف لجذب المتحدثين المتوقعين، في حين ينبغي زيادة تعقيد الأبجدية والرموز في حال كان هدف اللغة هو التشفير والتواصل السري.

وتتطور اللغات المخترعة وتتقدم على طريقة اللغات الطبيعية عبر التمرن ونشاط المتحدثين بها وعبر الاستخدام والتوظيف وإلا تصبح مجرد أرشيف نظري غير مستخدم، مثل لغات الأعمال السينمائية التي تختفي وتفقد قيمتها مع نهاية حلقات المسلسل.

المصدر : الجزيرة 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017