الرئيسية / ثقافة وأدب
ما الذي يخفيه المستقبل القريب لمخيم جنين الفلسطيني؟
تاريخ النشر: الخميس 23/09/2021 19:32
ما الذي يخفيه المستقبل القريب لمخيم جنين الفلسطيني؟
مخيم جنين.

ما الذي يخفيه المستقبل القريب لمخيم جنين الفلسطيني؟
تسنيم صعابنة
خمس رصاصات هي إشارة تجميع المقاتلين في مخيم جنين.
تأسس مخيم جنين عام 1953 على الجانب الغربي لمدينة جنين، في أطراف مرج بن عامر، ويعد ثاني أكبر مخيم في الضفة الغربية بعد مخيم بلاطة.
يسكنه حوالي 27ألفًا، ينحدر معظمهم من منطقة الكرمل في حيفا، وجبال الكرمل، ويتوزعون على مساحة صغيرة تقارب 473 دونمًا.
ويخضع المخيم لسيطرة السلطة الفلسطينية، وشهد مواجهات عنيفة خلال الانتفاضة الثانية.
شن الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية كبيرة ضد المخيم عام 2002، والذي أسفرت عن استشهاد عشرات الفلسطينيين، ومقتل 23 جنديًا إسرائيليًا، بالإضافة إلى تدمير مئات المباني، والتي بلغت ما يقارب 400 منزل، وأصبح أكثر من ربع سكان المخيم بلا مأوى.
"مجزرة جنين:" اسم أطلق على عملية التوغل التي قام بها الاحتلال الإسرائيلي في مدينة جنين في الفترة من 1- 11 أبريل 2002. وتشير مصادر الحكومة الإسرائيلية وقوع معركة شديدة في جنين، مما اضطر جنود الاحتلال الإسرائيلي إلى القتال بين المنازل. بينما تشير مصادر السلطة الفلسطينية ومنظمات حقوق الإنسان ومنظمات دولية أخرى أن القوات الإسرائيلية أثناء إدارة عملياتها في مخيم اللاجئين قامت بارتكاب أعمال القتل العشوائي، واستخدام الدروع البشرية، والاستخدام غير المتناسب للقوة، وعمليات الاعتقال التعسفي والتعذيب، ومنعت العلاج الطبي وتقديم المساعدة الطبية.
عاد اسم المخيم للشاشات مجددًا، بعد عملية فرار الأسرى الستة من سجن جلبوع الإسرائيلي، كونهم ينحدرون من مدينة جنين، ومن بينهم زكريا زبيدي ابن المخيم، كما أن المخيم مكانًا جغرافيًا قريبًا من سجن جلبوع، وملاذًا محتملًا يمكن للأسرى الاختباء به، ويحتضن مخيم جنين عددًا كبيرًا من مسلحي الفصائل الفلسطينية.

