الرئيسية / ثقافة وأدب
المناضلة هند "محمد طاهر'' الحسيني، الأطفال الناجين من مذبحة دير ياسين .. أقسمت إما أن أعيش معهم أو أموت معهم
تاريخ النشر: الجمعة 08/05/2020 08:03
المناضلة هند "محمد طاهر'' الحسيني، الأطفال الناجين من مذبحة دير ياسين .. أقسمت إما أن أعيش معهم أو أموت معهم
المناضلة هند "محمد طاهر'' الحسيني، الأطفال الناجين من مذبحة دير ياسين .. أقسمت إما أن أعيش معهم أو أموت معهم

تعد الرائدة التربوية والناشطة الاجتماعية المناضلة هند طاهر الحسيني .. من أبرز السيدات المقدسيَّات اللواتي كرسنَّ حياتهنَّ لخدمة شعبنا الفلسطيني، ورعاية الأيتام والفقراء وأبناء الشهداء، فكانت نموذجاً فريداً للمربية والمعلمة والأم المخلصة لأمتها ووطنها

الميلاد والنشأة
ولدت (هند) في مدينة القدس الشريف في 25 نيسان (إبريل) 1916م، وكانت في الثانية من عمرها عندما توفي والدها المرحوم طاهر الحسيني.
فجاهدت الأم كثيرًا حتى ربت وعلمت (هند) وإخوتها الذكور الخمس مما زرع في نفس الصغيرة أثرًا كبيرًا انعكس على حياتها العملية بعد ذلك.
درست في مدرسة «البنات الإسلامية» - الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك، وأنهت الدراسة الابتدائية عام 1922م، ومن ثم التحقت في المدرسة الإنجليزية الثانوية للبنات وتخرجت منها في عام 1937 لتعمل بعد ذلك في حقل التعليم.
وفيما بين العامين (1936 – 1939م)، أي خلال الإضراب العام الفلسطيني، والثورة ضد الهجرة اليهودية إلى فلسطين، والمشروع الصهيوني، حصلت (هند) على منحة دراسية في بريطانيا، ولكن والدتها لم تسمح لها، لأنها كانت فترة حرب. فدرست آداب اللغتين العربية والإنجليزية عام 1938م دراسة خاصة.

عملت (هند) مدرسة في مدرسة «البنات الإسلامية» لمدة سنة دراسية، وتوقفت عن التدريس إثر اندلاع الحرب العالمية الثانية لفترة قصيرة، ثم واصلت التدريس حتى نهاية العام الدراسي 1945م.

وفي العام (1944 – 1945م) كان للنساء الفلسطينيات أن أنشأن حركة تدعى «جمعية الاتحاد العربي النسائي» في القدس، والتي نشرت فروعها في أنحاء فلسطين ووصل عددها (22) فرعًا... فتركت (هند) التعليم، وبدأت مرحلة العمل الاجتماعي التطوعي، وقامت مع مجموعة من النساء بدراسة لأحوال الأطفال في المدن والقرى التي وجدن فيها الأطفال مهملين، فقمن بتنظيم جمعيات محلية، وبساتين أطفال، ومراكز مكافحة أمية، وتعليم خياطة في عدد من مدن وقرى فلسطين.
وبعد التصويت على قرار تقسيم فلسطين، في الأمم المتحدة، قبيل نهاية تشرين الثاني (نوفمبر) عام 1947م، اندلع القتال بين الفلسطينيين والعصابات اليهودية. وحتى عام م1949 كان قد طُرد وشُرِّد (750 ألف) لاجئ فلسطيني من بلدهم، وتقطعت أوصال البلاد، توقفت الجمعيات عن العمل الخيري، وحدث الكثير من المآسي، والتي كان أكثرها وحشية مذبحة «دير ياسين».

دار الطفل العربي
شهر نيسان/ أبريل 1948 ، وهي في طريقها لحضور اجتماع للجمعية في البلدة القديمة، رأت هند الحسيني مجموعة من الأطفال المشردين في الشارع، أكبرهم في التاسعة من العمر، في حالة تفتت الأكباد، كانوا فارين من قرية دير ياسين بعد المذبحة التي ارتكبتها المجموعات الصهيونية فيها. فقررت أن تأخذهم للتو إلى شقتها، ثم نقلتهم إلى منزل عائلتها، ودفعتها هذه الحادثة إلى تأسيس جمعية خيرية لخدمة الأطفال الفلسطينيين الأيتام والمحتاجين، وأطلقت عليها اسم "دار الطفل العربي"، التي بدأت بداية متواضعة ثم نمت إلى أن أصبحت، خلال الخمسينيات وأوائل الستينيات من القرن العشرين، مؤسسة تربوية وطنية مرموقة تضم الحضانة ورياض الأطفال، والمرحلة الإعدادية والثانوية، وقسم السكرتاريا، ومكافحة الأمية، والخياطة والتدبير المنزلي.

