المقام حجرة بُنيت من الحجر الأبيض والأحمر والأسود، فوق صندوق خشبي مغطى بقطع قماش، يعود بعضها إلى مئات السنين، ويعلو كل منها قبر نبي أو زوجته، ممن دفنوا في المغارة على بعد نحو 18 مترا أسفل المسجد.
تقع في المسجد 7 مقامات، منها 5 في القسم الذي يسيطر عليه الاحتلال من المسجد، ولا يمكن وصول المسلمين إليه إلا في مناسبات دينية محدودة، مع إمكانية مشاهدة بعضها، والباقي داخل القسم المتاح للمسلمين.
وبعد مجزرة نفذها مستوطن إسرائيلي عام 1994، اقتطع الاحتلال نحو نصف المسجد وحوله إلى كنيس يهودي، وأغلقه أمام المسلمين.
قبر سارة
بدأت الجولة قبيل آخر باب يؤدي إلى منطقة المنبر والمحراب في المسجد، بمقام "سيدتنا سارة رضي الله عنها" كما هو موثق بلوحة معدنية على نافذة تطل على المقام، الواقع في الجزء المسيطر عليه إسرائيليا، لكنه يظهر من إحدى نوافذه.
وسارة هي زوجة نبي الله وخليله إبراهيم عليه السلام، الذي ينسب إليه المسجد أو الحرم كما يفضل الفلسطينيون تسميته، ويمكن للزائر مشاهدة المقام المغطى بقماش جُلب إليه من الهند.
وتزين القماش آيات قرآنية، ومدون عليه "هذا قبر سيدتنا سارة رضي الله عنها زوجة النبي خليل الرحمن عليه السلام".
قبر خليل الله
بعد دخولنا المسجد، توجهنا يمينا إلى الجهة المقابلة لمقام سارة، حيث مقام إبراهيم عليه السلام المغطى بقماش فاخر جُلب من الهند أيضا، وجدد عام 2006.
ومدون على القماش آيات قرآنية بخيوط من ذهب، وتعريف به "هذا قبر خليل الرحمن عليه السلام"، ويقع في المنطقة المخصصة للمستوطنين من المسجد.
ويشير أبو اسنينة مدير المسجد إلى أن قماش المقامات يتم جلبه عادة من ماليزيا أو مصر، إضافة إلى الهند.
قبرا إسحق وزوجته
وفي مقدمة المسجد، حيث المنبر والمحراب في الجزء المخصص للمسلمين، يبرز مقامان يقطعان صفوف المصلين، أقيما فوق قبرين داخل المغارة أسفل المسجد.
فعلى يمين المصلى، يقع مقام إسحق عليه السلام، المغطى بقماش مُطرّز بخيوط الذهب من العهد العثماني، وداخله أسرجة إنارة كانت تضاء بالزيت، أما اليوم فاستبدلت بإنارة كهربائية خضراء خافتة.
ويحتفظ القائمون على المسجد داخل المقام بصندوق خشبي أهدِي إلى المسجد من سلطنة عمان، وداخله أفضل أنواع البخور، ويستخدم عند الحاجة.
في الجهة المقابلة وعلى يمين المصلى، يوجد مقام "رفقة" زوجة إسحق، ومدون ذلك على قطعة قماش قديمة تغطي صندوقا خشبيا داخل المقام.
يمكن للزائر النظر داخل الحجرات من خلال نوافذ تغطيها شبك من الحديد وعليها شعار الدولة العثمانية.
قبرا يوسف ويعقوب
يشير مدير المسجد الإبراهيمي إلى أن مقام يوسف عليه السلام يقع في المنطقة الخاضعة للمستوطنين، كما هي الحال بالنسبة لمقامي يعقوب وزوجته لائقة، ولا يمكن الوصول لأي منها.
ينقل أبو اسنينة الرواية التاريخية القائلة إن يوسف عليه السلام عاش وتوفي ودفن في مصر، ثم نفذت وصية أبيه بدفنه بجواره، فتم نقل جثمانه إلى الخليل، عندما قدم موسى عليه السلام "وفق أرجح الروايات".
إشارات أموية
يوضح أبو اسنينة أن المقام "عبارة عن إشارات وعلامات، بُنيت لتؤكد وتثبت أن صاحب هذا القبر موجود في هذا المكان".
يقول إن أول من أقام الغرف فوق المقامات الأمويون (662م-750م)، وأول من دفن هي سارة زوجة الخليل عليه السلام، ومن ثم أوصى إبراهيم أن يدفن بجوار سارة وذريته من بعده".
وتملك دائرة الأوقاف الفلسطينية مفاتيح حجرات المقامات، لكن الاحتلال لا يسمح بالوصول إليها أو فتحها.
وعلى صلة بالمقامات، توجد نافذة صغيرة توصل إلى المغارة أسفل المسجد، بنيت فوقها قبة في العهد المملوكي بأمر من السلطان الناصر محمد بن قلاوون، كما هو مكتوب عليها بخط الثلث وماء الذهب.
يذكر مصطفى الدباغ، في موسوعته "بلادنا فلسطين" أنه "في أوائل القرن التاسع عشر قبل الميلاد، سكن إبراهيم عليه السلام (…) شمال الخليل".
وأضاف "لما توفيت سارة زوجة إبراهيم دفنها في "مغارة المكفيلة" التي اشتراها، ولما توفي إبراهيم ومن بعده ولده "إسحق" وزوجته "رفقة" دفنوا في المقبرة المذكورة، كما دفنت فيها بعد ذلك "ليئة" زوجة يعقوب".
وينقل عن العهد القديم أن "يعقوب كان قد توفي في مصر، إلا أن الأطباء حنطوا جثته وجاء بها يوسف وإخوته إلى "قرية أربع" (الخليل) ودفنوه في مغارة مكفيلية".
ويضيف "لما مات يوسف في مصر حُنطت جثته، وعندما خرج اليهود بقيادة موسى من مصر نقلوها معهم، ودفنوها بالقرب من نابلس، ويقال إن جثته نقلت بعد ذلك إلى قرية أربع (الخليل)".
المصدر : الجزيرة