"وهناك عشرات المسلحين الفلسطينيين الذين يجوبون شوارع وأزقة مخيم جنين، والذي قالوا: إنهم يستعدون لصد أي عدوان إسرائيلي محتمل".
فظهور عشرات المسلحين يؤكد أن المخيم لازال نقطة ساخنة للتصعيد، وساحة تحمل في نهاية المطاف حرب المواجهة عند نفاذ الخيارات الميداينة.
يحاول الاحتلال الإسرائيلي في ظل فشله الأمني لإنهاء المظاهر المسلحة للفصائل الفلسطينية في الضفة الغربية، معلقة على هذا الأمر بأنه فوضى ميدانية وفلتان أمني.
"حتى قبل عملية تحرر الأسرى من سجن جلبوع لم يكن الوضع هادئًا في مدينة جنين، فكانت المدينة تواصل التصدّي بقوّة لاقتحامات الاحتلال الإسرائيلي في الليل وحملات الاعتقال وتقف بوجه توسّع البؤر الاستيطانية، فكثّفت من فعاليات الإرباك الليلي والتظاهر مع إشعال الإطارات، وإصدار نوع من الضجيج المربك لجنود الاحتلال والمستوطنين عند مداخل المدينة والمخيّم. وكان قائد عمليات الاحتلال في جنين قد اعترف "بأن جنوده -في إحدى الاقتحامات للمدينة- قد حوصروا لنحو ساعة و20 دقيقة تحت الرصاص الفلسطيني من كل مكان".
وفي حديثي مع المؤرخ والكاتب الفلسطيني، ناصر دمج، يقول دمج، "جنين ممسكة بجمرة المقاومة منذ مئة عام وأكثر، ولم تتخل عن واجباتها تجاه الوطن، في مرحلة من مراحل تصدي الشعب العربي الفلسطيني للغزاة، وقدمت مساهمات بارزة في كافة مجالات العمل الوطني العسكري والسياسي والنقابي والاقتصادي، جسدها أبناءها، في غير مضمار ومجال عمل."
ويتابع دمج، "خرج من جنين كل ما هو مدهش وفريد ومثير للفخر، وسبق أن أخبرنا "محيي الدين بن عربي" بأن كل كلمة تجمع بين حرفي الجيم والنون، تخبرنا بكل ما هو مدهش وغريب، أو خفي ومستتر، من قبيل جنة وجنائن وجني وجنين وجنون، وأخيراً جنين."
ويضيف دمج، "قدمت جنين مساهمات مبكرة في مقارعة الاحتلال الإنجليزي ومن بعده الإسرائيلي، بدءاً من ثورة البراق 1921م و ثورة فلسطين الكبرى 1936م – 1939م، ومشاركة شبابها وشاباتها في فعاليات الثورة الفلسطينية المعاصرة بعد عام 1965م، ومشاركتهم في انتفاضة عام 1982م وانتفاضة الحجارة 1987م – 1993م."

ويتابع، "شكل فتيانها ما عرف في التاريخ الفلسطيني المعاصر بمجموعات الفهد الأسود، التي استلهمت ميراث الأجداد ممن حملوا السلاح وتصدوا للمحتلين، وسرعان ما تحولت إلى أهم فعل مقاوم في انتفاضة الحجارة، لهذا راكمت جنين لنفسها موروثاً عظيماً من الكفاح والتضحيات، وهو منجز وطني جماعي أصبح في عهدة الأجيال الجديدة، التي أقسمت على مواصلة الدرب حتى تحرير فلسطين، لهذا لن يتمكن الاحتلال الإسرائيلي من كسر شوكة تمسكها بأهدافها النبيلة المتمثلة بالإصرار على العودة للديار."
وتأكد المحتل الإسرائيلي من هذه الحقيقة بعد أن تحولت جنين ومخيمها لعاصمة حقيقة للمقاومة ما اضطره لاجتياح مخيمها في عام 2002م، حيث سطر المقاتلون الفلسطينيون فيه أروع صور التضحيات والصمود.
وييبين دمج، " الاحتلال وضع مخيم جنين، تحت مجهر استخباراته، لتتبع حركية النهوض المتوقع للمقاومة التي تسكنه، واتبع منهجية تعامل محدثة معها، قائمة التفكيك المتتالي والفوري لبناها التحتية، لعدم السماح لها بتعظيم قوتها تسليحاً وتدريباً وكوادر؛ لهذا يجب أن يبقى المقاتلون ومجتمعهم المحيط في حالة يقظة مستمرة، تحسباً لأي عملية غادرة، من خلال توسيع نطاق مداهماته المتواصلة للمنطقة."
"ويؤكد دمج، أن الاحتلال الإسرائيلي بما يقوم به، لانزعاجه من ظاهرة مخيم جنين، وتحوله إلى عرين للمناضلين ممن يحملون السلاح جهراً بقصد النيل منه على طريق تحرير الوطن، بدلالة الحجم الكبير من التقارير الإستخبارية والصحفية الإسرائيلية حول مخيم جنين وتعظيم الخطر المتوقع منه، لتبرير أي هجوم عسكري عليه أمام الرأي العام العالمي، والحول دون التضامن مع سكانه، متناساً بأنه هو من تسبب بدفع الناس لمقاومته، بعد سلب الأمل من عيونهم، وحول الملايين منهم لمتعطلين عن العمل، وفاقدين لأي مقوم من مقومات الحياة الحرة الكريمة كباقي بني البشر."

