بقلم: أيمن هشام عزريل
عندما نتتبع في التاريخ، حركة مركز ثقل السيادة العالمية، أو الصراع العالمي، نجد أن مصر والعراق في العصور القديمة كانت مراكز للقوة السياسية العالمية، تنقل بينهما مركز الثقل لعدة مرات، كما كان العراق العباسي بلا شك في العصور الوسطى، مركز الثقل الأساسي، وما أن سقطت بغداد على يد المغول أنتقل الثقل في القوة العالمية إلى مصر، أما العصور الحديثة، فإن مركز ثقل السيادة العالمية، بكامل وزنه، انتقل إلى أوروبا، ومن ثم في قفزة كبيرة وفي الاتجاه نفسه، انتقل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في العالم الجديد، ولكن في الفترة الأخيرة، ظهر مسار أخر باتجاه عكسي راجع، انقلبت بموجبه الحركة من الغرب إلى الشرق.
نجد أن قارة أسيا قد اصبحت مسرحاً لأكبر وأخطر الحروب المحلية والثروات الوطنية في العالم تقريباً، ابتداءً من الحرب الكورية، وحرب فيتنام، وحرب الصين والهند، إلى انفصال بنغلاديش، والثورة الإيرانية، والحرب العراقية الإيرانية، وغزو الاتحاد السوفيتي لأفغانستان، بالإضافة إلى الحروب الإسرائيلية – العربية في غرب القارة والصراع السوفيتي – الصيني في شرقها، ومع هذا السياق، يكون قد انتقل الخطر وابتعد عن أوروبا والبحر المتوسط ليستقر الصراع في منطقة الشرق الأوسط والمحيط الهندي.
ومنطقة الشرق الأوسط، من المناطق التي تتمتع بأهمية استراتيجية بالغة سواء من حيث موقعها الجغرافي أم من حيث أهميتها الاقتصادية .. فهي تشكل سوقاً تجارياً واسعاً، ومصدراً مهماً للطاقة سيما أن إنتاجها من النفط كبير واحتياطها منه أكبر، إضافة إلى أهميتها كمنطقة للاستثمارات الأجنبية، لذلك نجد أن منطقة الشرق الأوسط شهدت في التاريخ صراعات دولية من أجل السيطرة عليها وبسط النفوذ، سواء كان ذلك بشكل مباشر أو غير مباشر عن طريق عقد المعاهدات وإقامة القواعد العسكرية أو من خلال أنظمة تخدم مصالحها وتلبي حاجاتها وأهدافها، لهذا ظلت منطقة الشرق الأوسط على المستوى الإقليمي بما فيها العالم العربي في رحلة فوضى شديدة.
ومما لا ريب فيه أن منطقة الشرق الأوسط هي من أكثر الأقاليم في العالم تنوعاً وسرعة في التغير، وبهذا أصبحت منطقة الشرق الأوسط منطقة صدام وأرض معركة بين قوى دولية وإقليمية، أو قوى إقليمية - إقليمية، أو قوى إقليمية تساندها قوى دولية ضد قوى إقليمية .. وبهذا تظهر لنا الصورة بأن الشرق الأوسط حالة معقدة نتيجة لتداخل الأدوار، وتشابك المصالح وتعدد مراكز التخطيط والأطراف المنفذة له.
إن لعبة استراتيجية منطقة الشرق الأوسط إنما هي واحدة من ألاعيب الغرب لتحقيق ثلاثة أهداف معاً في آن واحد .. حسب تحليلي، أحدها أن تكون علاقات العرب مع جيرانهم علاقات غير ودية ومتًأزمة باستمرار، وثانيها شيوع حالة الشكوك والتخوف بين مراكز القوى العربية وما ينتج عنها، من سياسة المحاور والتنافر بكل مخاطرها الجسام، وثالثها تجريد العرب من سلاح البترول نهائياً.
في هذا الإطار، إن أمن كل قطر عربي هو جزء من أمن الأمة العربية، وأمن المنطقة عموماً، وأن امكانياته تزداد بالتعاون المشترك لا بالحروب والتناحر، على مبدأ أن قدرة أي قطر عربي ينبغي أن تكون لخدمة العرب في جميع أقطارهم، وأنها ليست موجهة ضد أي واحد منهم.
E-mail: uzrail@hotmail.com