يوسف فقيه - وكالة سند للأنباء
لم يشفع مرض السرطان للأسير محمود أبو وردة (44 عامًا) من مخيم الفوار بمحافظة الخليل، أمام سطوة سلطات الاحتلال الإسرائيلي، التي أقدمت على اعتقاله قبل شهور، وأوقفت خطته العلاجية، رغم معرفتها بمرضه.
واعتقل "أبو وردة" في شهر تشرين أول/ نوفمبر الماضي، بعد نحو خمسة أشهر من الإفراج عنه من اعتقال سابق، وحولته محاكم الاحتلال إلى الاعتقال الإداري.
وأصيب "أبو وردة" بورم سرطاني في إحدى كليتيه خلال اعتقال سابق له العام الماضي، في ظل إهمال طبي واضح داخل السجون، لكنه سرعان ما التزم بخطة علاجية مكثفة فور خروجه من السجن، قبل أن يعاد اعتقاله مرة أخرى، ما أدى لتوقف علاجه في ظل حاجته الماسة للمتابعة الطبية الحثيثة.
وتضاف حالة المعتقل "أبو وردة" الذي قضى عشرة أعوام في سجون الاحتلال لفترات متعددة، إلى 18 أسيرًا يواجهون السرطان وأوراما بدرجات متفاوتة.
قلق متزايد
وتعيش عائلة الأسير "أبو وردة" حالة من القلق المتزايد على ابنها، في ظل تمديد اعتقاله الإداري لأربعة أشهر جديدة رغم تدهور وضعه الصحي.
ويوضح شقيقه إحسان أبو وردة، أن الاعتقال الإداري لشقيقه المصاب بالسرطان جاء خلال فترة علاجه من المرض، ورغم تدهور الوضع الصحي تم تمديد اعتقاله أربعة أشهر.
ويُشير في حديث مع "وكالة سند للأنباء"إلى أن "اكتشاف إصابته بالمرض تم خلال فترة اعتقاله السابق، وخلال الأشهر الخمسة التي قضاها بالخارج كان يخضع للعلاج، والمتابعة الحثيثة مع الأطباء".
لكن الاحتلال أصرّ على اعتقال "أبو وردة" رغم معرفته بتفاصيل وضعه الصحي، ويلفت شقيقه إلى أن حرمانه العلاج سيُدخلهم في "دوامة الإهمال الطبي المتعمد ضد الأسرى".
تمثّل الإهمال واضحًا خلال زيارة عائلته له قبل نحو 10 أيام، عن ذلك يتحدث شقيقه: "لقد كان بوضع صحي متدهور، وأكد لنا أنه لم يُعرض على أي طبيب متخصص بالأورام خلال فترة اعتقاله الأخير".
ويُردف بنبرةٍ مؤلمة: "كنا في صراع مع الزمن لتقديم العلاج المناسب له حتى لا يزيد حجم الورم، لكنه اليوم أمام مصير مجهول وقلق كبير بأن يلاقي مصير غيره من الأسرى الذين عادوا لذويهم جثثاً هامدة بفعل سياسة الإهمال الطبي".
جريمة بقرار مسبق
إلى ذلك يقول مدير هيئة شؤون الأسرى والمحررين نجاجرة، إن "سلطات الاحتلال تمارس سياسة ممنهجة بالإهمال الطبي عبر وسيلة ابتزاز ومساومة الأسرى، ومحاولة إشعارهم إنه لا قيمة إنسانية لهم".
ويُشدد "نجاجرة" لـ"وكالة سند للأنباء" أن حالة الأسير "أبو وردة" "تمثل جريمة منظمة بقرار مسبق بمنع العلاج، وليس فقط الإهمال الطبي، حيث إن مرضى السرطان يعالجون عبر بروتوكول طبي وعلاجي محدد، وعدم الالتزام به يزيد من تفاقم المرض واستفحاله، وهو ما يواجهه الأسرى المرضى بشكل ممنهج".
ويؤكد "ضيف سند"، أن منع تقديم العلاج المناسب للأسرى المرضى "جريمة منظمة تضاف إلى جريمة الاعتقال الإداري"، مطالبًا بالتدخل الدولي الفوري من أجل الإفراج عن الأسير "أبو وردة" والأسرى المرضى ورفض استمرار اعتقالهم.
ويبلغ عدد الأسرى المرضى في سجون الاحتلال 600 أسير، من بينهم 4 أسرى مصابون بالسّرطان، و14 أسيراً على الأقل مصابون بأورام بدرجات متفاوتة، من بينهم الأسير فؤاد الشوبكي (81 عاماً)، وهو أكبر الأسرى سنّاً.
ومن أبرز أسماء الأسرى المرضى القابعين في سجن "عيادة الرملة": خالد الشاويش، منصور موقدة، معتصم ردّاد، ناهض الأقرع، وناصر أبو حميد، علماً أنّ غالبيتهم يقبعون فيها منذ اعتقالهم، ويواجهون أوجاعهم التي تحتاج أغلبها لعملياتٍ جراحيةٍ فوريةٍ ومعقدة، بـ "المسكنات" فقط.