يقول أبو حذيفة، أحد مطاردي مخيم جنين للغد: "نحن مستعدون بالكف والأيدي والروح جهادنا في سبيل الله ونضالنا في سبيل الله، وكما يهدد الاحتلال الإسرائيلي لاقتحام المخيم نحن مستعدون".
ويتابع أبو حذيفة، "لا يرهب أطفالنا جيش إسرائيلي ولا جيش احتلال ولا جيش طاغي، نحن وحدتنا واحدة في مخيم جنين، وأتمنى أن تتمدد هذه الوحدة إلى كافة أنحاء مدن فلسطين، وتنتفض انتفاضة تحرير، وتحرير الأقصى".

يعتقد الصحفي علي سمودي على الرغم من حالات المداهمة التي تمت للمنازل والتحقيقات الميدانية، فإن أي عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة ضد مدينة جنين قد تواجه بقوة من الشعب الفلسطيني؛ لأن هناك نوعًا من التحدي على الأرض، وهناك نوعًا ما من المقاومة المنظمة والموحدة التي ستكون في صد هذه العملية.
(في حديثه للجزيرة نت)
يوضح الكاتب الفلسطيني ناصر دمج، "أن المقاومة الفلسطينية لا تمتلك ما يمتلكه جيش الاحتلال الإسرائيلي، من أسلحة متطورة لكي تقهره بالضربة القاضية، لكنها قادرة على الصمود في وجهه إلى ما لا نهاية، لأن الصراع بين القوى القائمة بالاستعمار وبين الشعوب المقاومة له، على اختلاف أشكالها ومسمياتها، يرتكز على ركيزتين تتحكمان بنتيجته، مها طال عليه الأمد، وهما:
الأولى:
حروب التحرير الشعبية - وفقاً لعبد الوهاب المسيري - لا يمكن هزيمة العدو فيها هزيمة ماحقة، وإنما يمكن إرهاقه حتى يُذعن لإرادة الشعوب المقاومة؛ بدلالة أن الثورتين الجزائرية والفيتنامية، وكذلك المقاومة اللبنانية لم تنتصر أي منهم على عدوها بالضربة القاضية؛ إنما أرهقتاه وأوصلتاه لدرجة اليأس التام من تحقيق مآربه.
الثانية:
مقابل ذلك انعقد الرأي لدى راسمي الاستراتيجيات العليا للدول الاستعمارية، على أن قهر المقاومة سواء المسلحة أو المدنية السلمية كتلك التي دعا إليها الرئيس "أبو مازن" أمر مستحيل، وهذا يجعل من التقليل من ضررها هو الحد الأعلى الممكن لتلك الاستراتيجيات،
حتى تصبح الظروف مناسبة للحوار مع المقاومة أو تركها وترك ديارها وشأنها.
وهذه حقائق تجعل من كل شكل من أشكال المقاومة، وسيلة عمل وفعل منتجة بحد ذاتها، ولها أثر موجع للعدو، وهذا يمنعنا من الاستهتار بأي شكل من أشكال المقاومة؛ لأنه ينطوي على عدم إدراك لهذه الحقيقة، ما يلزمنا بعدم ترك أي وسيلة مقاومة لصالح
أخرى، لأن تنوع أساليب المقاومة يمكننا من تحصيل نتائج مثيرة ضمن أجل زمني قصير؛ على قاعدة المزاملة المتسقة بين كل أشكال الكفاح الوطني.
 

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017