قدم الفنان الفلسطيني حسام أبو عيشة في عمله المسرحي الجديد ”عرق النعنع“ تجربته الشخصية لفترة اعتقاله في سجن إسرائيلي مطلع ثمانينيات القرن الماضي.
وقدم أبو عيشة العرض على مدار 55 دقيقة بأسلوب المونودراما القائم على ممثل واحد يسرد الأحداث عن طريق الحوار.
وقال بعد عرضه مسرحتيه على خشبة مسرح مركز يبوس الثقافي في مدينة القدس ”ما شاهدتموه في العرض المسرحي هو واقعي بنسبة 99.9%“.
وأضاف أبو عيشة، الذي حكم عليه بالسجن 3 سنوات في عام 1980، أن ما يقدمه ”جزء من التوثيق وأنا أدعو أن نتناول قضايا الأسرى من ناحية إنسانية“.
ويرى أبو عيشة، الذي عمل على مدار 55 دقيقة في نقل العديد من التفاصيل الدقيقة في حياة المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية من لحظة اعتقالهم والتحقيق معهم والحكم عليهم، ”أن كل من دخل السجن ضد الاحتلال هو بطل بلا شك لكن هذه التفاصيل هي التي نجهلها ويجب أن توثق“.
واقتصر ديكور المسرحية على قطعة من الإسفنج كتلك، التي ينام عليها المعتقلون، وعلبة من الحديد كان يجلس عليها بين وقت وآخر و250 ورقة تمثل الرسائل بينه وبينه حبيبته التي أصحبت زوجته فيما بعد.
ويستخدم أبو عيشة، البالغ من العمر 62 عامًا، صاحب التجربة الطويلة في العمل المسرحي كل قدراته الفنية سواء في تقليد الأصوات أو الغناء أو لغة الجسد لينقل للمشاهدين حوارات بين السجان والمعتقلين وأخرى فيما بين المعتقلين.
وكانت تتعالي قهقهات الجمهور أحيانا ويسود الصمت أحيانا أخرى عند سرد أحداث شهدها السجن في فترة اعتقاله إضافة إلى قراءته مقتطفات من الرسائل، التي بعث بها إلى حبيبته في تلك الأيام.
وتعود فكرة العرض المسرحي إلى تعاون مشترك بين أبو عيشة والمخرجة الفلسطينية جورجينا عصفور.
وحول صعوبة مسرحيات المونودراما قالت جورجينا: ”حسام أبو عيشة عنده هاي الكاريزما واشتغل مونودراما قبل هيك، أصعب شي كان في الموضوع أن هذا عرض (شي شخصي) وكان يتناول علاقة حبه مع زوجته“.
وأضافت ”أنتجنا المسرحية في فترة الكورونا قبل سنة ونص عملناها أون لاين وفي شهر عشرة (أكتوبر) رجعنا نعرضها على المسرح أمام الجمهور لأنه فيش مسرح بلا جمهور“.
وأشارت جورجينا إلى أنه ”قدمنا عرضين في الحكواتي (المسرح الوطني في القدس) وعروضا في الخليل ونابلس وحاليا نستعد لتقديم عروض في حيفا“.
ويبدو أن أبو عيشة نجح في إعادة الذكريات لعدد من الحضور الذين خاضوا تجربة الاعتقال في السجون الإسرائيلية.
وقال ناصر قوس، الذي أمضى 3 سنوات في السجون الإسرائيلية ”رجعني حسام لأيام الثمانينيات في عام 87 حيث عشت (هاي) الظروف بمرها وحلوها وكل المعاني اللي كانت موجودة في المسرحية يوما بيوم وساعة بساعة“.
وأضاف بعد مشاهدته العرض المسرحي: ”بنقدم التحية لحسام أبو عيشة اللي أعاد إلنا وضع الأسرى وقضية الأسرى في مشهد تمثيل درامي يعطي معنى المعاناة في سجون الاحتلال الإسرائيلي“.
وقالت رانيا إلياس مديرة مركز يبوس في تقديمها للمسرحية ”في كل بيت معتقل يمكن الأخ أو الأخت أو الأب أو الأم أو الطفل أو حتى الجد.
وبينت أن ”قضية الاعتقال هي قضية البطولة والصمود لكل هاي إنسان أو إنسانة عنده مشاعر وأحاسيس له حبيبة أو زوجة أو أطفال“.
وقبل الدخول إلى قاعة المسرحية كانت رائحة النعناع تفوح من عروق نعناع أخضر وضعت عند مدخلها.
ويشير اسم (عرق النعنع) إلى واقعة اجتمعت فيها التنظيمات في السجن لتتقاسم أوراق النعناع التي نبتت إلى جانب جدار في السجن وكيف تم الاعتناء بها.
ويختتم أبو عيشة عرضه المسرحي على صوت المطربة اللبنانية فيروز وهي تشدو بأغنية (خذوني إلى بيسان).