إيمان شبير - فاتن الحميدي - وكالة سند للأنباء
شهد عام 2021 انتصارات مُشرّفة للأسرى الفلسطينيين رغم الانتهاكات الإسرائيلية العنيفة ضدهم في السجون، التي تمثلت بالاعتداء، والتنكيل، والموت البطيء عبر سياسة "الإهمال الطبي".
وتقترف سلطات الاحتلال انتهاكات جسيمة بحق الأسرى والمعتقلين، تنوعت في ممارسة التعذيب، والعزل، والحرمان من الرعاية الطبية؛ الأمر الذي أدى إلى وفاة العشرات منهم أثناء الأسر أو بعده.
وتشمل الانتهاكات، احتجاز الأسرى الفلسطينيين ومحاكمتهم بصورة غير قانونية، والاعتقال الإداري غير المشروع، وعمليات اقتحام السجون التي يتخللها التنكيل والتفتيش، وتخريب متعمد لمقتنيات الأسرى.
ويقبع في سجون الاحتلال 4500 معتقل فلسطيني، منهم 400 أسيرًا يعانون أمراضًا مُزمنة وخطيرة، و31 سيدة، و500 معتقلًا إداريًا.
في هذا التقرير، ترصد "وكالة سند للأنباء" ضمن ملف "حصاد 2021" أبرز الأحداث التي تخللت قضية الأسرى، وانتهاكات الاحتلال التي مارسها بحقهم هذا العام.
نفق الحرية
في حادثةٍ ليست الأولى في تاريخ الأسرى في سجون الاحتلال الإسرائيلي، ففي 6 سبتمبر / أيلول المنصرم، نجح ستة أسرى فلسطينيين، من اختراق التحصينات الأمنية المشددة لسجن "جلبوع"، وانتزاع حريتهم، عن طريق نفق حفروه من داخل السجن إلى خارجه؛ ما تسبب بصدمة واسعة في المستويات الأمنية والسياسية والإعلامية الإسرائيلية.
وبعد بحثٍ كثيف، وإجراءات أمنية شديدة، أعادت شرطة الاحتلال الإسرائيلي في 9 سبتمبر المنصرم، اعتقال الأسيرين زكريا الزبيدي (46 عامًا)، ومحمد عارضة (39 عامًا) قرب بلدتي الشبلي وأم الغنم على سفوح جبل طابور في الجليل الأسفل، في مرج ابن عامر.
وفي 10 سبتمبر الماضي، اعادت قوات الاحتلال اعتقال الأسيرين محمود عارضة (46 عامًا) ويعقوب قادري (49 عامًا)، من أطراف مدينة الناصرة.
وبعد أسبوعين من المطارة الإسرائيلية، نجحت القوات الإسرائيلية في 19 سبتمبر الماضي، من اعتقال آخر أسيرين نجحا بالفرار من سجن جلبوع، وهما مناضل انفيعات وأيهم كممجي.
وتحتجز سلطات الاحتلال "الأسرى الستة" في ظروفٍ صعبةٍ للغاية، إذ لا يعرفون الوقت، ولا يعرفون الليل من النهار، ويتعرضون لعمليات تحقيق متواصلة على مدار الساعة من ضباط مخابرات الاحتلال.
الإضرابات الفردية
يلجأ الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال إلى خوض الإضراب المفتوح عن الطعام؛ لتحقيق لمطالبهم، من أجل استعادة حقوقهم المسلوبة.
ويمتنع الأسير في الإضراب عن تناول جميع أصناف وأشكال المواد الغذائية الموجودة في متناوله باستثناء الماء وقليل من الملح.
وفي 2021 خاض أسرى فلسطينيون في سجون الاحتلال إضرابات عن الطعام فردية، انتهت باستجابة مطالبهم.
ومن أبرز هؤلاء الأسرى، المحرر كايد الفسفوس (32 عامًا) الذي خاض إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، لـ 103 أيام، وانتهي بانتزاع قرار حريته، حيث أُفرج عنه في 4 ديسمبر/ كانون الأول الجاري.
وتمكنّ الأسير مقداد القواسمة من انتزاع حريته بعد معركة طويلة مع إدارة سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وتم التوصل إلى اتفاق يقضي بإطلاق سراح الأسير "القواسمة" في شهر شباط/ فبراير القادم، وعليه أنهى إضرابه عن الطعام الذي استمر لـ 113 يومًا.
بينما يواصل الأسير هشام أبو هواش (40 عامًا)، إضرابه عن الطعام لليوم 118 يومًا على التوالي، بظروفٍ صحيةٍ صعبة.
وأحد أبرز الأسباب التي دعت الأسرى لخوض إضراباتهم، هو قرار "الاعتقال الإداري"، فيما أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، 554 قرارًا إداريًا بحق أسرى فلسطينيين منذ بداية العام الجاري.
بينما أصدر الاحتلال 230 قرارًا إداريًا بحق أسرى لأول مرة، معظمهم أسرى محررين أعيد اعتقالهم.
ومن بين القرارات 324 قرار تجديد اعتقال إداري لفترات إضافية تمتد ما بين شهرين إلى 6 شهور، ووصلت إلى 5 مرات لبعض الأسرى.
"الموت البطيء"
تمارس سلطات الاحتلال الإسرائيلي أبشع الأساليب التعسفية للأسرى الفلسطينيين عبر سياسة "الإهمال الطبي" الذي يقود الأسير إلى الموت الحتمي.
