mildin og amning mildin creme mildin virker ikke">
أحمد السده
هي الكلمات تداعب القريحة الشعرية، لتغدو من أفواه قائليها إلى قلوب مستمعيها، تحلو بأوصافها كما اللوحات الفنية بألوانها الزاهية وتشحذ المحسنات البديعية تعطش العقل والعاطفة لخيال واقعي، في هذا التقرير سنتناول مقابلتنا مع شاعرين وشاعرة، لنخوض معهم عالم الشعر وأسباب التحاقهم في صفوفه.
الشاعر الشاب مصباح محمد يبلغ من العمر 24 عاما، عندما بدأ كتابة الشعر كان في سن السادسة عشرة، يرى أن الشعر موهبة مصقولة داخله، ويجد فيه نفسه، فهو يسلك درب الشعر ليعبر عن مكنوناته وعالمه الخاص، فبرأيه إن الشعر يفتح أمامه آفاقا جديدة، ليكون ثورته وقت الغضب وسلامه وقت الحب، وحياته الخاصة ومنهجه السوي.
مصباح لا يحب القيود الكلاسيكية في الشعر، فهو يزدهر في الشعر الحر، ويكثر من الكتابة للوطن "لأنه قضيتنا جميعا، الوطن هو الهم والفرحة الذي يرسمه شعري، ولعل ذلك كان بارزا في الندوات العامة في القرى والجامعات والمراكز مختلفة التي شاركت فيها وبالأخص مركز الدراسات النسوية".
في بداية مشواره كان أصدقاءه هم الداعم الأول "رفقاء دربي أمسكوا بيدي، ورغم أني لم أجد اهتماما كافيا في عائلتي بموهبتي الشعرية إلا أنني أجزم بفرحتهم العارمة عندما يسمعون قصائدي، عدا عن قلة الاهتمام الرسمي، وغياب الإعلام، وأحيانا لا أجد مكانا لأنشر فيه قصائدي سوى الفيسبوك، لذا فإن الثقافة ووزارة الإعلام، ومراكز الثقافة المختلفة في الوطن تتحمل مسؤولية الاهتمام بالشباب الشعراء" يقول مصباح.
أحيانا تكون الهواية بداية للموهبة، وهذا الحال ما عاشه الشاعر كامل ياسين البالغ 21 عاما، وبدأ الشعر في سن السادسة وصار يأخذه فيما بعد كصنعة وحرفة معتبرا إياها متقاربة من الموهبة إذ تزيد عنها أو تقل قليلا.
في سؤالنا كامل عن دوافع كتابته للشعر يقول "في بداياتي كان سقف طموحاتي يتوقف على استماع الناس لي وبلوغ مبلغ متواضع من الشهرة، أما في المرحلة الحالية أخذ سقف الطموحات يتمدد ويتوسع أكثر فأكثر، وكان البدايات في شعر الغزل والذي لا يزال حتى اللحظة، وامتد ليشمل الوطن والمقاومة، فالإنسان كلما كبر في العمر كبرت همومه وأحلامه وآماله وآلامه، عدا أنني صرت أمتهن الشعر العمودي الجزل بألفاظه ومعانيه، ولربما يعود ذلك لتأثري بشعر أبي الطيّب المتنبي وأبي تمام والبحتري وأبي فراس الحمداني وغيرهم".
يجد كامل صعوبات كثيرة في كتابة الشعر منها تحديد الوقت المناسب وحضور الصفاء الذهني وطول المدة التي يمكثها في كتابة القصيدة الواحدة، ففي بعض الأحيان تأخذ منه القصيدة أسبوعا، ولكن دراسته الجامعية للغة العربية هونت عليه الكثير من الصعوبات التي يواجهها الآخرون.
وضمن أهم الصعوبات يضيف كامل "المدرسة والجامعة والمجتمع هي الجهات التي تتحمل مسؤولية الاهتمام بالشعراء الشباب، وكذلك وزارة الثقافة التي يجب أن تنقب عن هذه الفئة وتسبر غورها (تقيس عمقها) وكذلك في نفس الوقت ينهض العبء على هذه الفئة نفسها فمن واجبها على نفسها البحث".
يتفاوت العقل والعاطفة في درجة تأثريهما على الكتابة ولكن ربما تكون الغلبة للعاطفة بحكم غلبة قصائد النسيب والغزل على موضوعات الشعري ولكن في نفس الوقت لا غنى عن العقل الذي يحكم قصائد الوطن والمقاومة وان كانت العاطفة فيها أكثر.
هي فلسطين رحبة بالمواهب والهوايات والقدرات المتنوعة التي يقودها الشباب ذكورا وإناثا، وتعد الشاعر علا أبو بيح صاحبة العشرين عاما أحد هذه المواهب، إذ بدأت كتابة الشعر الموزون في عمر السابعة عشر، والتي ترى أنه الطريقة الوحيدة لكسر الكبت المعاش في العالم العربي.
هي كغيرها من الشعراء الفلسطينيين الذين يلتفتون إلى قضيتهم ويدافعون عنها، وعلا في غالب الأحيان تركز في أشعارها على تناول مأساة الوطن في مراحله المختلفة، وفي هذا الخصوص تقول " دائما ما تقودني العاطفة إلى كتابة الشعر ولكن العقل يتخذ دورا تشكيليا فيساعد العاطفة على التبلور في أبيات القصيدة، ونحن نعلم أن ارتباطنا بالوطن يكون من خلال عقولنا وقلوبنا".
قلة المهتمين بالشعر يحبط الشاعر في كثير من الأحيان، وكذلك قلة الجهات المعنية بتبني الشعراء وتطويرها، وللشاعرة علا نظرة أخرى تجاه الصعوبات إذ تحدثنا "ينظر المجتمع لنجاحات الفتاة على أنها هباءً منثورا، فلا تجد التقدير الذي يجده الشاب، ولكن على مستوى عائلتي فهي عائلة ذات فكر متحضر لا تميز بين رجل وفتاة في هذه الامور فالنجاح نجاح ودائما أجد منهم التقدير والتشجيع".
تشارك علا في نشاطات وأمسيات عديدة والتي كان من أهمها سوق عكاظ الذي يقام سنويا في جامعة النجاح، وختمت حديثها معنا "أتمنى أن أكون بعد خمس سنوات ذات كلمة مؤثرة في المجتمع، وأن أصل إلى مستوى عالٍ في الشعر يخولني لأكون من الأسماء الساطعة في سماء الشعر".
أصوات تتدافع نحو النجاح وتحقيق الأمل، ولكن هل ستكون هذه القصائد في سطور السراب؟ أم ستسطع في سماء فلسطين؟