في العام 1895 كان العالم على موعد مع اختراع للأخوين أوجست ولوي لوميير، المتمثل في جهاز «سينما توغراف» في مسقط رأسيهما ليون الفرنسية، التي شهدت تحولا كبيرا بعدما قام الأخوان باستئجار مكان لإقامة مصنع لهما في مقهى «جران كافيه»، حيث قاما بعد ذلك بتوظيف العديد من المشغلين (Operateurs)، جمع الأخوان لوميير العديد من الأشخاص، الـــذين تم تدريبهم على استخدام «الجــــهاز» كي يتم إرسالهم في ما بعد إلى مناطق متفرقة من العالم، من بيــن أولئك الــذين كان لهم الفضل في استخدام جهاز ســــينماتوغــراف، ألكسندر ميشون وألكسندر بروميو وفليكس ميسغيش تراوح عدد الأفلام التي تم تصويرها 1400 فيلم، ونقلت حركة الأشياء والعالم لمدة لا تتجـــاوز 50 ثانية، لم يكن الأخوان وحدهما من التقـــط المشاهد الأولى للعالم، بل دفعـــوا بالمشغلين من أمثــال ألكســندر ميشون لتسجيل مشهد لبئر نفط، و«فليكس» إلى التقاط 23 فيلما، أما ألكسندر بروميو فقام بتصوير 348 مشهدا، منها 60 فيلما على رحلتين قام بهما للمستعمرة الفرنسية يومها (الجزائر).
إلى الجزائر
في الأول من مارس/آذار 1896 قام الأخوان لوميير بتعيين موظف بمصنعهما يدعى «ألكسندر بروميو» (9 يوليو 1868 ــ 24 ديسمبر 1926) بمنصب مُشغّل للجهاز (Operateur_Cinema)، بدأ عمله كأيّ إنسان يرى تلك التحفة النادرة والعبقرية التي استقبلها العالم، تم تدريب ألكسندر من طرف لوي لوميير على كيفية استخدام الجهاز، الذي كان يوضع في مكان ثابت، بدون تحريكه، ليقوم بأخذ المشاهد تباعا، في السنة نفسها قام ألكسندر برحلة عالمية كانت بدايتها من مدريد الإسبانية، حيث قام بتصوير 13 مشهدا، ثم تلاها برحلة نحو بريطانيا، وقام بتسجيل 11 مشهدا، ثم توجه نحو أمريكا التي كانت تمر بأزمة اقتصادية وانتخابات رئاسية.
عاد ألكسندر بروميو محملا بمشاهد للعالم الذي أصبح في ما بعد كعبة السينما العالمية، ليدخل إيطاليا التي وصلت أساطيل بحريتها حدود الساحل المتوسطي، بعد تلك الرحلة الأوروبية الأمريكية أنهى المشغل السينما ـ توغراف رحلته تلك بالنزول في الجزائر، التي كانت فيها كوكبة من المستشرقين الغربيين والفرنسيين على الخصوص، وفيها قام بتصوير أولى المشاهد التي نقلت الصورة الحضارية للمستعمر الفرنسي.
الحياة التي هناك
تمثال للدوق أورلينز الذي صنع من مدافع العثمانيين يتوسط ساحة الحكومة التي على ما يبدو كانت يومها مكان تجمّع المعمرين الفرنسيين، لا أحد من المارة يدرك ما يقوم به ألكسندر وهو يأخذ مشهدا لتلك السّاحة التي خلت من الأهالي، حيث يثبت الجهاز بمكان ما ليتم التقاط مشهد بزاوية معينة ولغاية محددة، كانت المشاهد التي صورها جهاز الأخوين لوميير وهي تجوب الجزائر العاصمة لا تتجاوز مدتها 50 ثانية، حكت شيئا من الحقبة الاستعمارية الفرنسية، على ما يبدو ومن خلال مشاهد أخرى تم تصويرها في أماكن مختلفة، حملت عناوين لأماكن وأشخاص بعينهم كمشهد تحميل سيارة برميل، صلاة المؤذن، مشهد نزول الحمير، السوق العربية، باب عزون، شارع سيدي بومدين، والشارع الفرنسي. تم تصوير المشهدين الأخيرين في مدينة تلمسان غرب الجزائر العاصمة، كان كل مشهد يروي لحظة خاصة للحياة اليومية لتلك الأرض التي تم الاستيلاء عليها من طرف الفرنسيين.