صبيحة أول أيام شهر رمضان الفضيل، بدأ بائع القطايف أبو خالد أبو عميرة ترتيب بسطته في سوق مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، وهمّ بتجهيز حلوى "القطايف" الرمضانية الشهيرة.
أبو عميرة الذي يعمل في المهنة منذ ربع قرن تقريبا وورثها عن والده، يعمل فيها بصحبة أبنائه الثلاثة، الذين يجدون في شهر رمضان فرصة رزق تعيل أسرهم.
ويتمنى بائع القطايف لو أن رمضان شهرين أو أكثر، لما فيه من بيع كثير وربح وفير، يمكنه من جلب قوت عائلته.
وخلال شهر رمضان الفضيل، تعج الأسواق بالحاجيات المختلفة، وتبرز أطعمة تعطي صاحبها فرصة جيدة في البيع، كالقطايف وفوانيس الأطفال والزينة وبيع الخروب والمخللات ومهنة المسحراتي وغيرها.
انتعاش مهن
وقال أبو عميرة وهو يقلّب القطايف على النار: "أجد فرصتي في العمل الجيد خلال هذا الشهر، وبمجرد انتهائه أجلس في البيت وقليلا ما أجد عملا في صناعة الخياطة التي أتقنها جيدا".
وأضاف لمراسل وكالة "صفا": "الحمد لله هلّ الشهر الكريم بخيراته، نأمل أن تبقى الأسواق تعمل دون إغلاق بسبب جائحة كورونا، وأن يرزقنا الله من خيره".
ويجوب بائع الخروب فؤاد حجازي، سوق مخيم جباليا يدلل على المشروب المُفضّل لدى الكثيرين، ويرحب بالشهر الفضيل بأغانيه التي يُرددها بصوت عالٍ.
ويرى حجاي الذي يستمر في بيع الخروب طيلة العام، أن "العمل في شهر رمضان يختلف عن باقي الأشهر، فما نربحه خلال الشهر الكريم لا نحققه في ثلاثة أشهر من العام".
وقال حجازي لمراسل وكالة "صفا" إنه يتعمد المناداة بصوت عالٍ وإطلاق أغاني شهر رمضان لجلب المواطنين للشراء منه.
وأشار إلى أن شهر رمضان يمثل فرصة له، لتحقيق ربح جيد يمكنه من سداد بعض ديونه التي تراكمت عليه خلال الأشهر الماضية.
وعلى مقربة من بائع الخروب حجازي، يقف محمد الخالدي أمام بسطته الصغيرة، يعرض عليها المخللات بأنواع مختلفة، وينادي على بضاعته في أول يوم من الشهر الفضيل.
وقال الخالدي إن المخللات محببة على السُفرة الغزية، "فلا تكاد تجد عائلة تتناول إفطارها دون صحن مخللات يزين السفرة".
وأشار إلى أنه يشتري كيلو المخللات جملة من التاجر بـ 3.5 شيكل (الدولار=3.3 شيكل) ويبيعه بأربعة شواكل، ليحقق ربحًا بمقدار نصف شيكل على كل كيلو يبيعه.
وأوضح أن بيع المخللات يمكنه من العودة لأطفاله الأربعة بربح يقدّر متوسطه (25- 35) شيكل يوميا.
وعن عمله بعد انتهاء شهر رمضان، لفت الخالدي إلى أنه لا يملك عملا دائما، ليختم بعبارة "وين بلاقي شغل بشتغل".
أما المسحراتي شادي مرسي (18 عامًا) فبدأ يجوب أزقة منطقة الفالوجا شمالي القطاع وينادي أهالي المنطقة كلٌ باسمه للقيام إلى تناول طعام السحور.
مرسي الذي يعمل في مهنة المسحراتي منذ نحو عشرة أعوام يجوب المنطقة بصحبة أولاده، لكنه هذه المرة لن يكون بجانب والده الذي سبقه في المهنة، بسبب وفاته العام الماضي.
ويرى مرسي في الطرق على طبلته وإيقاظ المواطنين للسحور، "شعورًا خاصًا وفرحة كبيرة"، ولاسيما عندما يجد الأطفال ينادون عليه ليذكرهم بأسمائهم.
وتعلم الشاب من والده بعض الشعارات التي باتت "نغمة" يصدح بها في المنطقة، مشيرًا إلى أنها تذكير المواطنين بذكر الله وعمل الخير وفرحة الشهر الكريم.
وعن فرص ربحه من مهنة المسحراتي، ذكر مرسي أنه مع آخر أيام الشهر الفضيل يجوب المنطقة بعد العشاء يهنئ أهالي الحي بقدوم العيد السعيد فيما يعطيه بعض المواطنين المال، والذي يتراوح بين (10- 50) شيكلا من كل عائلة، حسب مقدرتها المالية.
بدوره، قال المختص في الشأن الاقتصادي معين رجب إن شهر رمضان المبارك يمثل فرصة عمل جيدة للبائعين، "لا يجدونها في الأشهر الأخرى".
وأضاف رجب في حديث لوكالة "صفا"، "الدارج أن الموطنين يحبذون بعض الأكلات والمشروبات خلال شهر رمضان، وبالتالي يجد بائعوها فرصة لتحقيق الربح عبر بيع كميات أكثر".
وأشار إلى أن الانتعاشة التي تحدث في الأسواق نهار شهر رمضان تعود بالفائدة على أغلبية القطاعات، وتعمل على دوران عجلة الاقتصاد المهترئة بفعل الحصار والوضع الاقتصادي المتردي في قطاع غزة.
وبيّن أن زيادة فرصة البيع تعني تقليل معدلات البطالة المنتشرة في غزة، "وهو ما يمثل مدخلا لحل الكثير من الإشكاليات الاقتصادية".