"تلاوي يا تين"، "حلو وعسل يا تين"، بين أزقة البلدات الفلسطينية، تصدح أصوات الباعة والمتجولون بعبارات يتباهى بترديدها البائعون، وترقُصُ فرحاً بها قلوب المشترين، بموسم التين في أسواق الضفة الغربية، سعادة عارمة تغمر الفلسطينيين عندما يكون منبت بضاعتهم المعروضة هي أراضي قرية تِل قرب مدينة نابلس شمال الضفة الغربية.
ومع بدء موسم التين خلال شهر تموز/ يوليو، والذي يستمر حتى منتصف شهر أيلول/ سبتمبر، يسعى المزارعون في كل يوم جديد، قبل أن تكسوا أشعة الشمس سماء القرية، يشمّرون عن أيديهم للعمل في جني الثمار وتحضيرها لبيعها مع ساعات الصباح الأولى، فما يميز ثمرة التين أنها تقطف وتسوّق وتؤكل في ذات اليوم.
"العناقي، الخرتماني، الحماضي، السماري، البياضي، الحماري، الموازي، الخضاري" وغيرها من أنواع التين، هي الأجود والأحلى طعماً مما تنتجه قرية تِل، ويباع في أسواق الضفة الغربية من شمالها لجنوبها.
ويصل عدد أصناف التين المنتجة في القرية إلى12 صنفاً.
"خلية نحل"
داخل حديقة منزلها في قرية تِل، تبدأ السيدة منتهى رمضان (50 عاماً) العمل فجرًا في قطف ثمار التين، ووضع الزيت على الثمار الأخرى لتنضج بشكل أسرع.
وفي رحلة "وكالة سند للأنباء" مع ثمار التين، تحدثنا ضيفتنا "رمضان" وبهجة الموسم لا تفارقها، أن هذا موسم جميل يحبه الجميع، ويستيقظون فيه باكراً بعد صلاة الفجر، وهنا تكون القرية كخلية نحل، ففي كل بيت ولكل عائلة شجر تين.
تستمر السيدة "منتهى" بالعمل في حديقتها حتى السابعة صباحاً، ويتم تسويق المحصول بعد ذلك، من خلال التجار من أنحاء الضفة الغربية كافة.
بالزيت اللامع الذي يتلألأ كنجومٍ على حبة التين، تدهن "رمضان" حبات التين بالقليل من الزيت لمساعدتها على النضج بشكل أسرع، فتحتاج الثمرة بعدها أسبوعاً فقط حتى تنضج، وعلى النقيض إذا لم يتم دهنها بالزيت سيستمر الموسم لفترة طويلة تؤدي إلى تلف الثمار.
وتتابع "رمضان" أن موسم التين يحتاج لعمل منظم لتفادي خراب الثمار ولجني سعر أفضل، أما عن ألذ الأصناف وأكثرها حلاوة، تقول:"العناقي والخرتماني هما أكثر الأصناف حلاوة".
"العمود الفقري لتل"
موسم يأتي بالخير ويبعث البهجة في قلوب "التلاويين"، يوصف نائب رئيس المجلس القروي السابق محمد زيدان الموسم بالعمود الفقري لقرية تِل.
ويوضح "زيدان" في حديثه مع "وكالة سند للأنباء": "كانت تِل تنتج ما يقرب من 15 طن يومياً من التين، لكن في السنوات الأخيرة وبسبب التمدد العمراني تضاءل حجم الإنتاج لما يقرب من 2- 3 طن يومياً.
يعود الموسم بالخير والبركة على أهالي القرية، ومَن لا يملك أرضاً مزروعة بالتين، يعمل إما في ضمان الأراضي، أو تسويق المحصول، أو العمل في جني الثمار، ما يعني أن كل عائلة في تِل يصلها خير الموسم، بحسب "زيدان".
ويقول:"ما يميز زراعة التين في تل طبيعة التربة والطقس المعتدل خلال السنة والبارد شتاء، كما أن التين ليس بحاجة للري".
وبشكله الكمثري وقشرته الصلبة التي تقاوم تقلبات الطقس، تنفرد تِل بإنتاج التين "العناقي" الأكثر حلاوة مقارنة بباقي الأصناف.
وعن "العناقي"، توجد أصناف من التين لا تنبت ولا تصلح زراعتها حتى في القرى المجاورة للبلدة، مثل التين العناقي، وهو أشهر الأنواع في تِل".
وشهدت القرية في سنوات سابقة مهرجان التين السنوي، الذي كان ينظم لعرض أصناف التين وتقديمه كضيافة لزوار القرية، لتعريفهم بتين تِل الذي يُشهد له بالجودة، وكان يُقدّم خلال المهرجان ما يقرب من 3 طن من محصول التين.
لكن مع مرور السنوات وتضاؤل حجم الإنتاج توقف تنظيم المهرجان.
وتبقى فاكهة التين من الفواكه التي تتربع على قلوب الفلسطينيين حُباً وجمالاً ومذاقاً، يهوِّن على محبيه حرارة الصيف.
سند