ويقبع في سجون الاحتلال أكثر من 400 أسير يعانون أمراضًا مزمنة وخطيرة كغسيل الكلى، والسرطان، وأمراض القلب، والعاجزين طبّيًّا "المقعدين"، وفق بيانات اطّلعت عليها "وكالة سند للأنباء".
وقتلت سياسة الإهمال الطبي المتعمد التي تنتهجها إدارة السجون، أسيرين فلسطينيين خلال عام 2021.
واحتجزت جثمان أحدهم في ثلاجات الموت حتى انتهاء محكوميته، وهو الشهيد سامي العمور (39 عامًا) الذي ارتقى نتيجة الإهمال الطبي في 11 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وفي 23 سبتمبر/أيلول المنصرم، استشهد الأسير الفلسطيني المحرر حسين مسالمة (39 عامًا)؛ متأثرًا بمرض سرطان الدم (اللوكيميا) الذي أصيب به في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
الأسيرات والأطفال
يعتقل الاحتلال الإسرائيلي 31 أسيرة في سجن "الدامون"، ويرتكب بحقهن عشرات الانتهاكات التي تتمثل في المراقبة على مدارِ الساعة، والتحقيقات القاسية والعزل الانفرادي، علاوة عن الاقتحامات الليلية لغرف الأسيرات، وضربهن أثناء نقلهن للمحاكم على أيدي قوات "النحشون" المتخصصة بعملية النقل، وشتمهن بألفاظ بذيئة".
وفي 14 ديسمبر/ كانون أول الجاري، فرضت مصلحة السجون عقوبات جماعية على الأسيرات وامتدت تبعاتها حتى اليوم.
وتثملت العقوبات في منع جميع الأسيرات من زيارة عائلاتهن ومن الكانتينا لشهر، فيما ضاعفت مصلحة السجون العقوبة على أسيرات غرفة "11" بحرمانهن زيارة العائلة ومن الكانتينا لشهرين، بالإضافة إلى فرض غرامة بقيمة 400 شيكل.
ورفضت إدارة السجن، التعامل مع الأسيرة شروق دويات كنائب ممثلة للأسيرات.
وتشهد السجون موجة تصعيد عنيفة، عقب هجوم إدارة السجون على سجن الأسيرات بمعتقل الدامون، وعزلها للأسيرات "مرح باكير وشروق دويات ومنى قعدان" في سجن جلبوع.
وأثارت هذه الاعتداءات غضب الحركة الأسيرة التي باشرت بخطوات تصعيدية، ترافقت مع طعن أسير فلسطيني بسجن نفحة لضابط من مصلحة السجون.
وتمثلت أبرز الانتهاكات للأطفال القاصرين، في اعتقال 200 طفلًا ما دون الـ 18 عامًا، ومحاكمتهم بأحكام عالية تصل إلى 20 سنة، بينما تعتقل -أيضًا- 200 طفلًا ما دون الـ 10 سنوات في القدس بما يُسمى "الحبس المنزلي".
ويتعرض الأطفال لانتهاكات صارخة، تخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية التي تكفل حمايتهم وحقوقهم الجسدية والنفسية والتعليمية وتواصلهم بذويهم.
"الاعتقالات"
أما عن الاعتقالات اليومية، والتي تنتهجها سلطات الاحتلال الإسرائيلي كسلاح قمعٍ يحارب به الوجود الفلسطيني لاستنزاف طاقاته وتحطيم إرادته.
وثق مركز فلسطين لدراسات الأسرى، اعتقال قوات الاحتلال الإسرائيلي لـ 7500 فلسطيني من مختلف المناطق الفلسطينية منذ بداية العام الجاري 2021.
ويذكر مدير الإعلام في هيئة شؤون الأسرى والمحررين ثائر شريدح لـ "وكالة سند للأنباء"، أن الاعتقالات اليومية للفلسطينيين قد سجلت تصعيداً خطيراً في شهر مايو/أيار المنصرم؛ نظراً للأحداث الحاصلة في حي الشيخ جراح ومدينة القدس.
واعتقلت قوات الاحتلال 3100 فلسطينياً في شهرٍ واحد.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، لم يكن في سجون الاحتلال سوى 700 أسير، وارتفعت حالات الاعتقال منذ الانتفاضة وحتى اليوم إلى 131 ألف حالة اعتقال.
وتتبع شرطة الاحتلال سياسة الإبعاد ودفع الغرامات المالية الباهظة؛ للتضييق على الفلسطينيين وثنيهم عن الدفاع والمقاومة لأجل المقدسات ورفع الظلم ومنع الانتهاكات.
وارتفع عدد الفلسطينيين الذين يقضون أحكامًا بالسّجن المؤبّد (مدى الحياة) في سجون الاحتلال الإسرائيليّ إلى 546.
وقال نادي الأسير، إنّ العدد ارتفع بعد أن أصدر الاحتلال الخميس الماضي، حُكمًا بالسّجن المؤبد مضافًا إليه 40 سنة، بحقّ الأسير قاسم عصافرة، ومؤبد مضافًا إليه 20 سنة بحق الأسير نصير عصافرة وهما من بلدة بيت كاحل غرب الخليل، وكلاهما معتقل منذ آب/ أغسطس 2019، بتهمة تنفيذ عملية مستوطنة "غوش عتصيون" التي قتل فيها جندي إسرائيلي، وقد هدمت قوات الاحتلال منزليهما في نهاية 2019.