نابلس كتبت تسنيم صوالحة
صدر للباحث والمؤرخ الفلسطيني الأستاذ عبد العزيز أمين عرار كتبا بعنوان (السيرة الخالدة لكوكبة من شهداء كفر ثلث واعمالها)، والذي جاء في 123 صفحة من الحجم المتوسط.
ويتألف الكتاب من خمسة فصول الأول حول جغرافية كفر ثلث واعمالها والثاني لمحة تاريخية لقرية كفر ثلث واعمالها والثالث الحياة الاقتصادية والرابع السيرة الخالدة لكوكبة شهداء البلدة إضافة الى قسم الملاحق والصور.
ويقول عرار ان فكرة هذا الكتاب ولدت منذ سنوات طويلة ، حيث عمل بشكل متقطع على تدوين سيرة وتاريخ عدد كبير من شهداء فلسطين والأمة العربية ومنهم شهداء استشهدوا في ثورة 1936_ 1939 وآخرين استشهدوا في معارك 1948 ومعارك الثورة الفلسطينية المعاصرة ، وشهداء كفرثلث وأعمالها _القرى التي انبثقت عنها_، وقد شجعه للقيام بهذا العمل الشعور بأهمية التاريخ كباعث للأعمال المجيدة، ولأخذ العبر، وتجنبا لتكرار الأخطاء، وتعميق الصلة بين الحاضر والماضي، واستشرافا للمستقبل.
وحسب الكتاب تقع بلدة كفر ثلث العربية الفلسطينية ضمن التلال في جبال نابلس ، إلى الجنوب الشرقي من مدينة قلقيليه وترتفع عن سطح البحر 276م و تبعد عنها 14 كم وهي إلى الشمال الشرقي من اللد على مسيرة 26 كم منها ، و تبعد عن نابلس 27 كم ،وعن طولكرم 26 كيلو متر.
ويحدها شرقاً دير استيا وغربا قرية حبله وجلجوليا ونهر العوجا ، ويحدها شمالاً قرى عزون وجنوباً قراوة بني حسان، وبديا، وسنيريا.
اما سبب التسمية فأشار الى كلمة (كفر) بالفتح تعني: البلد الزراعي ، أما الجزء الثاني من هذا الاسم بلفظ الثُلث، رأى بعضهم إن أصل الكلمة بعل شيليشة أي( زوج الثلاث) أو (رب الثلاث) كما ذكرتها المصادر الإفرنجية بـ Kefer dil.
وتدل الموجودات الأثرية والكتابات التاريخية على قدمها منذ العهد الكنعاني ، كما أنها شهدت عهودا تالية كالعهد العبري والروماني والبيزنطي والإسلامي.
ودعيت تارة باسم (الخربة) أي البلد القديمة بحسب الآرامية ،وخربة كفر ثلث ، ثم كفرثلث.
و امتدت أراضي كفرثلث من خربة شحادة والمحفور وبئر أبو عمار وخربة العيون شرقا من أراضي قرية ديراستيا حتى حبله وأراضي البساتين غرب جلجوليه ونهر العوجة والمويلح وقرية المر(المحمودية) أي بطول يقدر ب13كم، وتنحصر أراضيها بين وادي عزون ووادي الرشا شمالا، ووادي قانا جنوبا بعرض يفوق 4كم وتقف عند أعتاب قرى عزون عتمة وبيت أمين وسنيريا وقراوة بني حسان، وبناء عليه تزيد مساحة أراضيها.
وشملت أراضيها السهل والجبل وقد زادت مساحتها في أواخر القرن التاسع عشر عن 56000دونم ، لكن هذه المساحة تراجعت بمرور الوقت لأسباب خاضعة للأوضاع الاقتصادية وأخرى بسبب الحركة والكيان الصهيوني طيلة قرن من الزمان سواء بعد حرب 1948 و حرب 1967 و بناء الجدار العنصري عام 2003و ما رافقه من سلب أراضي الفلسطينيين وحشر قرى الضبعة ورأس طيرة وواد الرشا بداخله (5).
وتميزت كفرثلث وخربها بالأرض الواسعة مقارنة بعديد من قرى المنطقة والتي امتدت بطول 14كم وعرض 4كم .
واظهر الكتاب ان أول من سكنها هم الكنعانيون والدليل على ذلك وجود آبار ذات نمط كنعاني مبلطة بالحجارة والكلس وحصى الوديان ، بالإضافة إلى وجود مغارة الجمل شرقي القرية ، هذه المغارة كان يوجد بداخلها تمثال عروس تركب على جمل واعتقد أن هذه التماثيل كانت صورة لبعض الآلهة زمن الكنعانيين ، لكن التمثال تم تحطيمه بسبب سراق الآثار.
وتعد حمولتي الغرابة والأعرج من أقدم الحمائل التي سكنت القرية في عهد الروم حسب روايات مختلفة تتردد على السنة كبار السن في القرية ، وتقيم في خربة الشيخ احمد ، وخربة المدور ، وقرية سلمان ، وهي تقسم إلى عائلة أبو ذيب وعائلة أبو زقطه، ورزق الله ،ويذكر كبار السن أن حمولتهم عاصرت الروم وأن الناس أطلقوا عليهم كلمة(أروام ) لهذا السبب، مع أن أحدهم ذكر لي أنهم جاءوا من قرية دير جرير وأنهم مسيحيون روم أرثوذكس .)
ومن الحمائل في البلدة حمولة عوده : حمولة مراعبة وحمولة شواهنه ، وهناك عدة عائلات أو أسر أصغر جاءت إلى القرية منها: الرابي والأشقر وعائلة الشملة ودار أبو غنام وعائلة أبو لاوي .
وتعد علاقة القرابة الدموية علاقة حميمية وعضوية تتفوق على علاقة النسب والمصاهرة، وتكرس الوحدة الاجتماعية والاقتصادية ويتجلى مظهرها في العائلة الممتدة.
واكتملت حلقات المشروع الصهيوني وتخطيطه في حدوث كارثة 1948، وأصبحت كفرثلث ضمن المملكة الأردنية الهاشمية، وخسرت كفرثلث الأراضي السهلية الخصبة في خريش والمويلح قرب نهر العوجا وهجر أبناء كفرثلث الذين أقاموا في خريش والزاكور إلى جلجولية في أعوام 1949ـ 1951 في سياق خطة ممنهجة . محملين بسيارات العدو ومقيدين بالسلاسل والأصفاد مجبرين على ترك منازلهم تحت الضرب حتى سالت الدماء من بعضهم ،كما أن النساء لم تسلم من ذلك ، ثم أن الذين تسللوا إليها أو إلى داخل فلسطين سقطوا شهداء ومنهم: محمد خروب ، وعبدالرحيم شقير من حبله ،وأحمد حسن الأعرج من قرية الضيعة وداود عمر داود هدشة من خربة واد الرشا.
شاركت كفر ثلث في الانتفاضات الشعبية ومنها انتفاضة الحجر الفلسطيني عام 1987 وبرز دورها الفاعل والقيادي في المنطقة وسقط فيها عيد من الشهداء وشارك شبابها في انتفاضة الأقصى عام 2000 ،ونتيجة حتمية لهذا النضال سقط العديد من أبنائها شهداء .
واستعرض الكتاب سيرة شهداء البلدة على مدار عقود طويلة سواء في ثورات الثلاثينات والنكبة والنكسة والانتفاضات الفلسطينية المتعاقبة.