الرئيسية / ثقافة وأدب
حين يصير التاريخ قوّادا\للدكتور داود فلنة
تاريخ النشر: الثلاثاء 21/10/2014 16:35
حين يصير التاريخ قوّادا\للدكتور داود فلنة
حين يصير التاريخ قوّادا\للدكتور داود فلنة

 جّدي كان جنديا في جيش طارق بن زياد
وجدّتي كانت تجني العنب من بستان في أشبيلية
وأنا جئت من سلالته في أسبانيا
هل يضرك هذا ….!
هل يضرك هذا ما دامت مريم قد جاءت من كيبتاون
وسليمان ولد في أثيوبيا
أنا صاعقة شريرة تشق الشجرة الى نصفين
في زمن تقزّم فيه سيف طارق الى سيفين 
أنا بحر شرير تتحطم السفن على صخوري
هل يضرك هذا ….!
هل يضرك هذا ما دمت قد أقمت سور فصل
سأظل أنا أعبر من طرق ملتوية لاهثا لقمة الجبل
وعيون حيفا تتبعني
تلازمني في حلي وترحالي 
وأنفاسها دوما في خيالي
رغم ما احمله لها من غرام
أزورها مرة في كل ألف عام
ودعتها مذ أن كانت طفلة
تحتضن قطع الحلوى وتنام
قرمزية
بلون الغروب في خط الأستواء
أشبع من شفتيها لحد الأرتواء
يسكنها آلاف البشر
يسقط على أسطح بيوتهم 
رذاذ من مطر
شاخت تنتظر قميص يوسف الأن
تسأل الله حسن الختام
تنام على زلزال
نزفت دماؤها وما تزال
لا تسرف في الحياة
قهرت الموت
أسمع في صوتها
صرخات الوحوش الكاسرة
جذوة التطلع في عينيها الخضراوين
تحولت الى رماد
بحورها سواحل بلا ماء
تحوم عليها طيور سوداء
تغيب شموسها على قمم الجبال
يبرد الهواء
الأشباح تتبخر مع الفجر
وتتألق ملايين النجوم في السماء
مثل هذه الأرض
لا تنبت الا الأنبياء
غدا في حيفا 
يصير الحفيد أبا
والأب جدّا
يرتقون الى السماء
على سلَّم من الحبال
يُخضعون الشمس
وتجدد على هذه الأرض الآمال

حيفا امرأة قرمزية اللون
بكى على صدرها التاريخ
بكاء امرأة تحت رجل عند الفجر
امرأة من نيجيريا
تزوجت على ظهر السفينة بروسيّ
دخلا فلسطين ُجنبا
على وجههما الشيطان
فطارت من رأسهما الكتب السماوية
توراة وأنجيل وقرآن
فقتلا صبيا في الأقصى
كان يعبد الرحمن
تمرد على تاريخ قوّاد
وأدّعى أنه ابن كنعان
أحسست بها كيانا هشا
لن يقوى على البقاء
تمهّلتُ على باب غرفتها
فطارت من الفرح الممزوج بالحزن
والكآبة
وأضاء ذلك الوجه الجميل
الذي كان عليه نقابان :
نقاب من التبذل الظاهر
ونقاب من الألم الخفي
وأشرق بنور سماوي
وحدّقت فيّ بعينيها العجيبتين
وفيهما لمعة الفرح
وفيهما حملقة الذعر 
توهمتها من طهر عينيها
زنبقة من زنابق الجبل
بيضاء كالثلج
نقية كالندى
لم يمسسها إلا نسيم الأصيل
ولم تبصرها إلا عين أمها
وأختفت حيفا
وكادت من الحياء
يدخل بعضها ببعض
وصار وجهها بلون الجمرة
ثم تكلمت بصوت خافت
كأنه آهات مكتومة
لم أتبينها حتى دنوت منها
ولفحت أنفاسها وجهي
وغابت وراء الأفق
وأنا لا أزال أرى تلك النظرة
التي ودعتني بها
لن أنساها أبدا
ولن أنسى أني تركتهم يأخذونها
وأنا حي
وأني كنت جباناً
وكنت نذلاً كالآخرين …

تابعونا على فيسبوك
تصميم وتطوير: ماسترويب 2017