أُطلق في مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية، اليوم الأربعاء، كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" للأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، راتب حريبات.
ويقع الكتاب في جزأين، يروي فيهما الأسير قصصا مع سياسة إدارة سجون الاحتلال المتمثلة في الإهمال الطبي المتعمد، التي عايشها خلال تواجده في عيادة سجن الرملة، حيث كان يقدم الرعاية والعون لرفاقه من الأسرى المرضى.
قصص واقعية شاهدة على التاريخ..
إقرأ أيضاً
مصير مجهول.. كابوس يلاحق عائلات الأسرى المرضى في السجون
وقال الأسير حريبات في رسالة وجهها من داخل السجن، إنه يوثق في هذا الكتاب "بالريشة والقلم والدمع والدم" مجموعة قصص واقعية يومية يعيشها الأسير، وليكون شاهدًا على التاريخ والزمان ولتتناقله الأجيال.
وأكد أن الكتاب يرصد من خلال تجارب وقصص واقعية، ممارسات الاحتلال التي ثبت بالدليل القاطع أن "إدارة السجون ما هي إلا عصابة تحاول بكل ممارساتها التضييق على الأسرى خاصة المرضى، ضمن سياسة الإهمال الطبي المتعمد".
ونوه إلى أن إدارة السجون تستخدم تلك السياسة "كسيف مسلط على رقاب المرضى وسلاح فتاك لتصفيتهم، وهي تتعمد في أحسن الأحوال إعطاء الأسرى مسكنات، وترك المرض ينهش أجسادهم النحيلة أصلا بفعل سنوات الغياب".
وطالب المؤسسات الدولية بالتدخل العاجل والفوري لإنقاذ "من ينازعون الموت ويتلوعون وجعا وقهرا"، وعلى رأسهم الأسيران المريضان بالسرطان وليد دقة وعاصف الرفاعي.
وأكد أن الأسيرين دقة والرفاعي "يواجهان الموت في أية لحظة، وكل ثانية تمر عليهما دون علاج تعجل في رحيلهم، وبدلا من أن يخرجا للحرية والعلاج يخرجان محمولين على الأكتاف".
واعتقل جيش الاحتلال، الأسير راتب حريبات في 31 تموز/ يوليو عام 2002، وحكم عليه بالسجن لمدة 22 عاماً، وهو في عامه الأخير في سجون الاحتلال.
تجربة فريدة..
من جانبه، بدوره، قال رئيس نادي الأسير الفلسطيني قدورة فارس، إن إشهار أو إصدار كتاب يلخص تجربة فريدة بهية يجب أن يمثل دائما مصدر فخر وكبرياء لكل شعبنا.
وأفاد فارس في تصريحات صحفية حول الكتاب، اليوم: "راتب حريبات، وغيره من الأسرى يقدمون النموذج الحقيقي للمناضل، الذي يجب أن ينحاز إلى الخير بكل تجرد، ويقف أمام الظلم ولديه القدرة على أن يُحدث التغيير".
وأضاف أن عيادة سجن الرملة، لقبها الأسرى بـ "المقبرة"، وأطلقوا عليها مسميات تليق بها كمكان يُستخدم فيه القتل البطيء.
وشدد على أن "الكتاب يمثل وثيقة مهمة تعكس الألم وتصف تجليات المناضل الذي يرى بنفسه منخرطا في عملية كفاحية نضالية، ويحول المكان الذي هو فيه إلى ساحة اشتباك".
وأشار فارس إلى أن الحركة الأسيرة والحركة الوطنية بحاجة إلى النموذج والقدوة الحسنة المتمثلة في الأسير راتب حريبات، الذي يمكن أن يستلهم الجيل الناشئ من تجاربه النضالية والإنسانية.
واعتبر أن سياسة الإهمال الطبي "جرحا نازفا للحركة الأسيرة".
ونبه: "يقدم الأسير حريبات في كتابه قصصا لأسرى اعتُقلوا بعد إصابتهم برصاص الاحتلال أو خضعوا لعمليات جراحية، فيقوم هو بتذكيرهم بمواعيد الدواء ويسهر على خدمتهم، ولا يقوم بهذا إلا من هو أقرب إلى قديس".
صرخة ووثيقة دامغة..
وذكر رئيس المكتبة الوطنية الفلسطينية، عيسى قراقع، أن كتاب "لماذا لا أرى الأبيض؟" يجسد حقيقة أنه لا يوجد ما هو أبيض في سجون الاحتلال؛ "فكل شيء أسود ورمادي، وكل شيء فظيع ومظلم".
واستعرض قراقع في تقديمه للكتاب القصص التي وثقها الأسير حريبات، والتفاصيل الكثيفة لهذه القصص.
ولفت النظر إلى أن حريبات كرس نفسه لمدة أربعة أعوام في خدمة الأسرى المرضى من ذوي الحالات الصعبة، وعاش الألم وعاش الصرخات والمعاناة الحقيقية التي يعيشها الأسرى المرضى داخل سجون الاحتلال.
وأضاف قراقع: "هو يقول بشكل واضح أن هؤلاء الأسرى يتعرضون للاغتيال والتصفية، نتيجة ما يسمى إهمالا طبيا، وهو عايش أسرى استُشهدوا بين أحضانه في ذلك القبو أو في ذلك الغيتو، الذي لا يدخله أسير ولا يخرج منه إلا والمرض قد تفاقم حتى الموت".
واعتبر أن الكتاب يشكل صرخة من أجل فتح الملف الطبي لمئات من الأسرى المرضى في سجون الاحتلال، وهو شهادة ووثيقة دامغة يجب أن توضع على طاولة المحكمة الجنائية الدولية.