الثالث من مارس عام ألفين واثنين،
أذكر هذا التاريخ بتفاصيله الصغيرة ، قصف مدفعى وصاروخى ، إطلاق نار، قوة خاصه إسرائيلية محاصرة داخل مدرسة ذكور بلاطة ، وكتائب شهداء الأقصى ترشقهم بالرصاص ، وقتلى وجرحى في صفوف الإحتلال بالإضافة لأشلاء الماركيفا الدبابة العظمى عند الاحتلال متناثرة في الشوارع الرئيسية حول المخيم ،و طائرة الأباتشي تحلق بصوتها المزعج وصواريخها الطائشة تدق كأنها ناقوس خطر يقول أخرج !! أهرب !! أختبىء !! فلا أحد يعرف معنى التصرف السريع وأين المكان المناسب للجوء إليه .
أذكر اليوم السابق لهذا اليوم جيداً وهو الثانى من مارس عام ألفين واثنين حيث حاول الجيش الإسرائيلي اقتحام مخيم بلاطة كما اقتحموه بالثامن والعشرين من فبراير ذات العام ، ولكن سكان وشباب المخيم تصدوا ببسالة فاستشهد خمسة مواطنين وأصيب حوالي أربعين .
لا أنسى أبداً الثالث من يناير ذلك اليوم المشهود، أطلقت عليه - يوم سقوط مخيم بلاطه - حيث استشهد أربعة عمالقة من خيرة الرجال وأصيب المئات من أبناء المخيم بينهم والدى فايز عرفات واثنين من اعمامى ناصر وياسر عرفات .
حقاً !! لا أستطيع نسيان تفاصيل التفاصيل لهذا اليوم ، حينها عرفت معنى أن يكون لنا وطن نخاف عليه بل شاهدت الوطن وخوفى عليه بأم عينى ، في أزقة المخيم ولدت الثورة وفى المخيم عايشنا الخوف .
سطروا أبناء المخيم أروع صور البطولة حيث استبسل الجميع وكانو يداً واحدة من جميع الفصائل والألوان توحدوا ضد المحتل ، انتهت المعركة بشهداء وجرحى وهدم منزل القائد العام لكتائب شهداء الأقصى الأسير ناصر عويص.
هذه التجربة جعلتنى متيقظ دائماً ، فغذا ما غفوت أعود لأطرق ذاكرتى وأذكرها بهذا التاريخ ، وأصوات طائرات الأباتشى والدبابات والصواريخ وزخات الرصاص ما يقارب المئتى دبابة وثلاث مائة ناقلة جنود، وطائرتين من نوع أباتشي، كلها فقط على مساحة كم مربع من أرض الوطن وأزقة المخيم .
فـ بالزقاق حكاية لا تُنسى .