غزة - فضل مطر - صفا
بعد جهدٍ دؤوب دام نحو 4 أعوام تمكّن الأكاديمي والداعية الفلسطيني علي الغفري من إنجاز أول موسوعة تاريخية لعائلات مدينة غزة في السجلات العثمانية، خلال الحكم العثماني لفلسطين في الفترة الواقعة ما بين عامي 1903-1915.
وحملت الموسوعة التاريخية اسم "العائلات الغزية في سجلات النفوس العثمانية"، وجاءت في 9 مجلدات، تحدثت في مجملها عن العائلات التي سكنت الأحياء الرئيسية الخمسة المكوّنة لمدينة غزة وهي أحياء "الدرج، التفاح، الزيتون، التركمان، إجديدة".
بداية الحكاية
ومنذ نحو 10 أعوام دفع الفضول الأكاديمي الغفري للبحث عن جذور عائلته في مدينة غزة؛ ليكتشف أنّ جذورها تمتد خلال فترة الحكم العثماني لفلسطين، بحسب ما أفاد لمراسل وكالة "صفا".
ويقول إنّه سافر عدّة رحلات إلى تركيا وتقدّم بطلب رسمي للسفارة الفلسطينية هناك لطلب تلك السجلات؛ بغرض التوثيق والبحث عن أصول تلك العائلات، فقامت السفارة بإرسال السجلات باللغة العثمانية إلى هيئة التراث والبحوث الفلسطينية في بلدة "أبو ديس" التي سلّمتها إليه.
ويذكر أنّه بعد 6 أعوام من البحث والتقصي تمكّن من الحصول على وثائق عثمانية عن العائلات الفلسطينية في حي الدرج، أقدم الأحياء التاريخية في مدينة غزة؛ ليبدأ بعد ذلك رحلته التي وسّع فيها نطاق البحث ليضمّ 5 أحياء رئيسية قديمة شكّلت مدينة غزة.
وقبل نحو أربعة أعوام، شرع الغفري بتشكيل لجنة للبحث والتقصي عن العائلات الغزية في سجلات النفوس العثمانية، وقام بترجمة وتدقيق المذكور فيها إلى اللغة العربية؛ لينجح في إنشاء الموسوعة الأولى من نوعها في فلسطين.
أحياء غزة القديمة
وبحسب الوثائق العثمانية التي حصل عليها الباحث الغفري، فإنّه خلال الحكم العثماني لفلسطين في الفترة الواقعة ما بين 1903-1915 كان يسكن مدينة غزة نحو 31 ألف نسمة موزّعين على الأحياء الخمسة القديمة "الدرج، التفاح، الزيتون، التركمان، الجديدة" بمجموع 1417عائلة، و4118 أسرة.
ويذكر أنّ عدد السجلات الخاصة بفلسطين خلال فترة الحكم العثماني بلغ 463 سجلًا، أمّا عدد السجلات الخاص بمدينة غزة وحدها فبلغ 16 سجلًا موزعة على 5 أحياء.
ويعبّر الغفري عن فخره كونه سببًا في تأصيل وذكر العائلات التي تسكن غزة من القدم، مضيفًا أنّ هذه الموسوعة "تؤكّد أنّ هذه البلد لأهلها الذين كانوا يسكنوها قديمًا بخلاف المزاعم الصهيونية".
ويؤكّد أنّ أحدًا لم يسبقه إلى إنجاز هذه الموسوعة التي باتت بها السجلات العثمانية مترجمة بشكل متكامل، على حدّ قوله.
ويوضح "في هذه الموسوعة تمّ تصنيف العائلات وترتيبها بشكل أبجدي؛ لتكون مرجعًا يسهل لكل فلسطيني الاطّلاع عليه والبحث في سجل عائلته وتاريخها منذ القدم".
مرجع وطني
ويؤكّد الباحث في الوثائق العثمانية والمخطوطات محمد أبو ناصر أنّ موسوعة "العائلات الغزية في سجلات النفوس العثمانية" تشكّل مرجعًا وطنيًا مُهمًّا يُمكن الاعتماد عليه في البحث عن جذور العائلات الفلسطينية.
ويقول أبو ناصر في حديثه لمراسل صفا، إنّ الموسوعة تمّت ترجمتها وتصميمها وتدقيقها من باحثين على أعلى المستويات.
ويضيف "هذه الموسوعة أًنجزت على مستوى عالٍ جدًا من الإتقان، وأخذت فترة كبيرة على صعيد الاجتماعات والترجمة والتصاميم بحيث يتعذّر وجود الأخطاء فيها".
ويعرب الباحث في الوثائق العثمانية والمخطوطات عن أمله بإنجاز موسوعة مشابهة تكون خاصة بالقرى الفلسطينية في قطاع غزة، موضحًا أنّ ما ظهر في هذه الموسوعة من الوثائق العثمانية ما هو إلاّ جزء يسير من آلاف الوثائق المنسية عن فلسطين عامة وقطاع غزة بشكل خاص.