تجاوز عدد سكان الأرض حاجز الـ7 مليار نسمة بحلول نهاية العقد المنصرم.
ولأول مرة في التاريخ يقطن 50% من سكان العالم في المناطق الحضرية، ومن المتوقع أن ترتفع النسبة لتصل إلى 60% عام 2025 في العالم كله، وإلى 80% في الغرب، خلال الفترة الزمنية ذاتها. وهذا يدل على تزايد أهمية "المدنية".
فقد رفعت من مستوى بعض المدن مثل: بروكسل وسيؤول وبوغوتا وغيرها، لتصبح أكثر أهمية من الدول نفسها، إذ تسهم هذه المدن بأكثر من 40% من الناتج المحلي الإجمالي لبلدانها. ومن المثير للاهتمام، أن بريطانيا برهنت على جهودها في التركيز على هذا التوجه لتحقيق ذلك، وجعل المدينة محور النمو، باستحداث وزارة جديدة يديرها ما يسمى بـ: "وزير المدن". وهو مسؤول عن استخراج إمكانات المدن الاقتصادية، وتمكينها ومنحها الحرية.
وفي الوقت الذي نحتشد فيه بأعداد متزايدة في المدن، أصبح من المهم تحويلها إلى مدن خضراء وفعالة. ونتيجة لذلك، نرى اليوم أمثلة مبتكرة عن المدن ذات التوجه الصديق للبيئة، كما أن العديد منها صارت تركز على جوانب محددة تساعد على إدارتها بشكل فعال، في مجالات عدة مثل: النقل والطاقة وإدارة الفضلات. ومن الأمثلة على ذلك، الإسراع في تنفيذ مشروع الشبكات الكهربائية الذكية، لغايات إدارة الطاقة. أما شركات الطاقة العملاقة مثل: (جينيرال إليكتريك-General Electric) فتعمل على بناء شبكات تشغيلية ذكية في مدن عدة مثل: أتلانتا، مقابل رسوم شهرية تدفع من خلال منصة سحابية.
وبالرغم من أن الطاقة الذكية أساسية، إلا أنها ليست الجانب الوحيد من جوانب المدينة الحديثة. وقد وضع فريق (فروست آند سوليفان- Frost & Sullivan) صورة متناسقة عما تبدو عليه مثل هذه المدينة؛ فأجرى مسحاً للعديد من مشاريع المدينة الذكية، والمبادرات التي تنفذ عالمياً، ووجد بينها بعض أوجه التشابه الرئيسة. وهناك 8 منها، تميز فيها المدينة الذكية عن غيرها، وهي: الحكومة الذكية، والطاقة الذكية، والأبنية الذكية، والتنقل الذكي، والبنية التحتية الذكية، والرعاية الصحية الذكية، والمواطن الذكي.
وتعد المدينة ذكية إن اجتمعت فيها 5 من أصل 8 جوانب مما ذكر أعلاه، وصديقة للبيئة إن اجتمع فيها جانبين منها، مثل: مدينة نيس الفرنسية. وهناك مدن ذكية أخرى، كمدينة "مصدر" في أبو ظبي، لكن هذه المشاريع صغيرة جداً، ولا يمكن أن نعدها مدناً حقيقية. ومن المتوقع أن يصل عدد هذه المدن في عام 2025، إلى 26 مدينة حول العالم، تتمتع بـ5 من أصل 8 جوانب مذكورة سابقاً، وسيقع 50% منها في قارتي: أمريكا الشمالية وأوروبا.
ويجدر بالذكر أن مدينة أمستردام أيضاً، من المدن التي تنوي تنفيذ أنظمة ذكية تضم تلك الجوانب، فقد نفذت مشاريع طاقة ونقل ومشاريع حكومية وغيرها. لكن أكثر ما يثير الانتباه في هذه المدينة، أنها أوجدت آلية رسمية لتعمل من خلالها على تحفيز وتمويل وتنفيذ هذه المشاريع كلها. فمشروع المدينة الذكية في أمستردام يتبع نموذج الربح المتساوي بين القطاعين العام والخاص، ويتلقى التمويل من الاتحاد الاوروبي وحكومة المدينة، والممولين من القطاع الخاص