ولما هدأت الأمور نسبيًا إثر اتفاقية الهدنة الثانية، قامت في في الخامس والعشرين نيسان (إبريل) 1948م قررت (هند) تأسيس جمعية خيرية لخدمة الأطفال الأيتام والمحتاجين الفلسطينيين من خلال توفير الرعاية والإقامة والغذاء والترفيه لهم. وأطلقت عليها اسم «مؤسسة دار الطفل العربي"

كان لـ"دار الطفل العربي" مركبة خاصة تدور بها هند على القرى كي تجمع الأيتام وتأتي بهم إلى مؤسستها، التي كانت تحتضن فيها، في بعض الأحيان، الأم وأيتامها.

وبغية تطوير قدراتها التربوية والاجتماعية، التحقت هند الحسيني بجامعة هامبرغ في ألمانيا، لمدة ثلاثة أعوام متتالية، ولمدة أربعة أشهر في كل سنة خلال الفترة 1963-1965

وخلال العدوان الإسرائيلي في حزيران/ يونيو 1967، حوّلت هند الحسيني مقر "دار الطفل العربي" مستوصفاً لعلاج الجرحى، ولم يسلم هذا المقر من اعتداء القوات الإسرائيلية، إذ تم قصفه وتدمير نصفه بالكامل، غير أن الصليب الأحمر النرويجي قام بالمساعدة في إعادة بنائه.

متحف التراث الشعبي الفلسطيني
عملت السيدة هند الحسيني في أوائل الستينات على جمع الثياب المطرزة القديمة من مناطق مختلفة من فلسطين، ومع مرور الأيام تجمع لديها العديد منها، وبدأت فكرة إنشاء متحف شعبي تراودها، وذلك للحفاظ على تراثنا الشعبي من الضياع والاندثار، وهكذا أفردت للمتحف عمارة قديمة بنيت عام 1780م وعرضت فيها ما جمعته من قطع نادرة بلغ عددها (2200) قطعة في ذلك الوقت، ودأبت على إثراء المتحف، كلما أتيحت لها الفرصة لزيادة مقتنياته.

بيت الأديب محمد إسعاف النشاشيبي
وفي سنة 1982، تمّ شراء بيت الأديب الفلسطيني إسعاف النشاشيبي المتوفي ليصبح "مركز إسعاف النشاشيبي للثقافة والفنون"، وتمّ إعداده مركزاً للأبحاث الإسلامية ومعهداً عالياً. وقامت هند الحسيني بمعاونة إسحق موسى الحسيني بتأسيس مكتبة في المركز، ضمّت آلاف كتب التراث العربي الإسلامي.

كلية الآداب - جامعة القدس
كما أنشأت هند، في سنة 1982، بمساعدة "منظمة المؤتمر الإسلامي"، "كلية هند الحسيني للآداب للبنات"، التي انضمت سنة 1995 إلى "جامعة القدس" في أبو ديس، وصارت تمنح درجة بكالوريوس في الآداب، وبدأت هذه الكلية بثلاث دوائر رئيسية هي: دائرة الخدمة الاجتماعية، ودائرة اللغة العربية وآدابها، ودائرة اللغة الإنكليزية وآدابها. ثم تأسست فيها دائرتان جديدتان هما: دائرة التاريخ، ودائرة التربية الابتدائية ورياض الأطفال.

توفيت هند الحسيني سنة 1994 في القدس ودفنت فيها.

بعضًا من أبيات من قصيدة بعنوان: «في موكب الأبطال»، للشاعرة الفلسطينية وداد مصطفى، والتي نظمتها للفقيدة (هند):
أقول الشعر فيك و لا أبالي فإن لديك موفور الخصال
إذا ما سمي الأبطال يوما مكانك يعتلي صدر المقال
كفاحك خالد بخلود أرضي و أفعال بتخليد النضال
فدار الطفل تحتضن اليتامى و تحمي التائهين من الضلال
و صرح العلم إشعاع لهدي عطاء دائم و بلا زوال
 

 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017